بشعرها القصير الناعم فاتح اللون، وملابسها الأنيقة وقوامها الممشوق، دائمًا ما تظهر أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري إلى جوار بشار الأسد، وخلال زيارات تنشرها الوكالات السورية الرسمية لضحايا الحكومة السورية وذويهم الذين أصيبوا في الحرب الدائرة منذ عام 2011، والمتهمة فيها عائلة الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. لكن اليوم، كانت الصورة مختلفة فكانت هي من تتصدر المشهد وهو من يقف إلى جوارها، حيث نشرت الرئاسة السورية صورة لأسماء الأسد وهي تتلقى العلاج من مرض "خبيث" في الثدي، وبشار الأسد يحادثها مبتسمًا. كتب الحساب الرسمي للرئاسة السورية: "بقوة وثقة وإيمان.. السيدة أسماء الأسد تبدأ المرحلة الأولية لعلاج ورم خبيث بالثدي اكتشف مبكرا". ثم نشرت تغريدة أخرى على لسان أسماء الأسد وهي داخل المستشفى جاء فيها: "أنا من هذا الشعب الذي علّم العالم الصمود والقوّة ومجابهة الصعاب.. وعزيمتي نابعة من عزيمتكم وثباتكم كلّ السنوات السابقة". طوال سنوات الحرب السورية ووسط عمليات القصف الحكومي ضد المعارضة السورية المسلحة والتي سقط خلالها الآلاف من القتلى المدنيين، كانت الصورة المرسومة لأسماء الأسد هي الإنسانية المهتمة بالضحايا وخصوصا النساء والأطفال من أقارب رجال الجيش السوري. لكن الدماء التي أزهقت على يد الحكومة السورية بداية من الانتفاضة تنهي هذه الصورة الإنسانية لزوجة الرئيس باتت باهتة تماما، في الدولة التي أنهكها الصراع، الذي اضطر فيه الأسد إلى اللجوء إلى روسيا وإيران ومجموعات مسلحة شيعية مثل حزب الله من أجل مواجهة المجموعات المسلحة المعارضة والتنظيمات الإرهابية التي انتشرت على الأراضي السورية، قبل أن يستعيد أغلب الأراضي الجيش السوري مرة أخرى. أسماء الأخرس مولودة في عام 1975، ابنة طبيب قلب سوري يدعى فواز الأخرس، وأمها هي الدبلوماسية السورية السابقة سحر العطاري. أسرتها عاشت في مدينة حمص، لكن أسماء قضت طفولتها في ضاحية أكتون بالعاصمة البريطانية لندن. تلقت تعليمها في مدرسة خاصة بالإناث هناك، ثم أكملت دراستها الجامعية في علوم البرمجيات والأدب الإنجليزي، قبل ان تنهي دراستها وتختار مجال الاقتصاد لتعمل موظفة مصرفية. خلال حياتها في العاصمة البريطانية تعرفت على طبيب العيون الذي كان يدرس هناك، بشار الأسد، نجل الرئيس السوري حافظ الأسد الذي حكم بلاده بقبضة حديدة. عملت بعد تخرجها في أحد البنوك وكمحللة اقتصادية في مجموعة "جي بي مورجان" البنكية ومقراتها في لندن ونيويورك. ثم تخلت عن الحصول على ماجيستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد كي تتزوج من بشار في عام 2000. في عام 2011، نشرت مجلة "فوج" تقريرًا عن أسماء الأسد ووصفتها فيه بأنها "وردة في الصحراء"، و"الأعذب والأكثر جاذبية بين السيدات الأُول. وصفت المجلة الأسد وزوجته بأنهما تقدميين وأذكياء، لكن النسخة تم رفعها من على الشبكة العنكبوتية بعد هجمات الأسد الدموية ضد معارضيه. هذه الصورة الوردية عن أسماء الأسد تبدلت تماما بسبب دعمها الدائم لزوجها الذي تلوثت يداه في الحرب السورية بالدماء. وطالما صرحت أنها تقف بجوار زوجها "لأن إيماني لا يقول لي شئ آخر." وأثنت على الأسد ووصفته بأنه رجل "كريم" يتعامل مع الحكم كوالده "بجدية شديدة جدا". وجه أسماء الأسد الجميل والهادئ لم يتمكن من تغيير حقيقة المرأة التي وقفت خلف زوجها الذي وصفته صحف عالمية بالديكتاتور الوحشي خلال السنوات السبع الماضية. وطالما سببت تدوينات أسماء الأسد عبر مواقع التواصل الاجتماعي غضب كبير، ففي اليوم الذي يعتقد أن زوجها قصف مدينة خان شيخون في عام 2017 بأسلحة كيميائية، نشرت أسماء صورة ترتدي فيها زيًا أبيض اللون بدوائر سوداء، وتحمل على وجهها ابتسامة. وعلق أحد المستخدمين على هذه الصورة آنذاك قائلًا "كيف تقومين بنشر هذه الصورة السخيفة، في وقت ترتكبون فيه أعمالًا وحشية ضد شعبكم؟ هل أنت بهذه البلاهة؟ أم الشر؟" ونقل موقع فوكس نيوز الأمريكي عن المحلل أندرو تابلر إن حسابات أسماء الأسد التي لا تتوقف عن نشر صور وجهها الجميل، وسواء كانت تديرها هي أم الحكومة السورية، فإنها ضمن حملة موجهة للعامة والمواطنين العاديين في محاولة لإظهار أن الأمور مستقرة في سوريا. بينما رأى دافيد ليتش، أستاذ التاريخ بجامعة ترينيتي بولاية تكساس الأمريكية، أن الصورة الإنسانية المنشرة عن أسماء الأسد وتحاول الترويج لها الحكومة هي محاولة لإظهار الثقة وأنهم يكسبون المعارك. ويتماشى رأي ليتش مع إظهار الحكومة السورية لصورة أسماء الأسد اليوم والكشف عن إصابتها بسرطان الثدي، وسط الانتصارات الكبيرة للجيش السوري على الأرض ضد المجموعات المعارضة والمنظمات الإرهابية. فحينما كتب أستاذ التاريخ ومؤلف كتاب "سقوط بيت الأسد"، كان الجيش السوري يواجه صعوبات كبيرة وكانت تغريدات حسابات أسماء الأسد والحكومة السورية لا تتوقف عن نشر صورها مع الأطفال والنساء السوريات. ومع سيطرة الأسد تقريبًا على كل الجنوب السوري وطرد تنظيم داعش من معاقله الرئيسية، نشرت الرئاسة السورية خبر إصابة أسماء الأسد، لكنها أيضًا ظهرت بجوار زوجها مبتسمين، في إشارة إلى أن ما لم تفسده الحرب والدماء والأرواح التي أزهقت طوال السنوات الماضي، لن يوقفه السرطان.