يعيش أكثر من نصف مليون نازح عراقي في الخلاء والعراء مع دخول فصل الشتاء بعد مرور عام على بدء العملية العسكرية في الموصل والتي انتهت بطرد عناصر داعش من ثاني أكبر المدن العراقية. وقدرت منظمة حقوقية أوروبية نحو 673 ألف عراقي من الموصل والمناطق المحيطة بها مشردين وغير قادرين على العودة إلى أحيائهم المدمرة، ومن الممكن أن يكون أكثر من نصف هؤلاء قد فقدوا وثائقهم المدنية الرسمية -من شهادات الميلاد إلى صكوك الملكية- الأمر الذي سيجعل إعادة بناء حياتهم أكثر صعوبة. تقول مديرة المجلس النرويجي للاجئين في العراق هايدي ديدريش، الأحد "انتهت معركة الموصل، ولكن مئات الآلاف الذين فروا من المدينة لا يزالون يعانون القهر واليأس. كما أن بعض الناس الذين نعمل معهم لا يزالون يفتقدون بعض الضروريات الأساسية وليس لديهم أية فكرة عما اذا كانوا سيعودون إلى ديارهم". واستولى تنظيم داعش على الموصل عام 2014 في عملية سيطروا خلالها على أجزاء واسعة من العراق وسوريا المجاورة. وبدأت معركة تحرير الموصل في 17 أكتوبر من العام الماضي واستمرت إلى شهر يوليو الماضي عندما أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تحرير كامل المدينة من سيطرة داعش. وبحسب بيان للمجلس النرويجي للاجئين تلقى مصراوي نسخة منه، الأحد، كشف تقييم أجراه المجلس في سبتمبر بين النازحين العراقيين من الموصل والمناطق المحيطة أن 53 في المئة من المجيبين قالوا إنه ليست لديهم وثائق مدنية. وشف التقييم أن غالبية القاطنين خارج مخيمات النزوح يجدوا أنه من المستحيل دفع الإيجار، وسيتعين على العديد من الأسر تقاسم بيت واحد معاً. وأبلغوا عن مخاوفهم الرئيسية التي تشمل عمليات الإخلاء القسري، وعدم القدرة على دفع تكاليف الإيجار المتزايدة. وقالت غالبية النساء أنهن يشعرن بالقلق إزاء المستقبل. فلم يسجلن أطفالهن في المدارس لأنهن لا يعرفن إذا كن سيعدن إلى ديارهن أم لا، إضافة إلى أن دخلهن متدنٍّ جداً. أفاد الرجال في التقييم بأن الافتقار إلى فرص العمل هو مصدر قلقهم الرئيسي، وأن إرسال الأطفال إلى العمل هو أحد سبل التصدي لذلك. وأوضحت جميع النساء اللواتي تمت مقابلتهن تقريباً أن نقص المأوى والمياه والخدمات الصحية يمثلون أكبر احتياجاتهن غير الملباة. وقال المجلس النرويجي إن "السبب الرئيسي لمواصلة البقاء بعيداً عن مناطقهم الأصلية هو الافتقار إلى سبل كسب العيش وفرص الدخل، حيث أصبح العنف وانعدام الأمن الشاغل الرئيسي الثاني. وعندما سئلوا عن خططهم المستقبلية، أجاب غالبيتهم بأن كل ذلك يتوقف على الوضع في الموصل". وأضافت مدير المجلس في العراق: "بعد ثلاث سنوات من العيش تحت الحكم الوحشي لتنظيم داعش، وبعد مرور سنة على بدء المعركة لاستعادة المدينة، تستمر مأساة المدنيين العراقيين حتى يومنا هذا، وإلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم". وطالبت المجتمع الدولي بالاستمرار في التضامن مع العراقيين المشردين. وشددت على أن تكون حقوق النازحين العراقيين في طليعة هذه جهود وخطط الحكومة الخاصة بإعادة بناء الموصل.