ما يزيد عن نصف قرن لم يقل فيها عشقه للسينما، التي يحاول أن يعيدها لمسارها الصحيح بكل مقال نقدي يكتبه عما تقدمه للجمهور، تذخر المكتبة العربية بإصداراته التي تجاوزت 50 كتابا ما بين مُترجم ومُؤلف، يعتبرونه رسول يفك الغموض الذي قد يقابله الجمهور في بعض الأفلام، يضع يدك على نقاط مضيئة في الفيلم، ويشير بقلمه الصادق على نقاط الضعف في العمل الفني حتى يقع فيها صناع السينما مرة أخرى، هو عميد النقاد السينمائيين العرب، الناقد الكبير سمير فريد. ولد سمير في شهر ديسمبر عام 1943 في القاهرة، والتحق بقسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية ليتخرج عام 1965، وبدأ عمله كصحفي في جريدة الجمهورية، وتبدأ رحلة أحد أهم النقاد في تاريخ السينما العربية، جاب العديد من المهرجانات السينمائية كضيف أساسي، فكانت استضافته ومشاركته في لجان تحكيم كبرى المهرجانات في العالم بمثابة الاعتراف الرسمي بوجودنا على خريطة هذا الفن الراقي الذي لا يقل أهمية عن الفيلم السينمائي، طالما كان صادقا ويسعى للنهوض بالفن السابع. لم يكن من بين من يسيرون مع التيار، هو لا يعرف سوى ما يؤمن به، لذلك كان على النقيض ممن وصفوا ثورات الربيع العربي بأنها كانت وبالا على السينما العربية، فتحدث في كتابه "ربيع السينما العربية" عن ما قدمته السينما بعد هذه الثورات وتناول بالشرح والتحليل أبرز الافلام التي تحدثت من قريب أو بعيد عن الثورة، إلى جانب أشهر الافلام التي أنتجت في هذه السنوات، وأعلنها في ندوة الاحتفاء به وبكتابه في الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي "مازالت مؤمنا بثورات الربيع العربي رغم كل المآسي". لم يكتف فريد بأن يتسلح بالقلم، ويمتع القارئ المهتم بالسينما بمقالاته النقدية، ولكن شارك على أرض الواقع في تأسيس جمعية نقاد السينما المصريين، التي أعلنت قبل يومين عن إطلاقها جائزة باسمه في كل المهرجانات التي تشارك ضمن لجان تحكيمها، تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دورتين متتاليتين في 2013 و2014، وهي الفترة العصيبة التي كان يمر بها المهرجان فبذل قصارى جهده لإنجاح المهرجان بأقل الإمكانات حتى لا تُسحب صفته الدولية. حصل فريد على جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، ومنحه مهرجان كان ميدالية ذهبية بمناسبة الدورة الأخيرة في القرن العشرين، وحصل مؤخرا من مهرجان برلين على "كاميرا برلينالي" تقديرا لإسهاماته في مجال النقد. سمير فريد رحل عن عالمنا مساء اليوم بعد رحلة مع مرض السرطان، حرص ان يبقى فيها بشوشا رغم الألم الذي يعاني منه، لتظل ابتسامته وموضوعيته أول ما يتذكره صناع السينما ما بقيت.