جامعة جنوب الوادي تدعو طلابها للمشاركة في "مسرح الحياة" لتعزيز الدمج المجتمعي    وزير الري يبحث إضافة مواقع سياحية جديدة لمنظومة السد العالي -صور    الكلية الفنية العسكرية تعلن بدء تلقي المقترحات البحثية للحاضنة التكنولوجية للأطراف الصناعية    أسعار الذهب ببداية تعاملات اليوم الثلاثاء 20- 5- 2025    الثلاثاء 20 مايو 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة اليوم 20-5-2025    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    «سوميتومو» تفتتح مصنعاً جديداً للضفائر الكهربائية للسيارات بالعاشر من رمضان    «إيلاب» تحقق أعلى إنتاجية بتاريخها من مادة اللاب خلال 2024    الإسكان: الإعلان عن طرح 15ألف وحدة سكنية لمتوسطى الدخل غدا    رئيس الوزراء القطري: التنسيق مستمر مع مصر وأمريكا لوقف حرب غزة    مصر كانت وستظل في مقدمة المدافعين عن فلسطين.. ورفض التهجير موقف لا يقبل المساومة    تونس وقطر تؤكدان وقوفهما مع الفلسطينيين ورفض تهجيرهم    تطورات مفاوضات الزمالك مع مهاجم منتخب العراق    محافظ بورسعيد يوافق على تأجيل قبول استقال كامل أبو علي من رئاسة المصري    متحدث الزمالك: لن نتوقف عن التصعيد بشأن أزمة نقاط القمة.. ومتضامنون معنويًا مع بيراميدز    "رمز حقيقي".. أول رد من الزمالك على تمرد السعيد.. والتضامن مع بيراميدز    ضبط 3 متهمين بتهمة غسل 120 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    فتح باب التقديم على وظائف بالمدارس المصرية اليابانية للعام المقبل    جميع المواد.. النماذج التجريبية للثانوية الأزهرية 2025    ضبط 3 أشخاص حاولوا غسل 120 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    بعثة الحج تخصص فرقًا لرعاية كبار السن وتيسير أداء المناسك وسط خدمات متكاملة    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل وتركيب الشعر الصناعي بالعجوزة للعمل دون ترخيص ويديرها منتحل صفة طبيب    ضبط «سايس» فرض رسوم مالية على المواطنين دون وجه    65 دولة تشارك في احتفالية "شاي وكاريكاتير" بمكتبة مصر العامة    وزير الصحة يبحث مع نظيرته السلوفينية سبل التعاون في العديد من المجالات الطبية    خالد عبدالغفار يلتقى وزيرة صحة سلوفينيا لبحث التعاون في العديد من المجالات الطبية    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. وقوات الاحتلال تعتقل 10 فلسطينيين من الضفة    القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية    الاتحاد ضد الشباب في الدوري السعودي.. الموعد والتشكيل المتوقع    الأهلي ضد الزمالك.. الموعد والقناة الناقلة لقمة كرة السلة    مدرب وادي دجلة: أتحفظ على قرار إلغاء الهبوط لهذا السبب    «الأرصاد»: أجواء ربيعية تسود البلاد وسط انخفاض في درجات الحرارة اليوم    غزل المحلة يتواصل مع محمد رمضان لشغل منصب المدير الرياضي    في ذكرى وفاتها.. ميمي شكيب أيقونة الشر الناعم وسيدة الأدوار المركبة التي أنهت حياتها نهاية غامضة    المتحف المصري الكبير يستضيف فعاليات ملتقى التمكين بالفن    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    وزير التعليم العالي يبحث مع سفيرة قبرص دعم علاقات التعاون الأكاديمي والبحثي    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    منظمة الصحة العالمية تعلن قضاء مصر على طفيليات الملاريا البشرية    طريقة عمل الفراخ البانيه، بقرمشة لا مثيل لها    حملات مكثفة لتجميل ونظافة وكنس الشوارع ورفع القمامة بنطاق غرب المنصورة    ترامب يلمح إلى إخفاء إصابة بايدن بسرطان البروستاتا عن الرأي العام    رحيل "أم إبراهيم"... الدراما السورية تودّع فدوى محسن عن 84 عامًا    ياسمين صبري تكشف كواليس تعاونها مع كريم عبدالعزيز ب«المشروع X»    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''لا مكان للسلام هُنا''.. كيف يمر الوقت داخل حصار حلب؟
نشر في مصراوي يوم 21 - 11 - 2016

يضبط أمير الحلبي المنبه يوميا على الساعة التاسعة صباحا، لكنه يستيقظ قبل ذلك الميعاد بسبب ارتجاجات القصف على الحي الذي يقطن به في شرق حلب. الحياة داخل المدينة كئيبة. لا فرار من براثن الحرب. حلب صارت سجنا كبيرا. يمكث أمير مع نفس الأشياء والأشخاص، غير أن الوجوه التي يقابلها تختفي ساعة بعد الأخرى.
منذ 3 أشهر تفرض قوات النظام السوري، حصارا على حلب الشرقية التي تحكمها المعارضة، حيث تم تكثيف القصف الجوي من الطيران السوري والروسي، ومنع إدخال المواد الغذائية عن حوالي 250 ألف شخص يعيشون في المدينة.
قبل الحصار بشهر قُتل والد أمير ذو ال21 عاما في قصف جوي، بينما يُسعف الجرحى كأحد متطوعي مجموعة "الخوذ البيضاء". بعد وفاته انقلبت حياة الابن رأسا على عقب. صار عليه تدبير أمور المنزل لوالدته وأخته، بداية من الطعام وانتهاءً بالكهرباء. يحاول اصطناع الجلد أمام أهله، لكن بداخله "أفتقد القوة اللي كان والدي عم يعطيها لي".. حسبما يقول لمصراوي.
التصوير هو عين الشاب. بدأه عام 2013 حينما رأى مواطنين يحفرون الركام بأظافرهم لإخراج الأطفال من أسفل الأنقاض "وقتها قلت صار لازم وثّق اللي بيحصل في سوريا"، فانضم للعمل في وكالات صحفية مختلفة آخرها الفرنسية.
ينقسم يوم أمير بين العمل والبقاء مع الأسرة والأصدقاء، ووسط ذلك يُركز جهده على الطعام، فالحصول عليه أشبه بمطاردة وحش أسطوري "المواد في بيتي تكفيني لعشرين يوما أخر.. ويمكن بعدها أموت من الجوع"، منذ شهرين لا يأكل أمير إلا المعكرونة والأرز فقط.
لا خُضروات في حلب، إلا بعض البقدونس والسبانخ. الأسواق شبه خالية، حسبما يروي الشاب، حتى أنه يُمازح أصدقائه قائلا: "لما تخلص الحرب عم بأكل عشرين فروجة (دجاجة) في اليوم".
لم تتمكن الأمم المتحدة من إدخال أي مساعدات إنسانية لحلب منذ يوليو الماضي. يقول أمير إن طفلة تُوفيت بسبب الجوع خلال الأيام الماضية، في الحي حيث يقطن. يعتمد المواطنون في المدينة على ما اكتنزوه قبل بدء الحصار، وليست لديهم خطط بديلة لنفاذ الغذاء.
منذ أيام أعلن يان إيغلاند، رئيس مجموعة العمل الخاصة بالمساعدات الإنسانية في حلب، عن أن المواد الغذائية التي توزعها المجموعة داخل حلب أوشكت على النفاذ خلال أسبوع، داعيا القوات الروسية والسورية لفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدت الإنسانية وإخراج الجرحى.
"عن نفسي لو خُيرت بين الموت والإصابة سأختار الموت.. لا يوجد أطباء مختصين بجميع المجالات داخل حلب وهناك نقص في الأدوية".. هكذا يصف المصور الأوضاع. في الوقت نفسه أعلنت مديرية الصحة في المدينة، السبت الماضي، عن توقف العمل داخل كل المستشفيات، جراء القصف الممنهج.
عايش أمير الموت مرارا؛ كان يوُثق القصف الشديد في حي باب النيرب بالكاميرا، حينما سمع صوت الطيران القريب، لم تمر ثوانٍ حتى وقع صاروخ على بُعد 25 مترا منه. صراخ وعويل وأطفال تئن، من جاء لمساعدة المصابين صار مثلهم "رأيت رجل يحمل يده الأولى التي قطعت بيده الثانية، رجل عندما حملوه الى سيارة الإسعاف يصرخ ويريد رجله المقطوعة المُلقاه على الرصيف، أم تبكي طفلها مقطوع الرأس".. سقط في محيط المُصور ما يُقارب ال50 قتيلا ومثلهم من المصابين.
"كسب العيش" ليس يسيرا في المدينة المُحاصرة، فبجانب الموت الرابض على قارعة الطرق، ليس هناك كهرباء إلا ساعتين في اليوم "كانت قبل الحصار بتيجي 13 ساعة يوميا"، أما الآن فقد أعلن صاحب مولد الكهرباء الوحيد الموجود في حي أمير، أن المازوت سينفذ تماما خلال أيام. في المقابل لا يستطيع الشاب استيعاب أسعار الأشياء المُتاحة؛ إذ وصل سعر أنبوب الغاز إلى 200 دولار، بينما السيجارة الواحدة بعشرة دولارات.
دعت الأمم المتحدة أكثر من مرة إلى إيقاف الضربات الجوية لإيصال المساعدات الإنسانية لحلب الشرقية، ورغم عدم الاستجابة لذلك، إلا أن السكان لا يبتغون الرحيل، حتى بعدما عُرض عليهم الخروج من قبل النظام السوري "لأنهم بيعرفو أكاذيب النظام على مدار ال6 سنوات".
استياء الشاب السوري وآل حلب ليس ضد الرئيس بشار الأسد وروسيا فقط. ففي أول أكتوبر الماضي اجتمع مجلس الأمن لخلق هدنة في حلب، غير أن الاجتماع لم يخرج بجديد، لذا اتسع غضب أمير ليشمل العالم كله "العالم تافه حد الوقاحة، الجميع يكمل حياته بشكل طبيعي ولا يبالي بنا".
لا يعرف المُصور السوري مآل الأوضاع بمدينته. يجتهد يوميا كي يعود لوالدته غير مُصاب. يستغل بضعة ساعات قد يهدأ فيهم القصف ليلعب الكرة مع أصدقائه في الشارع، بعدما صار لعبها إلكترونيا مُستحيلا "ما عنا رفاهية البلاي ستيشن وفيه أزمة محروقات". يُلملم أمير أحلامه كي ينفذها إذا ما انتهت الحرب؛ أن يُكمل دراسته التي تركها مُرغما بالصف الثالث الثانوي، ثم يعمل كطبيب نفسي.
مع نهاية اليوم يُمسي أمير مُنهكا.. بين الركض للتصوير أو لشحن بطارية هاتفه ثم السعي وراء قوت اليوم. قدماه ثقيلتان وجفناه يريدان النوم، لكن الأمر ليس بتلك السهولة "الكوابيس بتضل تلازمني عن القصف". فوق سريره يتذكر يوم استيقظ مُتعرقا على صاروخ قريب من داره وجثث تملأ المكان، يعانده النوم والخوف، فيأمل ألا يسمع ذلك الصوت مرة أخرى أبدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.