الضرائب توضح عقوبة فرض المطاعم والكافيهات غير السياحية 14% قيمة مضافة على الفاتورة    جولة للأطفال بقصر محمد علي ضمن احتفالات قصور الثقافة باليوم العالمي للمتاحف    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة الشيوخ بشأن طلب مناقشة عامة حول قانون التحكيم    تراجع أسعار الذهب اليوم الإثنين بالتعاملات المسائية    22 دولة تدعو إسرائيل لاستئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة فورا    "إذا كانت صادقة".. بزشكيان: مستعدون لتقديم ضمانات لواشنطن بشأن البرنامج النووي    برايتون ضد ليفربول.. محمد صلاح يقود هجوم الريدز في الدورى الإنجليزي    محمد صلاح يقود هجوم ليفربول أمام برايتون في الدوري الإنجليزي    آل الشيخ يترأس اجتماع اللجنة العليا لوزارة الشؤون الإسلامية للحج    خروج عربات قطار بضائع عن القضبان في الدقهلية    البابا تواضروس: لبنان لها مكانة خاصة لدى المصريين    مهرجان القاهرة يحتفي بمئوية «فيبريسي» بالجناح المصري في «كان»    قصور.. ثقافة!    "الحياة" ترصد تفاصيل العرض الخاص لفيلم "المشروع X".. وحسام صالح: انتقال لسينما أفضل    "الإغاثية الطبية بغزة": لا يمكن للاحتلال أن يكون موزعا للمساعدات وهو يقتل المدنيين    إيرادات الأحد.. "سيكو سيكو" الأول و"نجوم الساحل في المركز الثاني    زياد بهاء الدين: محمد سلماوي نموذج للولاء للصداقة والاهتمام بالثقافة والعمل العام    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    هل يجوز توكيل شخص آخر لأداء بعض مناسك الحج عني؟.. أمينة الفتوى تُجيب    ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟.. أمين الفتوى يجيب    الأكاديمية الطبية العسكرية تنظم فعاليات المؤتمر الدولي للتمريض    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    أزمة بين عبدالله السعيد وعضو مجلس الزمالك.. وتدخل من الجنايني (خاص)    الرئيس الفلسطيني يزور لبنان الأربعاء ويلتقي نظيره جوزيف عون    خلال لقائه البابا تواضروس.. الرئيس اللبناني: مصر بكل ما فيها قريبة من قلب شعبنا    إزالة 230 حالة إشغال وتعدٍ ب السوق التجارية في إدفو ب أسوان    أول صورة لجو بايدن مع زوجته بعد إعلان إصابته بالسرطان    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    ب"طعنة في القلب".. إعدام قهوجي قتل شابًا أمام مقهى بالجيزة    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    رسميًا.. المجلس الأعلى للإعلام يتلقى شكوى الزمالك ضد إعلان "اتصالات"    الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    إصابة صاحب فرن بطعنة نافذة في مشاجرة على الخبز    محمد صلاح يكشف كواليس تجديد عقده مع ليفربول    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    انضمام نوران جوهر وزياد السيسي ل "روابط" استعدادا لأولمبياد لوس أنجلوس 2028    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    قتلى وجرحى بانفجار في جنوب غرب باكستان    الكاتب الصحفي كامل كامل: تقسيم الدوائر الانتخابية يضمن العدالة السياسية للناخب والمرشح    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطوير خطوط الإنتاج العسكرية والمدنية    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    تقارير: مودريتش يرغب في تمديد عقده مع ريال مدريد حتى 2026    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية الدخان.. أن تكون ''دون كيشوت'' القرن العشرين
نشر في مصراوي يوم 31 - 10 - 2016

يُفتح الستار بمسرح الهوسابير، أمس، هُناك شخص يجلس أمام الآلة الكاتبة، تُسلّط الأضواء عليه، بقية المسرح مُظلم، يبدأ في قص مأساته الخاصة، التي تستعرضها مسرحية "الدخان" للمخرج محمود عبد العزيز، ومؤلفها الكاتب المسرحي "ميخائيل رومان"، تقول المعلومات القليلة إنه كتبها عام 1962، ولكن تم نشرها في فبراير 1968.
مع النظر لتاريخ كتابتها، حيث كان عهد عبد الناصر في أوجه، لم تكن هناك نكسة بعد، لكن المسرحية تُطل على المشاهدين بنفس طعم الهزيمة، لكنها هُنا هزيمة فردية، فالبطل حمدي، الذي يؤدي دوره "وليد عبد الغني"، مُغرق في أحزانه الشخصية، صار عبدًا للأفيون، المنتشر في ربوع مصر.
طيلة المسرحية الدرامية، المصبوغة بمسحة كوميدية، كان حمدي يروي قصته، كنموذج للشاب المتعلم، هو خريج آداب فلسفة الذي تمكن من العمل بشركة الأصباغ الكاوية، ككاتب على الآلة، لا نراه في لحظات نجاحه، كشاب يصرف من جيبه على منزل مكون من أخت وأخ وأم، بلا وجود العائل الأساسي وهو الأب المتوفي، لكن نُشاهده في أسوأ لحظاته مُلتزمًا بسيجارة دائمة بين أصابعه، وقد انحدر مع شُربه للحشيش، خسر عمله، وتعلّقت زوجته حسنية (ندى النوبي) بذيله لمدة عام، التي عقد قرانه عليها، دون تأسيس شقة تجمعهما سويًا، كما أنه سرق المعاش الخاص بأبيه من أجل متعته الخاصة.
كانت مأساة حمدى هو حاضر العمل المسرحي، الذي وصف نفسه بأحد المشاهد "أنا دون كيشوت القرن العشرين"، اندرج اسمه ضمن روتين ضاغط، لوحش اسمه الآلة الكاتبة "اللي من أيام سيدنا نوح"، كما قال، لم يكن هناك مجال للإبداع، أو للانفلات من هذا الروتين، هو الشخص المُتفرد الذي ثقف نفسه، وكانت حواراته مع أخته جمالات (ياسمين جمال)، عن الفن والدين والفلسفة، لكنه اصطدم بواقع قاسي، حيث قابل أشباه لا موهوبين، ووصوليين، كما كانت شخصية فؤاد (لبيب عزت)، زوج جمالات، الذي لم يكن يراها سوى باعتبارها ماكينة مال.
أتى أداء الممثلون كل في مكانه بشكل جيد، لم ينقص أحد من العرض كاملًا، جاءت طلة لبيب مؤديًا دور فؤاد على المسرح تُثير ضحك المشاهدين، ليس بسبب "الإيفيهات" فحسب، ولكن طريقة نُطقه نفسها كموظف مصري أصيل، رغم أن العرض درامي بالأساس، لكن مسحة الكوميديا تلك لم تُخلّ به، كما كان أداء كريم للمعلم رمضان كوميديًا، مع ذلك الشر النابع من شخصيته، تُظهرها بحّة صوته كأداء "المعلمين" فكان هجينًا مناسبًا، وتهدج صوت حُسنية ودلالها على حمدي لتؤدي دور الحبيبة كما يكون، وبرعت ياسمين في تأدية دور الأخت المُحبة لأخيها، تُثير الشجون بين أدائها كأخت وزوجة تتمسك بشخص يراها أداة لجلب النقود، تُعبر بذلك كله عبر عينيها التي تترقرق بالدموع، فيما جاء دور الأخ فتحي كشخص عقلاني مؤمن بقدسية العلم، وهو ما أداه بولا بشكل جيد، حيث لا يظهر على ملامحه أي نوع من المعاناة، مؤديًا الدور بشئ من البرود المتعلق بشخصية الأخ نفسه، وقدّمت ريم دندش دور الأم على نحو جيد، تلازمها بحة صوتها التي توصل ولَعها ووجعها على ابنها الأكبر، أما وليد الذي أدى دور البطل، استطاع التعبير من خلال وجهه وحركات جسده المتشنج، أن يُظهر للمشاهدين المعركة التي يُحارب فيها.
جاء ديكور العرض بسيطًا، على اليسار غرفة مكتب حمدي عليها الآلة الكاتبة والكثير من الكتب، وعلى الجدار صور لمارلين مونرو وجيفارا، وفي صدارة المسرح غرفة المعيشة التي تجلس فيها العائلة، حيث ينقسم المشهد أحيانًا بين مُعاناة حمدي في غرفته، وحوار مستمر في الغرفة، أما الأزياء، فحاولت الستايلست "أميرة صابر"، أن تنبع من روح عصر عبد الناصر، يرتدي الرجال البدل، ماعدا المعلم رمضان، تاجر الحشيش، الذي ارتدى العباءة مستوحيًا روح المعلم زرزور من فيلم "ابراهيم الأبيض"، والفساتين ذات الألوان الهادئة للفتيات.
الهزيمة الفردية التي تصدّر باسمها حمدي، لم تكن هزيمة نهائية بقدر ما كانت جولة من حياته، فمن حوله لم يكونوا منتصرين أيضًا، أراد ميخائيل رومان بعمله المسرحي رسم صورة للعصر الذي عاش فيه، حمدي كان مُحاربًا، بالفعل استسلم للأفيون، لكنه عبر كلماته قال "المخدرات بتديني الحلم.. وأنا الحلم عندي أعظم من الحقيقة"، رغب حمدي في إيجاد هدف بحياته، أن يشتبك مع الواقع لا أن يعيشه باستسلام، فكان الأفيون منبع عذاباته.
جاءت المشاهد الأخيرة بالعمل المسرحي، تُظهر مدى براعة الممثل في الوصول بحمدي كشخص يتعذب، يُقاوم الحشيش، كان جسده يعذبه، يرتعش كيانه كله، يركع أرضًا. بعد رفته من عمله، عرض عليه المعلم رمضان، التعامل معه ك"ديلر"، يحكي له التاجر عن السياسي، المريض بالسل، الذي قابله في السجن قبلًا، أوامر تُلقى إلى المسجونين بالركوع، غير أن السياسي يظل الشخص الوحيد الواقف، يأتيه الضابط لسؤاله، لكنه لا يستسلم، وكانت النتيجة أنه مات من التعذيب، فيسأله المعلم رمضان "تركع ولا" فيُجيبه حمدي "اللي عنده سُل مركعش".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.