طاولة صغيرة الأرجل موضوعة علي الأرض وفي منتصفها طبق كبير مصنوع من البلاستيك ممتليء بعدة كيلوجرامات من سمك الشبار "المبطرخ" أو كما يطلق عليه أبناء مدينة بورسعيد ال"جوابي"، الذي لم يتجاوز سعر الكيلو الواحد منه منذ قرابة ال 10 أعوام 5 أو 7 جنيهات، وتلتف حوله الأسرة البورسعيدية يتناولوه في سعادة بالغة وبجانبه الأرز الساحلي الشهير والسلطة الخضراء والمخللات. تلك الوجبة كانت كفيلة لارضاء الأسرة بأكملها خاصة الفقراء وكأنهم تناولوا أشهي وأفخم أنواع اللحوم، أما اليوم فتحولت وجبة الفقراء إلي وجبة للأغنياء والقادرين علي شراء كيلو الشبار المبطرخ بسعر يتراوح ما بين 50 إلى 60 جنيها وأحياناً يزيد لتصبح الأسرة المكونة من 4 أفراد مطالبة بشراء 2 كيلوجرام على الأقل بسعر 120 جنيه لمجرد تناول وجبة واحدة، مما دفع الفقراء للامتناع عن شراءه وهم مجبرين علي ذلك مكتفين بالمشاهدة عن بعد. "أنا بحلم" .. تلك الكلمات قالتها "أم السيد"، ربة منزل مسنة، في حديثها ل"مصراوي" :"أنا بحلم مكنتش أتخيل في حياتي كلها إن سمك الشبار المبطرخ اللي كان بالنسبة للبورسعيدية (تفليتة) وكنت بشتريه وأنا صغيرة ب 7 قروش ومع الزمن ووصل سعره إلي 5 و 7 جنيه أن يصل سعره إلى 60 جنيه وأكثر وأن اقف أمامه ولا استطيع شراءه، هذا جشع وظلم، ومحدش بيتابع الأسعار، التجار والصيادين بيتحكموا في قوت الغلابة". "دي علامة من علامات يوم القيامة".. تلك كانت كلمات عم "أحمد"، موظف علي المعاش وهو يصرخ قائلاً: "دي علامة من علامات يوم القيامة، لما الفقير مش عارف يأكل وجبة سمك، طيب يأكل ايه؟، نأكل هدومنا يا ناس ولا نعمل ايه؟، الدولة اما تتحكم في الأسعار أو تزود معاشي علشان أعرف أكل وأتعالج". تحدث سعد مصطفي، موظف حكومي، :"توقعنا عقب افتتاح عدة أسواق أن ينخفض سعر السمك لكن للأسف البائعين والصيادين يستغلون موسم الشبار المبطرخ وعشق البورسعيدية له ويقومون برفع السعر واستغلال الفقير، والله ده افتراء وظلم، ولادي نفسهم فيه، وأنا مرتبي علي قدي، أجيب وجبة ب120 جنيه، مش ده حرام". أما البائعين فكان لهم رأي أخري، فيقول مصطفي خليل، بائع سمك، :"من الطبيعي ارتفاع سعر السمك الشباب المبطرخ "الجوابي" لأن هذا الموسم الخاص به ويكون الاقبال عليه كبير، في نفس الوقت نحن نحصل علي السمك من الصيادين بأسعار عالية، والصيادين يحصلون علي أجر عالي من صاحب المركب، وصاحب المركب يقوم بدفع ضرائب ومصاريف صيانة ونقل بالاضافة إلي أنه لديه أسره يصرف عليها، فمتظلومناش إحنا ملناش ذنب".