لا يمكنك أن تزور الأقصر دون أن تطأ قدماك ساحة "الطيب" بمدينة القرنة، فهي ليست مجرد مكان يرتاده أتباع الطرق الصوفية، وإنما هو مقصد لزوار المدينة من المصريين والأجانب فالساحة تعد مركزا لنشر الدعوة الإسلامية ودروس العلم وحلقات الذكر في قلب الصعيد . الساحة القابعة في أحضان جبل القرنة بالقرب من مقابر وادي الملوك والملكات ومعبد حتشبسوت، تضم في جنباتها مكتبة إسلامية عريقة ودار ضخم لتحفيظ القرآن الكريم ومركز طبي كبير حيث تقام يوميا في الساحة أنشطة دينية وثقافية وحلقات للذكر والإنشاد ديني، وتستقبل المئات من مريدي الطريقة الخلوتية الذين يتوافدون علي الساحة من مختلف محافظات الصعيد . الساحة التي نشأ وترعرع فيها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر تم إنشائها عام 1900 ، علي يد جد شيخ الأزهر العلامة الطيب الحساني علي مساحة 5 قراريط، ومنذ هذا التاريخ وفتحت الساحة أبوابها لأهالي الصعيد الذين يلوذون بها عند وقوع المظالم، وعندما تدب الخلافات بين العائلات فساحة الطيب هي مركز جلسات الصلح العرفية بمحافظتي الأقصر وقنا . يعرف عن أهالي محافظاتالأقصر وقنا وأسوان بحبهم الشديد لأولياء الله الصالحين ولمشايخ الطرق الصوفية، الا أن ساحة الطيب تأخذ مكانا متقدما بين الساحات الصوفية المنتشرة في صعيد مصر؛ حيث ظلت الساحة مركزا لنشر الدعوة الإسلامية ودروس العلم، حيث يأتي إليها طلاب العلم ليتعلموا الفقه والعقيدة والحديث . نشر الإسلام وتمتاز ساحة الطيب بأنها مركزا لنشر الدعوة الإسلامية حيث تستقبل السياح الأجانب الراغبين معرفة المزيد عن الإسلام وعلومه وشهدت الساحة خلال العقود الماضية إسلام العديد من هؤلاء السياح ولعل إجادة غالبية أفراد عائلة الطيب لأكثر من لغة ساهم كثيرا في ذلك . وتستقبل الساحة أيضا طلاب الأزهر الشريف من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا الذين يزورون الساحة لمعرفة المزيد عن الطرق الصوفية المنتشرة في صعيد مصر خصوصا الطريقة الخلوتية التي ينتهجها أتباع ساحة الطيب. ملاذ لعابري السبيل وتقيم الساحة مائدة طعام بشكل يومي طوال العام يقصدها الضيوف وعابري السبيل والفقراء والمساكين . وسميت ساحة" الطيب" بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ الجليل الذي أسسها، وهو الشيخ الطيب الحساني جد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي تعلم في الأزهر لقرابة أربعة عشر عاما وعمل بالزراعة و ورفض العمل بالوظائف الحكومية كي يتفرغ لزراعة أرضه وعلمه وخدمة الناس، حيث أنه وهب نفسه لخدمة الناس والعمل على حل مشكلات أهل الصعيد من خلال المجالس العرفية التي تشتهر بها ساحته والتي يقصدها أصحاب الحوائج . الشيخ محمد الطيب إمام الطريقة الخلوتية الشقيق الأكبر لشيخ الأزهر يقول: "لا نبغي سوي مرضاة الله سبحانه وتعالي ومنهجنا هو العلم وصحيح الدين والسعي لإقامة الحق والعدل". ويشير الطيب إلي إن الساحة تفتح أبوابها للمصريين جميعا مسلميهم ومسيحيهم فضلا عن الأجانب زوار الأقصر والمقيمين فيها الذين تربطهم علاقات زواج وعمل ببعض أهل المحافظة. عاطف شيخون أحد أبناء ساحة الطيب يقول:" ساهمت الساحة فى حقن دماء المسلمين من أهل الصعيد من خلال جلسات المصالحة، وسعت للحد من انتشار الثأر ونشر المحبة والمودة بين عائلات وقبائل الصعيد ". وعن الشيخ منشأ الساحة يقول شيخون:" كان الشيخ الطيب شيخا للطريقة الخلوتية وهذه الطريقة لا يتولاها إلا عالم من علماء الأزهر الذي كان له أتباعه ومريدوه المستمرون حتى الآن والمنتشرون في مختلف ربوع الجمهورية ".