تشتهر ساحة الشيخ الطيب في الأقصر بأنها ملتقي الفقراء والمحتاجين والمتخاصمين وأهل العلم حيث يتردد عليها المئات يوميا إما طلبا لقضاء حاجة أو حل مشاكل الأسرة والثأر وغيرها بالطرق الودية بعيدا عن ساحات القضاء بالإضافة إلي حلقات العلم والذكر التي يتباري فيها علماء الدين والمتصوفة في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام والتبصير بمبادئه السمحة. ذهبت "المساء الديني" لزيارة الساحة والتقت الشيخ محمد الطيب شقيق فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د. أحمد الطيب في منزله بقرية القرنة بالأقصر وأجرت معه هذا الحوار : * ماذا تمثل ساحة الطيب بالنسبة لأهل الأقصر؟. ** الساحة تعتبر بمثابة المحكمة التي يلجأ لها أبناء الأقصر لحل مشاكلهم فهي لها باع طويل في حل نزاعاتهم ومشاكلهم .. وأهم ما يميزها أن أحكامها فورية تسري علي الأطراف المتنازعة الذين يرضون بالحكم وينفذونه علي الفور انطلاقا من احترام أهل الأقصر لعائلة الطيب وثقتهم في حكمهم لأن هذه الأحكام تكون نابعة من الكتاب والسنة وتتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية .. ولذلك نجحت الساحة في الحد من انتشار الثأر وحقن دماء المسلمين من أهل الصعيد.پ * قرأنا أن الأجانب يلجأون للساحة أيضا لحل مشاكلهم وكذلك الأقباط.. فهل هذا صحيح؟ ** بالفعل يلجأ لنا الأجانب الذين لديهم مشاكل مع العاملين في السياحة لحلها وكثيرا ما نكون في صالحهم عندما نشعر أن الطرف الآخر مخطئ وحتي يشعروا بأن العدل والحق منتشر في مصر بلد الإسلام.. أما الأقباط فهم أيضا يلجأون للساحة للحصول علي حقوقهم لدرجة أنهم أطلقوا عليّ لقب "نصف شيخ ونصف قسيس". * ما هي أكثر المشاكل التي تتعرضون لها؟. ** أكثر المشاكل السائدة هي الطلاق حيث ازدادت النسبة بشكل لافت للنظر في السنوات الأخيرة وذلك بسبب فيس بوك الذي دمر كثيرا من أخلاقيات الأزواج من الطرفين ولذلك لكي ننجح في عملية الصلح بينهم نضطر أحيانا للكذب حتي نوفق بين الزوجين. * وهل الكذب مباح في مثل هذه المواقف؟. ** نعم فمثلا عندما أجد زوجا يريد أن يطلق زوجته أو يتزوج عليها وأشعر أن الزوجة مظلومة أقول له إنني رأيت في المنام أنك إذا تزوجت سوف تموت بعد شهر فبالتالي يتراجع فورا خوفا علي حياته دون أن أشعره أن هذا كذب وبعقلية البسطاء وطيبة قلوبهم يصدقون ويعودون لأسرهم فورا وغير ذلك الكثير. * هل تقوم الساحة بتزويج أبناء الأقصر؟. ** إذا اضطرت أحيانا للضرورة وذلك عندما يخطئ الشاب والفتاة فنزوجهما عرفيا خوفا من القتل علي يد أهلهما .. فالزواج بأي شكل وتحت أي مسمي أفضل بكثير من الوقوع في الزني أو تنصل الشاب من الفضيحة. * نعرف أن للساحة دورا اجتماعيا وضحه لنا؟ ** تقوم الساحة برعاية الأيتام ومساعدة غير القادرين علي الزواج بالإضافة إلي دفع الكفالات للغارمين والغارمات حتي نخرجهم من السجون .. كما أن بالساحة دارا لتحفيظ القرآن ومستوصفا طبيا مجانيا ومشغلا للفتيات ومسجدا للرجال والنساء ومائدة للرحمن تقدم الطعام طوال العام وقاعة لكبار الزوار إلي جانب مركز للمعلومات و3 استراحات للأجانب الدارسين للشئون الإسلامية. * الشيخ محمد شيخ الطريقة الخلوتية فما هي هذه الطريقة؟. ** هذه طريقة من الطرق الصوفية وتأتي من الخلوة ففيها يقوي الإنسان علاقته بالله سبحانه وتعالي ويبتعد عن الشهوات الدنيوية .. إلا أن هذا لا يعني الانعزال عن الناس بدليل أننا وسطهم نحل مشاكلهم ونبرهم ونساعدهم. * هل تنوي الترشح لمجلس النواب خاصة أن عائلة الطيب ذائعة الصيت؟. ** لا أنوي الترشح لأي انتخابات برلمانية فخدمة الفقراء عندي أهم كثيرا من الحصول علي منصب فهذه أمور دنيوية لا طائل من ورائها سوي الشهرة والمال .. أما أنا فأبحث عن رضا الله وخدمة الناس البسطاء ونشر التكافل الاجتماعي. * من الممكن أن تخدم البسطاء أيضا من خلال منصبك في البرلمان؟ ** لن تكون الخدمة كما ينبغي فمسئولية مجلس النواب جسيمة وسوف تشغل الواحد عن أهله لبعض الوقت .. فلماذا الترشح والناس تلجأ لي من غير مناصب.. وعلي فكرة هناك بعض الناس طلبوا مني ذلك ولكنني رفضت. * هل منصب شيخ الأزهر شغل الإمام الأكبر عن مهمة ساحة آل الطيب ؟. ** علي العكس د. أحمد الطيب شيخ الأزهر يحرص علي الحضور أسبوعيا في معظم الوقت لحل مشاكل الناس والجلوس معهم علي الطبيعة بعد العشاء وإلقاء بعض الدروس الدينية ويترأس لجنة المصالحات أو ما يسمي "محاكم عرفية" للتوفيق بين الناس. ولا أخفي عليك أن أكثر شيء يسعد شيخ الأزهر عندما ينجح في الصلح بين متخاصمين خاصة الأزواج وقبل وقوع الطلاق .. وأكثر شيء يحزنه عندما يصر البعض علي رأيه رغم أنه خاطئ بشهادة الجميع. * تناولت بعض وسائل الإعلام أن شيخ الأزهر اعتكف في منزله ولم يخرج للناس فهل هذا صحيح؟. ** هذا غير صحيح .. فشيخ الأزهر لم يعتكف أبدا اعتراضا أو غضبا من أي شيء وعلي وسائل الإعلام أن تتحري الدقة وعدم نشر الأخبار الملفقة لمجرد الإثارة .. فهو يؤمن بأن خدمة الناس تساوي 100 يوم اعتكافاً. * موقف غريب تعرض له شيخ الأزهر؟. ** عندما فوجئ بخطاب تلقاه من خادم الحرمين يفيد موافقته علي تقديم مساعدة 70 ألف جنيه بعد أن قام أحد الأشخاص بتزوير خطاب باسم شيخ الأزهر وأرسله لخادم الحرمين يطلب المساعدة وبالفعل أرسلت السعودية شيكا للسفارة علي أن تقوم بتسليمه لشيخ الأزهر بناء علي أنه صاحب الوساطة .. وتعجب د. أحمد الطيب وأكد لهم أنه لم يتوسط لأحد في طلب مساعدة من الملك. * وجه البعض إساءات لشيخ الأزهر .. فماذا كانت ردود فعل أهل الصعيد؟. ** في كل مرة يتوافد إلينا علي الساحة المئات من ممثلي القبائل والعائلات والكنائس للتنديد بأي إساءة للإمام الأكبر ولكننا نطالبهم بالهدوء لأن د. أحمد الطيب دائما ما يتجاهل مثل هذه الإساءات التي تصدر إما عن جاهل أو حاقد أو يريد النيل من مصر وأزهرها الشريف.