استيقظت مدينة قنا أول أمس على خبر انهيار حائط مخالف بشقة سكنية بالدور الأرضي بشارع الزعفرانة بمدينة العمال جنوبي المدينة، دون وقوع أية إصابات، وعلى أثر الانهيار، توجه محافظ قنا، برفقة عدد من المسؤولين لتفقد مكان الحادث، حيث أعلن تكليف لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بمجلس مدينة قنا، بإجراء حصر ومراجعة شاملة لكافة العقارات المخالفة التي تشكل خطرا على حياة المواطنين، وكذلك المباني القديمة الآيلة للسقوط. وقال المحافظ إنه سيتم تشكيل لجان هندسية متخصصة للفحص وتحديد العقارات التي يجب إزالتها، حرصا على حياة المواطنين وعدم انتظار وقوع كارثة. مناطق المدينة القديمة و توجد بمدينة قنا العديد من المنازل الآيلة للسقوط في شوارع "السهاريج" و "السوق الفوقاني" و "سفينة" و "المنشية"، حيث تمتليء المناطق الأربعة بمنازل قديمة، آيلة للسقوط أو شبه منهارة، يخلو معظمها من السكان، والبعض الآخر تسكنه أسر، لا تملك مكانا آخر للانتقال إليه. حوادث سابقة ففي 29 مارس الماضي، شهد وسط مدينة قنا حادث انهيار مبنى سينما فريال وفاروق، الذي تسبب في إصابة 12 شخصا من بينهم أطفال وكبار سن، وإصابات خطيرة، مثل كسر في العمود الفقري لسيدة ثلاثينية. وجاء بعدها، قرار المحافظة بإزالة المبنى بالكامل، خوفا من سقوطه على الأهالي، خاصة وأن هذه المنطقة من أكثر المناطق ازدحاما بالمحافظة، لكن صاحب المبنى قرر هدمه "بالبلدوزر"، دون الرجوع إلى مجلس المدينة، لمعرفة طرق الإزالة، حسب ما أكدته الإدارة الهندسية بمجلس مدينة قنا، بأن المبنى صدر له قرار إزالة، وتصريح هدم، لكن مالكه لم يخطر المجلس بموعد تنفيذ الإزالة، كما أنه لم يلتزم بتطبيق قواعد ومعايير السلامة في أثناء التنفيذ، ما أدى إلى سقوط جزء من المبنى على سيارة ميكروباص نتج عنه إصابة 12 شخصا. آليات تنفيذ الإزالات فيما يشرح موظف بالإدارة الهندسية بقنا- فضل عدم ذكر اسمه - خطوات إزالة المنازل التي تنطوى على خلل إنشائي أو المباني القديمة التي تكون عرضة للانهيار في أي لحظة تقوم لجنة المنشات الآيلة للسقوط بمعاينتها، وتبدأ بتقدم المالك بطلب إلى اللجنة للمعاينة مصحوبًا بصورة البطاقة وعقود الملكية، وبعد إتمام المعاينة بمعرفة اللجنة للمنزل المراد يأخذ قرار إزالة له، تقرر اللجنة فيه أن المنزل آيل للسقوط من عدمه بعد المعاينة على الطبيعة، حيث يصدر قرار إزالة أو قرار ترميم. من المسؤول؟ فيما يرى مواطنون أن المسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن، حيث يقول تامر فريد، أحد أبناء مدينة قنا، أن بعض المواطنين غير قادرين على تحمل نفقات إخلاء منازلهم و الإنتقال إلى سكن أخر، فالدولة يجب أن توفر لهم مساكن إيواء. ويضيف محمود الحجيري، أحد أبناء مدينة قنا، أن التوسع العمراني وتوفير شقق المساكن الجديدة لمستحقيها قد يساهم في حل الأزمة وتطوير المدينة، وإزالة المنازل التي تستحق الإزالة، وترميم الأثري منها و عدم فقدان تراث المدينة القديمة. ويشير المهندس عبدالناصر حجاج، خبير جيولوجي، إلى أن جريمة البيوت الآيلة للسقوط جريمة مشتركة، أطرافها المالك والإدارة الهندسية بالوحدات المحلية والقروية وأحيانا المستأجر، فالمالك للعقار يرى بعينيه عقاره على وشك الانهيار بسبب مشكلة يمكن تداركها، لكن يغمض عينيه ويرفض إجراء أعمال الصيانة والترميم حتى يتصدع العقار ويتم طرد من فيه خشية على أرواحهم، وبذلك يحصل على ترخيص من الوحدة المحلية بإزالة العقار وإعادة بنائه من جديد، لأن القيمة الإيجارية التى كان يحصل عليها قروشا زهيدة لكون العقار إيجار قديم، وليس من حق المستأجر الاحتفاظ بذات العين بعد إعادة البناء، لأن الإزالة تمت لظروف قهرية وهى تصدع العقار وخشية انهياره وليس لرغبة المالك فى الإزالة. ويضيف حجاج "كما يشارك المالك فى هذه الجريمة، لأن الوحدة المحلية التابع لها العقار الموشك على الانهيار ضالعة فى نفس الجريمة، لكونها أغفلت عمل الحصر الميدانى الذى هو من صميم عملها لحصر المنشآت التى تمثل خطورة على المواطنين وعلى وشك الانهيار، من خلال المعاينة الظاهرية للعقار، بل أن الأمر يصل ببعض مهندسي التنظيم إلى قبول رشاوى لكتابة تقارير مخالفة لطبيعة العقار لخدمة مالك العقار. ويستكمل المهندس الجيولجي "أما الطرف الثالث المشترك في هذه الجريمة فهو المستأجر نفسه، فهو مشارك بطريقة سلبية، وهي الامتناع عن إخلاء العقار المستأجر له رغم خطورته، بدعوى عدم وجود مأوى له ولأولاده غير هذا العقار، فإما أن يساوم صاحب العقار بطلب مبلغ مادي كخلو، أو يرفض الإخلاء رغم حضور قوة من الشرطة لتنفيذ الإخلاء بالقوة الجبرية، فيعتصم بالمكان ولا يتركه فتعود قوة الشرطة من حيث أتت مكتفية بتقرير مكتوب فيه "تعذر الإخلاء لدواعى أمنية"، وهي اعتصام المستأجر وأسرته بالعقار، وبذلك تدخل الشرطة طرفًا رابعا فى تلك الجريمة".