يتسلم رباعي الحوار الوطني في تونس غدا الخميس جائزة نوبل للسلام في العاصمة النرويجية أوسلو في وقت لا تزال فيه تجربة الانتقال الديمقراطي في البلاد على المحك. واضطلع رباعي الحوار الوطني وهو يتكون من منظمات نقابية ومدنية في تونس بدور رئيسي لحل الأزمة السياسية والأمنية التي عصفت بتونس بعد اغتيال النائب في المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي في 25 يوليو 2013 وقبله السياسي شكري بلعيد في 13 فبراير من نفس العام. وكادت تلك الاغتيالات أن تجهض تجربة الانتقال الديمقراطي في البلاد التي بدأت في 2011 بعد الاطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي ونالت إشادة دولية. وقاد الرباعي حوارا بين الفرقاء السياسيين في الوقت الذي لم يكن واردا تماما جمع الاسلاميين ومعارضيهم حول طاولة واحدة لتجاوز الأزمة الخانقة ومخاطر الحرب الأهلية. وقال الرئيس الباجي قايد السبسي إن "حصول رباعي الحوار على جائزة نوبل لا يمثل تكريما للرباعي فقط ولكنه تكريسا للحلول التوافقية التي توخيناها وللحوار". وقال السبسي " تونس لا تملك خيار آخر غير الحوار". وضم الرباعي الاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة الأكبر في تونس وذات ثقل سياسي واجتماعي في البلاد، إلى جانب منظمة الأعراف والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان. وكان لاتحاد الشغل الدور الأكبر في تقريب وجهات النظر بين الائتلاف الحاكم الذي قادته حركة النهضة الاسلامية الفائزة في انتخابات 2011 ومعارضيها من الليبراليين واليساريين، ويرجع ذلك إلى التاريخ النضالي الذي تتمتع به المنظمة النقابية منذ تأسيسها في عام 1946 ومشاركتها في حركة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي. وقال نائب الأمين العام للاتحاد بلقاسم العياري لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن "الجائزة هي وفاء للشعب التونسي وللدور الوطني الذي لعبه الرباعي في فترة حساسة ونجاحه في اخراج البلاد من أزمة خانقة". وأضاف العياري "نأمل أن تنعكس الجائزة ايجابا على مستقبل تونس. سيكون هذا دفعا لمسار التوافق كما يحملنا مسؤولية معنوية للاستمرار في العمل في باقي القضايا الوطنية وهي العدالة الاجتماعية". وكان الحوار الذي امتد على مدى أربعة أشهر أفرز خارطة طريق سياسية وتنصيب حكومة كفاءات مؤقتة وغير متحزبة لتولي الاشراف على ما تبقى من المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية الأولى بعد المصادقة على الدستور الجديد للبلاد. وبدأ الحوار في الخامس من اكتوبر 2013 واستمر إلى حين تكوين حكومة مستقلة برئاسة المهدي جمعة في أواخر يناير 2014 وظل الرباعي مساندا لعمل الحكومة حتى تنظيم الانتخابات مع نهاية نفس العام. وقال عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسي للدفاع عن حقوق الإنسان "هناك خلافات بسيطة لا تفسد للود قضية وتونس بقيت قلعة باعتراف المجتمع الدولي". ومع نجاحها في تحقيق انتقال سياسي سلس مغاير لما حدث في باقي دول الربيع العربي، فإن تونس التي تواجه صعوبات اقتصادية وتحديات تنموية هائلة لم تتعافى بشكل كامل حتى اليوم من مخاطر الارهاب، إذ تقول الحكومة إن هذا الخطر لا يزال يهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد. وأبدت الحكومة التونسية مآخذ على المجتمع الدولي والدول الصناعية الكبرى بسبب التباطؤ في دعم الاقتصاد المنهار وتمويل برنامج انقاذ للديمقراطية الناشئة وتعزيز جهودها في مكافحة الارهاب وحماية حدودها من التنظيمات المتشددة بليبيا بالمال والسلاح. واعترف السبسي، في تصريحاته، بأن تعثر القروض الدولية والاستثمارات الاجنبية يرجع الى مخاوف من هشاشة الوضع الانتقالي في تونس في هذه المرحلة. وكانت تونس تعرضت إلى هجمات دامية بشكل متتالي العام الحالي في متحف باردو ونزل بمدينة سوسة أوقعا قرابة 60 قتيلا من السياح وآخرها التفجير الذي نفذه انتحاري بقلب العاصمة في 24 نوفمبر الماضي وخلف 12 قتيلا من الأمن الرئاسي كانوا على متن حافلة.