بعد أن توصلت الدول الست الكبرى وإيران، في الرابع عشر من يوليو، إلى اتفاق تاريخي بشأن ملفها النووي، والمتعلق بتحديد النشاطات النووية الإيرانية وتخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها. أعربت وزارة الخارجية المصرية، عقب التوصل إلى اتفاق مباشرة، عن أملها في أن يؤدي الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران إلى منع نشوب سباق للتسلح في منطقة الشرق الأوسط. وقالت الخارجية، في بيان لها، إنها تتابع باهتمام الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين مجموعة الست الكبرى وإيران حول الملف النووي الإيراني وتعكف حاليا على دراسة بنوده فور الحصول على نص كامل له لدراسته وتقييم مضمونه بدقة. وأعربت الوزارة عن أملها في أن يكون الاتفاق ''شاملا متكاملا ويؤدي إلي منع نشوب سباق للتسلح في منطقة الشرق الأوسط وإخلائها بشكل كامل من جميع أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، وبما يؤدي الي تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة ويتفق مع بنود معاهدة منع الانتشار النووي. وفي هذا الإطار، قام وزير الخارجية المصري سامح شكري، مؤخرًا بجولة خليجية سافر فيها إلى عدد من الدول الخليجية في مقدمتها السعودية لبحث هذا الاتفاق، أعقبها لقاءات عربية أخرى؛ لبحث نفس الملف. ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مصر ودول الخليج الأسبوع القادم؛ لإجراء محادثات بشأن الاتفاق النووي الأخير بين القوى الكبرى وإيران. ''الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى (5+1)، أزعج العالم العربي كثيرًا من زيادة النفوذ ''الإيراني الشيعي'' في منطقة الشرق الأوسط وجعل المشهد أكثر التباسا''، هكذا يرى الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدارسات الاستراتيجية. وأضاف غباشي، في تصريحاته ل''مصراوي''، أن القلق يزداد في دولتي السعودية ومصر، قائلا: ''السعودية تخشى من التمدد الشيعي في المنطقة، خاصة في الدول التي تتحكم طهران في مقاليد الأوضاع فيها، وتمثل خطرًا على الرياض بشكل كبير، وهذه الدول هي: العراق، سوريا، لبنان، اليمن''. ''وقد يدفع التخوف السعودي، إلى تأكيد التسريبات مؤخرًا حول تغيير سياسة الرياض بشأن التعامل مع ملف الإخوان المسلمين في مصر، والإسلام السياسي بشكل عام، من منطلق أن مواجهة القوة الشيعية لن يتم إلا من خلال قوة سنية مقابلة، لذا قد تسعى الرياض إلى محاولة القيام بدور الوساطة لإنهاء الأزمة بين الإخوان ومصر والتوصل إلى مصالحة قريبة''، هكذا يحلل غباشي تبعات التخوف السعودي تجاه التوصل إلى اتفاق نووي إيراني. وأضاف غباشي، أن مصر لن تتأثر بالاتفاق النووي الإيراني بشكل مباشر، إذ أن تغيير موازين القوة في منطقة الشرق الأوسط هو ما يقلق مصر، وخير دليل على هذا الحديث هو ملف المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدًا أن الرياض بين نارين أولها سعيها بكل الطرق إلى مواجهة التمدد الشيعي في المنطقة، وثانيها هو رغبة الرياض في الحفاظ على القاهرة كحليف قوي في مواجهة المخاطر المشتركة والتي تأتي في مقدمتها ملف الإرهاب. وأكد غباشي، أن علاقة إيرانوأمريكا ستتحسن مع تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرًا، خاصة مع بداية رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران، حيث أن ''التناغم الأمريكي الإيراني'' بدا واضحًا والقائم على المصالح المشتركة، وبالتالي ستتحول أمريكا من طرف يقف مع الدول الخليجية في مواجهة طهران، إلى وسيط وهذا ما يثير حفيظة الدول الخليجية التي تتخوف من الاثار الجيوسياسية للاتفاق. ''الاتفاق النووي الإيراني يمكن أن يحقق مكاسب مرحلية لمصر في علاقتها مع دول الخليج التي باتت تخشى من تحول الولاياتالمتحدة من ضامن لأمنها القومي إلى وسيط في المواجهة مع إيران''، هكذا يقول رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية بالقاهرة الدكتور مصطفى اللباد. وأضاف اللباد، أن رد فعل مصر تجاه الاتفاق وترحيبها الحذر به يحاول المواءمة بين عدة اعتبارات خاصة أنها ليست طرفا في الصراع مع إيران، مؤكدًا أن الدول الخليجية لها تأثير كبير على عملية صنع القرار في مصر بسبب المساعدات المالية، والتأثير السعودي خاصة يقلل من هامش مناورة القاهرة في ظل التنافس الإقليمي بين الرياضوطهران. يأتي ذلك فيما نقلت تقارير عن محللين اقتصاديين مصريين، قلقهم من خطف إيران استثمارات أجنبية، عقب الاتفاق النووي مع الغرب، كانت تأمل مصر في جذبها، خلال الفترة المقبلة. يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه القاهرة، إلى الاستفادة اقتصادياً من إيران، عبر الحصول على جزء من الأموال المجمدة لطهران المتوقع الإفراج عنها، في الفترة المقبلة، والبالغة قيمتها 80 مليار دولار، حسب تقديرات غربية، و29 مليار دولار، حسب البنك المركزي الإيراني. وأكد هذه الرؤية، زيارة الوفد الألماني، الذي وصل طهران عقب توقيع الاتفاق النووي، سعيًا إلى عقد صفقات كبرى مع الإيرانيين، حيث من المتوقع أن يتضاعف التبادل التجاري بين البلدين 4 مرات، خلال الثلاثة أعوام المقبلة. وكانت الأممالمتحدة فرضت، في عام 2006، عقوبات اقتصادية للمرة الأولى على إيران، للاشتباه في تخطيطها لتطوير قنبلة ذرية تحت غطاء برنامج نووي سلمي. ويرى السفير محمود فرج، سفير مصر الأسبق لدى طهران، ضرورة عودة العلاقات المصرية بل والعربية مع طهران في الفترة المقبلة، مؤكدًا أن إيران ستشهد طفرة كبيرة خلال الفترة المقبلة خاصة بعد رفع العقوبات التي فرضتها الأممالمتحدة عليها. وأضاف فرج، أن الاتفاق النووي الإيراني يكبل قدرة طهران في امتلاك أسلحة نووية، ويحافظ على القدر المسموح من تخصيب اليورانيوم، مطالبًا الدول العربية بضرورة تسوية الخلافات التي قد تعوق العلاقات بينهم وطهران.