في مطلع 2015، انتشرت الشائعات عن وفاة الأمير السعودي البارز وشائعات أخرى عن تركه منصبه، ليخرج الديوان الملكي السعودي، ويعلن أن الأمير سعود الفيصل أجريت له جراحة ناجحة في العمود الفقري بولاية لوس انجليس الأمريكية. وبعد أربعة أشهر يطلب الفيصل إعفائه من منصبه لظروف صحية بعد 40 عاما قضاها على رأس الدبلوماسية السعودية ليصبح الوزير الأقدم في العالم، ويلقب عميد الدبلوماسية العربية. أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مجموعة من الأوامر الملكية، كان أبرزها إعفاء ولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصبه استجابة لطلبه، وتعيين الأمير محمد بن نايف وليا للعهد، والأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد السعودي، كما اشتملت الموافقة على طلب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بإعفائه من منصبه لظروف صحية وتعيين عادل الجبير وزيرا للخارجية. عقب موافقة الملك سلمان على طلب الفيصل، وجه إليه برقية قال فيها "ضحيتم بوقتكم وصحتكم لصالح وطنكم وأمتكم، وتحقيق طلب الإعفاء كان صعبا وثقيلا علينا". يذهب الفيصل إلى منزله في لوس أنجلوس، ليأخذ استراحة محارب، ولكن الاستراحة لم تدم أكثر من شهرين، ليُعلن عن وفاة عميد الدبلوماسية داخل منزله بعد صراع مع المرض عن عر ناهر ال75 عاما. يقول عنه الكاتب الصحفي المقرب من العائلة المالكة، جمال خاشقجي، "أحاديثه وحكمته في الذاكرة، أستفيد منها فيما أكتب، خلاصة مدرسته في الدبلوماسية، الحزم مع الاعتدال". يكمل خاشقجي حديثه عن القيصل ويقول "كان مثقفا يستهويه أن يمضي الليل مع أصدقاء يتحدث عن مسرحية أو فيلم قديم أو ذكريات سفر بعيد عن سياسة اليوم.. كان أنيقا في بيته وملبسه ومطعمه من غير بهرجة، تراه (لورد) حقيقي، لا يرفع صوته ولا يغير أصدقائه.. عاشق للطبيعة، الصحراء، البرية، اختياره الأول في الإجازات، رحلات السفاري". أما الدكتور عبدالعزيز الخوجة - الدبلوماسي ووزير الثقافة والإعلام السابق، يصفه بأنه "بمثابة رمز سحري على المستوى الدولي، يفتح العديد من الأبواب والملوك والرؤساء ورؤساء الوزراء والأجانب جميعاً يقدرون ويحترمون إرثه، فهو عميد العالم للسياسة الخارجية، لا لأحد أن يتخيل حجم الفاعلية في أن يكون مثل هذا الشخص وزيرك". يكمل الخوجة "سمعت شهادات مماثلة من سفراء سعوديين وغيرهم من السياسيين والصحفيين الأجانب. أولئك الذين يعرفونه جيداً يقولون إنه رجل جاد وصارم، ولكنه يتمتع بقدر من السخرية ويجيد التعبير بصراحة، ومن المعروف أنه يزن كل كلمة بعناية في تصريحاته". ولد سعود في مدينة الطائف عام 1940، وهو الابن الرابع للملك الثالث للملكة العربية السعودية (فيصل)، والحاصل على بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون بولاية نيوجيرسي عام 1964م. التحق بوزارة البترول حيث عمل مستشارا اقتصاديا لها وعضواً في لجنة التنسيق العليا بالوزارة ثم انتقل إلى المؤسسة العامة للبترول والمعادن - "بترومين"، وأصبح مسؤولا عن مكتب العلاقات البترولية الذي يشرف على تنسيق العلاقة بين الوزارة والمؤسسة ثم عين نائباً لمحافظ "بترومين" لشؤون التخطيط في عام 1970م ثم عين وكيلاً لوزارة البترول والثروة المعدنية في 1971م. تولى وزارة الخارجية بمرسوم ملكي في أكتوبر 1975، خلفا لوالده الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود الذي كان وزيراً للخارجية وهو ملكاً على البلاد. عاصر سعود الفيصل 4 ملوك، هم حكم أربعة ملوك سابقين والملك خالد والملك فهد والملك عبد الله والملك الحالي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. شارك بحكم منصبه في الكثير من اللجان العربية والإسلامية مثل اللجنة العربية الخاصة بلبنان ولجنة التضامن العربي واللجنة السباعية العربية ولجنة القدس واللجنة الثلاثية العربية حول لبنان ضمن وزراء خارجية الدول الثلاث وغيرها . من العوامل التي ساهمت في بقاءه بمنصبه طوال هذه الفترة، هو إتقانه لست لغات إلى جانب لغته الأم العربية، فيتقن الفيصل " الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والعبرية". بحسب تقرير أصدره المركز الإعلامي للسفارة السعودية بالقاهرة، قال إن للفيصل "مواقف تاريخية عديدة خلال مشواره الدبلوماسي ليخدم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. بدايةً من جهوده المبذولة لمنع انتشار الأسلحة الذرية في الشرق الأوسط على مدى العقود الماضية، مروراً بتحذيره العلني لإدارة جورج بوش بعدم غزو العراق، ورسم السيناريو الذي ما من شأنه أن يؤدي إلى أي خير، وطلبه من كوندوليزا رايس التركيز على القضايا الموضوعية الأساسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإثبات التاريخ أن له الحق". أخر مواقفه الدبلوماسية، حين اعترض على الرسالة التي بعث بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القمة العربية المنعقدة بمدينة شرم الشيخ وقرأ نصها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائلا: "روسيا جزء من مآسي الشعب السوري عبر دعمها للرئيس بشار الأسد". وعن عاصفة الحزم التي تقودها بلاده ضد جماعة أنصار الله الحوثية الشيعية وموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، قال الفيصل في كلمة له أمام مجلس الشورى السعودي "نحن لسنا دُعاة حرب ولكن إذا قرعت طبولها فنحن جاهزون لها".