تقع قرية المصالحة شرق النيل، على بعد حوالي 4 كيلو متر عن مركز نجع حمادي، والقرية تابعة للوحدة المحلية لقرية السلامية، ويبلغ عدد سكانها قرابة 5 آلاف نسمة، ويتبعها عدة نجوع وعزب منها "عابدين منشاوى- البحثية- الحلاوية- السباقات- الحاكم- الزليتني" وللمصالحة تاريخ قديم مع صناعة العسل الأسود، الذي يشتهر به مركز نجع حمادي، حيث تحتوى القرية على أكثر من 6 عصارات كبرى. تعانى المصالحة مشكلات خدمية عديدة، أبرزها انتشار القمامة، وضعف الخدمات الصحية، فضلا عن وجود مصرف للري "ترعة صغيرة" أمام كتلة سكانية كبيرة وهو ما يوفر مناخا لانتشار الحشرات والأمراض ويعرض الأطفال للسقوط فيه، وتتلخص مطالب أهالي القرية في حل هذه المشكلات، إلى جانب المطالبة باستكمال بناء المعهد الأزهري الوحيد بالقرية. يشكو أهالي "المصالحة" من خلو القرية من الخدمات الصحية، بالرغم من وجود وحدة صحية بالقرية، إلا أنها، وبحسب روايات أهالي القرية، مغلقة من بعد الثانية ظهرا، ما يضطرهم للجوء إلى المستشفى العام بنجع حمادي أو العيادات الخاصة حال مرض أحدهم. يقول علي منشاوى، أحد أهالي القرية، "تخدم الوحدة الصحية سكان المصالحة والنجوع والعزب المجاوزة لها، أي ما يقرب من 5 آلاف نسمة، وبرغم وجود المبنى وحداثته، إلا أن الخدمة الصحية المقدمة تكاد تكون معدمة، ويرجع منشاوي ضعف الخدمات المقدمة إلى عدم وجود طبيب مقيم بالوحدة، رغم توفير مكان لإقامته، وكذلك عدم وجود ممرضين مبيت بالوحدة، موضحا أن الطبيبة تغادر الوحدة في الثانية ظهرا بعد مرور الجهات المسؤولة، فمدة العمل بالوحدة لا تتعدى ست ساعات في اليوم، تبدأ من التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهرا بحد أقصى. وأشار رفعت فواز، أحد الأهالي، إلى تكبد أهالي القرية مصروفات زائدة حال مرض أحدهم أو تعرضه للدغات العقارب أو الثعابين، حيث يضطرهم عدم وجود طبيب بالوحدة وغلقها إلى اللجوء لمستشفى نجع حمادي العام أو العيادات الخاصة، ما يكلفهم مصروفات كشف إضافية إلى جانب مصروفات الانتقال، فضلا عن بعد المسافة التي قد تعرض حياة المريض للخطر. واتهم فواز العاملين بالوحدة الصحية بالتلاعب في أسعار تذاكر الكشف، مطالبا بتشديد الرقابة من قبل الوحدة المحلية على الوحدة الصحية، وتوفير طبيب مقيم بالوحدة يمارس عمله على مدار اليوم. وتنفي أسماء عبد الرؤوف، طبيبة الوحدة، وجود أي تلاعب في أسعار التذاكر، مؤكدة أن سعر التذكرة ثابت وهو 3 جنيهات فقط، وما يختلف هو تكلفة العلاج المصروف، فإذا كان المريض يمتلك ملف علاج دوري بالوحدة يدفع ربع أو نصف ثمن العلاج فقط، أما إذا كان علاجه ليس دوريا فإنه يدفع ثمن العلاج كاملا. وأقرت عبد الرؤوف بعدم إقامتها بالوحدة، موضحة أن العمل يفترض أن يكون على فترتين، الأولى تبدأ في الثامنة صباحا، وتنتهي في الثانية ظهرا، والثانية تمتد حتى الثامنة مساء، تتواجد في الفترة الأولى منها، أما الفترة الثانية فيصعب عليها العمل خلالها، مرجعة ذلك إلى كونها فتاة وأن المجتمع الصعيدي لا يقبل إقامتها في الوحدة أو استمرارها لساعة متأخرة من الليل. وتطالب عبد الرؤوف بندب أكثر من طبيب للوحدة، مضيفة أنها لم تحصل على إجازة منذ بداية عملها، إضافة إلى صدور أمر النيابة الخاص بها، والذي يعطيها الحق في ترك الوحدة، لكن عدم وجود طبيب بديل يعيقها عن ذلك ويضطرها للانتظار ل4 شهور أخرى، حتى يتم انتداب طبيب آخر للوحدة. ويتضرر أهالى قرية المصالحة من وجود مصرف زراعي "ترعة صغيرة " تمتد بطول الكتلة السكنية بالقرية لتصل إلى نجع البحثية، ويبعد عن المنازل مسافة تقل عن 6 أمتار، مما يوفر مناخا لانتشار الأمراض والحشرات. يقول عثمان عابدين، أحد أهالي القرية، "ليس للترعة أي فائدة، فهي خالية من المياه ولم تعد تستخدم لري الأراضي الزراعية، بعد أن تم تحويل مجراها منذ سنوات، وأصبحت مقلبا لإلقاء القمامة من قبل الأهالي، ومأوى للحشرات الضارة والأفاعي والعقارب والناموس. ويضيف عابدين "طالبنا المسؤولين مرارا وتكرارا بتغطية الترعة، لكن لم تتم إلا تغطية جزء صغير منها، مؤكدا أن ما نطالب به سيساهم في توسيع الطريق، إلى جانب حماية الأطفال من السقوط فيها، ووقاية أهالي القرية من الأمراض التي قد يسببها المناخ الملوث وانتشار الحشرات. كما يشكو عبد الناصر المنشاوي لجوء المزارعين إلى الري بالمواسير الأرضية، بعد تحويل مجرى المصرف، والتي تسببت في ضعف جودة المحاصيل وملوحة الأراضى والمباني القريبة من الزراعات، مستنكرا ردود المسؤولين المحفوظة من قبيل "في الخطة القادمة سيتم تغطيتها" والتي يتم ترديدها كل عام مع تكرار مطالبات الأهالي بتغطية المصرف. ويقول عبد الناصر سليم، رئيس الوحدة المحلية لقرية السلامية التابعة لها قرية المصالحة، إنه تم وضع جميع الترع ومصارف الري المراد تغطيتها، مثل مصارف قريتي "المصالحة" و"نجع ورور" ضمن ميزانية 2014-2015 و2016-2017، لكن لم تدرج حتى الآن أية مخصصات لهذه التغطيات، حيث تتكلف تغطية الكيلو متر الواحد مليون جنيه، مضيفا أن الوحدة المحلية قامت من جانبها بإنشاء حديقة بتكلفة 20 ألف جنية بطول 500 متر وعرض 5 أمتار في بداية الترعة المردومة لتجميل المنطقة. وكذلك يطالب سليم أهالي قرية المصالحة باستكمال بناء المعهد الأزهري الابتدائي بنجع حاكم، حيث أنه المعهد الوحيد بالقرية، ويخدم طلاب المرحلة الابتدائية من التعليم الأزهري في القرية والقرى المجاورة. يوضح أحمد عبد الفتاح، أحد أهالي القرية، أن المبنى الحالي للمعهد عبارة عن شقتين متقابلتين فوق مسجد، وقد تآكل وتهالك، فضلا عن عدم استيعابه لطلاب القرية ونجوعها من راغبى التعليم الأزهرى. ويروي عبد الفتاح قيام الأهالي ببناء هذا المعهد بالجهود الذاتية، منذ حوالي 15 عاما، ولكن بعد أن تم بناء طابقين وسقفهما توقفت التبرعات، ولا يوجد من يتبني استكمال البناء حاليا رغم تهالك المبني القديم، ولا توجد جمعيات خيرية بالقرية، ولا يوجد لدى التلاميذ أي بديل، سوى اللجوء لمعهد قرية الرحمانية الابتدائي الأزهري، وهي القرية التي تبعد 4 كيلو متر عنهم، مطالبا الإدارة الأزهرية بتبني استكمال المعهد لحاجة الأهالي والتلاميذ بالقرية له. وعبر صلاح محمد عن استيائه من عدم تبرع أحد نواب الشعب القدامى لاستكمال بناء المعهد، بجانب سوء الخدمات بالقرية وتجاهل وتقاعس المسؤولين من وجهه نظره، وعدم تذكر نواب الشعب لأهالي القرية سوى في موسم الانتخابات، قائلا "لو ماتت حمارة في موسم الانتخابات يعزوا فيها، لكن غير كده مايعرفوناش". وعلى جانب آخر، ما أن يأتي ذكر المصالحة أمام أهالي نجع حمادي، حتى يرد إلى الأذهان ارتفاع أسعار العقارات والأراضي بالمدينة، فمنذ سنوات ليست ببعيدة أقبل عدد كبير من شباب قرية المصالحة على شراء الأراضي والعقارات بنجع حمادي، بعد أن عادوا محملين بالأموال التي جنوها من عملهم بالخارج. بدأ الأمر حينما شعر عدد كبير من شباب القرية بضيق العيش فيها، في ظل عدم توافر فرص عمل، وهو ما اضطرهم للسفر إلى دول الخليج بحثا عن لقمة العيش، وبعد أعوام قليلة عاد هؤلاء الشباب إلى قريتهم باحثين عن وسيلة لاستثمار أموالهم، ووجدوا ضالتهم في تجارة الأراضي والعقارات، وأدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الأراضي بالمدينة بشكل كبير، وهو ما أثار غضب أهالي نجع حمادي الذين يرددون دائما " شباب المصالحة اشتروا المدينة". ويقول عبد الحكيم عابدين، أحد شباب قرية المصالحة، إن معظم شباب المصالحة حاصلون على مؤهلات عليا و متوسطة، وبعد التخرج لا يوجد سبيل آخر لكسب العيش وتكوين أسرة سوى السفر للعمل في الخليج، ويرجع عابدين اتجاه شباب القرية لشراء الأراضي والعقارات إلى أن المال الذي يعود بها الشاب بعد سنوات الغربة لا يدم مهما كان كثيرا، إلا في حالة استثماره. ويضيف عابدين أن العائدين من الخارج لا يفضلون شراء أراضى بالقرية، لأنها ليست كالمدينة، فالمدينة حيوية وحركة البيع والشراء فيها قوية، أما من يتجهون للشراء في القرية فأنهم لا يشترون بغرض الاستثمار وإنما بغرض التوسع والسكن، موضحا أن سعر قيراط المباني بالقرية يصل إلي 150 ألف جنيه، في حين وصل سعر القيراط الزراعي إلى 20 ألف جنيه، بعد أن كان سعره، منذ حوالي 4 سنوات، 4 آلاف على أقصى تقدير. وأشار السيد ياسر، أحد شباب القرية، إلى اعتماد معظم شباب المصالحة، إن لم يكن جميعهم، على السفر للخارج لجمع المال، ثم العودة لشراء أراض بالمدينة، حتى أصبحوا هم من يمتلكون المال ولهم القدرة على الشراء بأعلى الأسعار وبيعها بأضعاف هذه الأسعار، لذا فإن القرية أصبحت من أغنى قري المركز ومعظم أهلها يمتلكون عقارات بالمدينة.