أخبار مصر: بوسي شلبي تهاجم أبناء محمود عبد العزيز، قرار مصيري بشأن أزمة مباراة القمة، انفجارات تهز بورتسودان، انخفاض الذهب    رئيس الوزراء يتفقد اليوم المشروعات الخدمية والتنموية بالغربية    مائل للحرارة.. طقس الكويت اليوم الخميس 8 مايو 2025    انتصار تصور فيلمًا جديدًا في أمريكا    انفجارات قوية في بورتسودان والجيش السوداني يسقط عددا من المسيرات    باكستان تعلن ارتفاع حصيلة قتلاها جراء الضربات الهندية إلى 31    آخر تطورات أسعار النفط بعد تلميح أمريكا بمحادثات تجارية مع الصين    أبوبكر الديب يكتب: كيف تربح عندما يخسر الجميع ؟    بعد بيان وزارة المالية.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 للموظفين وتطبيق رفع الحد الأدنى للأجور    وزير خارجية سوريا: زيارة الشرع لفرنسا نقطة تحول بالنسبة لبلادنا    انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4810 جنيهاً    أعلام فلسطيني: 4 إصابات جراء قصف الاحتلال لخيمة تؤوي نازحين بخان يونس    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    كمال الدين رضا يكتب: إصابات نفسية للأهلي    الأخضر بكام.. تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    دور المرأة في تعزيز وحماية الأمن والسلم القوميين في ندوة بالعريش    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالقاهرة الجديدة    حبس سائق توك توك تحرش بسيدة أجنبية بالسيدة زينب    اليوم، إضراب المحامين أمام محاكم استئناف الجمهورية    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    تفاصيل تعاقد الزمالك مع أيمن الرمادي    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    أنطونيو جوتيريش: الهجمات الأخيرة على بورتسودان تُمثل تصعيدًا كبيرًا    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. نقيب المحامين: أي زيادة على الرسوم القضائية يجب أن تتم بصدور قانون.. شرطان لتطبيق الدعم النقدي.. وزير التموين يكشف التفاصيل    تفاصيل خطة التعليم الجديدة لعام 2025/2026.. مواعيد الدراسة وتطوير المناهج وتوسيع التعليم الفني    «التعليم» تحسم مصير الطلاب المتغيبين عن امتحانات أولى وثانية ثانوي.. امتحان تكميلي رسمي خلال الثانوية العامة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    تفاصيل إطلاق كوريا الشمالية عدة صواريخ اتجاه بحر الشرق    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    وزير الاستثمار يلتقي مع السفير السويدى لتعزيز العلاقات الاقتصادية    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصعيد المنسي ..الفقر والجهل والمرض تحاصر القري والنجوع
المدارس متهالكة والحصص في فناء المدرسة

الفقر والجهل والمرضثالوث يطارد الصعايدة في معظم القري والنجوع‏,‏ يعيشون زمن الثلاثينيات أو الأربعينيات علي الأكثر فالحالة المزرية التي يعيشها الأهالي تقشعر لها الأبدان والظاهرة العامة هي الفقر المدقع للأغلبية من سكان تلك المناطق. أما الأغنياء فهم قلة, والمشهد الطبيعي أن تري الأزقة في الصعيد وأبواب مساكن ملتصقة وبالاقتراب منها تدهش من هول ما تراه, فالمسكن عبارة عن حجرة واحدة مساحتها لا تتعدي المترين دون اي منافذ للتهوية وأثاثها حصيرة تبسط في المساء فقط للنوم عليها وربما لا يمثل ذلك مشكلة لهم في فصل الصيف إلا في عدم التهوية, أما الشتاء فهو المعاناة الكبري من شدة البرد وعدم وجود الغطاء الكافي وغالبا الطعام أيضا لا يتوافر لهم.
فسكان هذه القري والنجوع حياتهم بعيدة عن المدنية ومنعزلون عن العالم وتم إهمالهم خلال العقود الماضية ولم تضعهم الحكومات السابقة علي خريطة التنمية أو حتي الاهتمام وهو ما يستلزم من الحكومة الحالية مجهودات مضنية لتحسين أوضاعهم قدر المستطاع, فلا توجد لديهم حتي وسائل ليتواصلوا من أجل المطالبة بحقوقهم فأغلبهم لا يشاهدون حتي التليفزيون لأنهم لا يمتلكونه وإذا تابعوه علي احد المقاهي إن وجدت ووفقا لعاداتهم فهي للرجال فقط, ولنا أن نتخيل حال تلك الأسر في مثل هذه الأجواء و إن صعب ذلك بالنسبة لكثيرين من المرفهين في العاصمة0
أما عن التعليم فهو مأساة بمعني الكلمة فالمدارس أبنيتها متهالكة وأغلبها يجب إزالته فورا, وهناك تلاميذ لا يجدون مكانا سوي في فناء المدرسة ليحصلوا علي العلم إذا ما توافر لهم بسبب العجز الشديد في المعلمين, وكل هذا بعيد عن رقابة ومتابعة واهتمام حقيقي من الوزارة بتلك المناطق فلا تدري مثلا أن القائم بأعمال إدارة إحدي المدارس يصرخ مناشدا المسئولين أنه ليس بالكفاءة لإدارة المدرسة ويطالب بتعيين مدير كفء لذلك.
أما عن الصحة فحدث ولا حرج فهي مهزلة بكل المعاني فإن وجدت وحدة صحية مجهزة فلن تجد الطبيب المتخصص وينتهي العمل بها الثانية ظهرا وفقا لمواعيد الطبيب الممارس, وفي مناطق أخري لا تجد إلا هيكل مبني قديم تسكنه الحيوانات الضالة والحشرات القاتلة والمرضي يعانون الأمرين خصوصا أن أمراضهم وإصابتهم تنشأ من طبيعة وظروف المكان المحيط بهم والذي يحتاج إلي إسعافات سريعة لإنقاذهم من الموت سواء كان من طلق ناري أو إصابة من آلة حادة أو لدغ عقرب, فهذا كله لمسناه جليا خلال جولة تحقيقات الأهرام في بعض محافظات الصعيد وبالتحديد في بعض قري ونجوع المنيا وأسيوط, وهي أبعد ما تكون عن جميع الخدمات فحين تصل لهناك تفقد أي وسيلة اتصال بالخارج, فلا وجود لشبكات المحمول, وأول شيء تصادفه وأنت في الطريق للوصول لتلك المناطق تري وسائل النقل للمواطنين سيارات نصف نقل, وليس ما يمنع أن تنقل الحيوانات معهم في سيارة واحده, ومن لحظة أن تطأ قدماك الأرض في تلك المناطق لا تلمس إلا روث الحيوانات المنتشر في كل مكان سواء كانت بالشوارع والأزقة بحيث لا تتنفس إلا تلك الرائحة وكأنك داخل حظيرة حيوانات لا يدخلها الهواء أو الشمس وتتعجب من تعايش الأهالي في تلك الأجواء.
وفي قرية الشيخ شبيكة توجهنا إلي الوحدة الصحية التابعة للقرية حيث المبني المقام حديثا في داخل أحد الأزقة علي مساحة صغيرة ويصعب الاستدلال عليه, والوحدة بها طبيب ممارس رفض الحديث عن أحوال الوحدة والمشكلات التي تواجههم أو الخدمات التي يفتقدونها.
وفي حوارنا مع أبناء القرية أثناء الجولة قال سعد عبد اللطيف إن الأهالي يعانون الأمرين إذا مرض لديهم أي شخص, بالرغم من أن الوحدة الصحية بها أجهزة ومعدات الا أنها تفتقر لأطباء متخصصين ولا يوجد بها إلا طبيب ممارس ويأتي من التاسعة صباحا ويغادر الثانية ظهرا.
وأضاف أن القرية لطبيعة قربها من الجبل تتعرض لهجمات من الذئاب والحشرات القاتلة مثل العقارب والثعابين ويتعرض الكثيرون في القرية للعقر واللدغ ولا نجد علاجا أو طبيبا يستقبل الحالات ليداويها فنضطر لنقله إلي المستشفي العام في مركز ملوي التي تبعد نحو20 كيلو مترا لمحاولة إنقاذه وحصوله علي المصل والذي لا يتوافر بسهولة مما يؤدي في أحيان كثيرة لوفاة المريض وأقربها وفاة طالب ثانوي.
تجارة السلاح
أما قرية بني محمديات التابعة لمركز أبنوب بأسيوط فإنها تعد مصدرا رئيسيا لتجارة السلاح ومسرحا للخصومات الثأرية ويعيش أهلها في تهديد دائم تحت تهديد الطلقات الطائشة ويحتاجون إلي الإنقاذ الطبي السريع لكنهم لا يجدون من ينقذ أرواحهم وهنا تكمن المأساة في المركز الطبي المخصص له مساحة4 أفدنة كاملة بالقرية ولا يستغل منها سوي الموقع الذي تم عليه بناء المركز الطبي وتبلغ مساحته أكثر من2600 متر, حيث تتخذ المأساة عدة أشكال وألوان, ولو بدأنا بالمركز الطبي فسنجد السور الخارجي متهالكا تماما ومنخفضا ويسهل تخطيه بسهولة بالإضافة إلي وجود فتحات كثيرة به نظرا لاختفاء أجزاء منه وهو ما يسهل عملية السرقة للأجهزة الطبية إن وجدت ووجدنا الأبواب مفتوحة علي مصراعيها فسعدنا كثيرا ظنا منا أن الخدمة الطبية تقدم علي مدار ال24 ساعة متواصلة علي عكس ما يشيع الأهالي وبعد لحظات تجولنا داخل المركز دون أن يستوقفنا أحد وفجأة ظهر قطيع من الكلاب الضالة تنطلق بسرعة جنونية نحونا وتريد أن تهاجمنا ولولا تدخل أهالي القرية لفتكت بنا وعقب ذلك وجدنا المبني متهالكا تماما ونوافذه الزجاجية مهشمة والأقفال الموضوعة علي الباب يغلفها الصدأ, وعندما استفسرنا من الأهالي أكدوا لنا أن ذلك المبني هو مركز تدريب الأطباء وهو مغلق ولم يدخله بشر منذ أكثر من20 عاما حتي تحول إلي بيت للأشباح, وبعد ذلك شاهدنا مستنقعا ينتشر به نبات الغاب الذي لا ينبت إلا علي جنبات المصارف, وعقب ذلك دخلنا إلي المركز الصحي المكون من طابقين فلم نجد أحدا وحاولنا دخول غرف المرضي فوجدناها مغلقة تماما ولا يوجد أحد وعندما دخلنا إلي دورات المياه وجدناها سيئة للغاية وربما لم تستعمل منذ عشرات السنين, وبعد مرور أكثر من15 دقيقة خرجت علينا إحدي السيدات وقالت لنا ماذا تريدون فاستفسرنا عن الأطباء فقالت لنا إن الطبيب باستراحته بالطابق الأعلي وطلبنا منها الصعود فرفضت بشدة وقالت الطبيب يجلس بمفرده ومن يريده يذهب إليه, وتركتنا في حيرة من أمرنا وما إن جلسنا علي مقاعد الاستراحة انتظارا لظهور الأطباء حتي دخل علينا طفل صغير يدعي محمد خالد محمد حسان طالب بالصف الأول الابتدائي يشكو من آلام حادة في أسنانه والدموع تنهمر من عينيه, ويستنجد بالأطباء لكن دون جدوي, وعقب ذلك دخل علينا مواطن آخر يدعي ميلاد واصف من أهالي القرية وبيده سرنجة وأمبول وظل يبحث داخل أروقة المركز عمن يحقنه لكنه فشل مثل سابقيه من الأهالي.
بعدها تقابلنا مع الحاج عثمان محمد عثمان من أهالي القرية والذي بادرنا قائلا إن قرية بني محمديات من القري التي تنتشر بها الخصومات الثأرية, حيث تتصارع ثماني عائلات فيما بينها وكثيرا ما يحدث الاشتباك بينهم في آن واحد وهو ما يجعل سماء القرية تمطر أعيرة نارية وكثيرا ما يسقط قتلي ومصابون ولو حتي عن طريق الخطأ وأول ما يحدث عقب ذلك هو اخذ المصاب إلي المركز الطبي الذي يقع علي بعد خطوات من القرية ولكن للأسف المصاب يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل ذلك المركز الذي ليس به أي إمكانات طبية, هذا فضلا عن إهمال الأطباء الذين لا حول لهم ولا قوة.
التعليم في الحوش
وخلال جولتنا بقرية الشيخ كبيشة لمحنا من بوابة المدرسة اصطفاف التلاميذ علي الأرض وتتقدمهم إحدي السيدات وتقرأ عليهم من أحد الكتب, فاتجهنا نحوهم دون أن يوقفنا رجال الأمن أو العاملون بالمدرسة, وتحولت نظرات الأطفال الينا متعجبين من وجودنا أثناء تلقيهم الحصة الدراسية.
دخلنا أحد الفصول وهالنا ما رأيناه, تكتل من التلاميذ علي أدراج متهالكة ومحطمة وبعضهم يقف لا يجد مكانا يجلس عليه وأمامهم معلم يحاول استيعاب الضوضاء التي يحدثها التلاميذ من كثرتهم فسألناه عما يدور, فقال لنا أنه يشرح لتلاميذ فصلين داخل فصل واحد نظرا للعجز في المدرسين.
وللوقوف علي حقيقة الأمور تحدثنا مع القائم بأعمال مدير المدرسة عصام ناجي عبدالمجيد الذي اعترف بانه ليس لديه القدرة و الكفاءة في إدارة المدرسة فنيا أو إداريا وطالب المسئولين بالوزارة بسرعة تعيين قيادة لإدارة المدرسة بأقصي سرعة وحل مشكلة العجز في أعداد المدرسين.و قال طه عبد المولي مزارع بالقرية إن المدرسة الإعدادية صادر بشأنها قرار إزالة منذ عام1995 ولم ينفذ حتي الآن ومازال العمل مستمرا بها مع تكرار نفس مشكلات التعليم الابتدائي من عجز في المدرسين وعدم توافر للفصول لاستيعاب الطلاب, وإن الأعجب من كل هذا إقامة مبني للتعليم الأزهري كصرح للتعليم وتوقفه لعدم توافر معلمين للتدريس.
الفقر متفش
أما عن الأحوال الاجتماعية في القري والنجوع التي زرناها لا يرثي لها, فالفقر متفش في كل مكان, وحسبما ذكر أكرم مهني قطب رئيس جمعية تنمية المجتمع بالشيخ شبيكة فإن نسبة الفقراء تتعدي75% من عدد السكان في قري ونجوع الصعيد يعيشون في الأزقة والحارات الضيقة ويغطي سماءها الذباب, والبيت لا يتكون إلا من غرفة واحدة بها كل أغراض حياتهم, وهي الحصيرة وبعض الأواني والكانون ودورة مياه غير آدمية, وكل هذا في مساحة لا تزيد علي ثلاثة أمتار و يسكنون المقابر أحياء يعانون في الصيف من الضيق وخنقة النفس داخل جدران أربعة دون منفذ وفي الشتاء يموتون بردا من الجوع ونقص الغطاء.وأضاف قطب أن الاهالي بالقرية أسسوا جمعية تنمية المجتمع لمساعدة الفقراء إلا أن موارد الجمعية بالإضافة إلي ما تتلقاه من مؤسسة مصر الخير وبنك الطعام من تبرعات وأطعمة لشهر رمضان لا يكفي كل هذا العدد منهم خصوصا احتياج الاهالي للمساعدات علي مدي العام وليس لشهر واحد, وفي أثناء جولتنا اقتربنا من سيدة تحمل طفلتها وبجوارها باقي الأبناء السبعة وتقف بباب منزلها وقالت الهام زوجة عبده كامل بائع الترمس إن لديها سبعة أبناء يعيشون معها هي وزوجها في حجرتهم وتعد لزوجها الترمس الذي يبيعه كل صباح خارج البلدة وتنتظره كل مساء ليعود لها بحصيلة يومه ليتعايشوا منه داخل حجرتهم الضيقة والمظلمة التي يزاحمهم فيها الذباب كشريك أساسي.
وفي جوار بيت إلهام أسرة صابر صديق بائع الليمون والمكونة من12 فردا يعيش وشقيقه طه صديق مع زوجتيهما وشقيقتيهما ووالدتهما وأبنائهم في حجرة واحدة من طابقين, لن يتخيل أي منا كيف يمارس كل منهم حياته في ذلك الوضع المهين آدميا.
حياة بدائية
أما في أسيوط وبالتحديد قرية المنشاة الصغري, فالوضع أكثر مأساوية, فعدد سكانها أكثر من ثمانية آلاف نسمة يعيشون حياة بدائية للغاية, ويعتمدون علي الطلمبات الحبشية في تدبير احتياجاتهم من المياه التي تتسبب في كثير من الأمراض لاختلاطها بالصرف الصحي وعدم تنقيتها.
أما مشكلة المشكلات حيث يوجد بالقرية مخبز واحد و نصيب الفرد من الخبز يوميا يقدر بنصف رغيف وهو لا يلبي احتياجات الفرد علي الإطلاق, ولحل هذه المشكلة لجأ أصحاب المخبز وبعض الشخصيات في القرية إلي حل وسط حيث تم تقسيم الأهالي إلي مجموعتين كل مجموعة تأخذ احتياجاتها من الخبز مرة كل يومين, ويعاني أهالي القرية من ضعف وتذبذب التيار الكهربائي الذي يتسبب في إتلاف الأجهزة الكهربائية وكذلك وجود مصرف لصرف ملوحة الأرض تحول إلي برك ومستنقعات بعدما ألقي الأهالي به مخلفاتهم وكذلك الحيوانات النافقة وهو ما جعله مصدرا للأوبئة والأمراض, أما أهم مطالب أهالي القرية فهو استكمال مشروع الصرف الصحي الذي توقف فجأة دون معرفة سبب حتي الآن.
يقول رمضان نصر من شباب القرية إن القرية تعيش حياة بدائية للغاية وإنهم محرومون من المياه النظيفة والطرق الممهدة والخدمات الصحية والتعليمية والأكثر من ذلك أنه لا يوجد مركز شباب يفرغ به الشباب ما بداخلهم من طاقات لتظل قرية المنشاة الصغري كما هي قرية فقيرة تشكو من النسيان وغلفها الحرمان.
وتحدث جمال محمد سيد من أهالي القرية قائلا إن القرية تعيش في القرون الوسطي فنحن نعتمد في توفير احتياجاتها من المياه علي الطلمبات الحبشية لعدم قدرة خزان المياه علي تغطية كل احتياجات القرية ويترتب علي ذلك إصابة العديد من الأهالي بأمراض الفشل الكلوي والحصوات والتليف الكبدي وما غير ذلك, أما عن الصرف الصحي فقد توقف المشروع منذ ثلاث سنوات ويضطر الأهالي إلي حفر آبار أسفل منازلهم لتصريف المياه, ويترتب علي ذلك عدة كوارث منها التهديد الدائم بانهيار المنازل لتآكل الأساسات.
للأموات فقط
أما عزبة حبالي فإن أحياءها أموات وهو شعار رفعه أهالي العزبة للتذكير بحالهم المأساوي الذي لا يرتقي لأي معيشة آدمية حيث يعيش الأهالي كالأموات في حياتهم وسط المقابر حتي إن بعض أهالي العزبة التي تتبع مركز أبنوب بأسيوط اتخذوا من التسول بالمقابر موردا رئيسيا لمعيشتهم حيث ينتظرون ما يوزعه أهالي الموتي ترحما علي موتاهم لتوزيعها علي أهالي العزبة التي يعمل أغلب أبنائها في مهنة دفن الموتي والتي لا يعرفون غيرها.
يقول عامر عبد اللهمن أهالي العزبة إن ثالوث الفقر والجهل والمرض يسيطر علي أهالي القرية, فلا توجد أي خدمات بالعزبة التي تحيط بها المقابر من كل اتجاه وتقع علي حدود الجبل الشرقي, فالعزبة محرومة من أقل الحقوق البشرية في العيش حياة آدمية. ويضيف سيد محمد من أهالي القرية أن مشكلة المياه من المشكلات العضال التي يعاني منها أهالي العزبة حيث لا نعلم ما مصدرها و لا تصلح تماما للاستخدام الآدمي0
وتحدث محمود عطيةموضحا أن مشكلة الصرف الصحي أيضا من المشكلات الكبري والخطيرة أيضا, حيث يقوم الأهالي بتصريف المياه أسفل منازلهم ولا نعلم أين تتسرب هذه الكميات التي ربما تحدث كارثة في يوم ما بانهيار المقابر والمنازل.
ويوضح أحمد محمود سيدمن أهالي العزبة أن أطفال العزبة محرومون من أبسط حقوقهم في التعليم, حيث لا توجد بالعزبة مدرسة للتعليم الإعدادي أو الثانوي ويسيرون عدة كيلومترات إلي أقرب مدرسة وهو ما يعقد العملية التعليمية حيث يخشي عدد كبير من الأهالي علي أبنائهم, هذا بالإضافة إلي الأحوال الاقتصادية الصعبة التي لا تتحمل تكبد الأسرة مصاريف التنقل والتعليم.
وقال حمدي عبد الرحيم من شباب العزبةإن أسطوانات البوتاجاز التي تطرح أمامنا في الأسواق بسعر50 جنيها للأسطوانة ولا نجد معنا من المال ما يكفي احتياجاتنا حتي يفيض لشراء اسطوانات البوتاجاز لذا لجأ العديد من الأهالي إلي استخدام الكانون والأفران البلدية لطهو العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.