صرحت منظمة العفو الدولية أن القوات الإسرائيلية أظهرت استخفافاً واضحاً بحياة البشر من خلال إقدامها على قتل عشرات المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال، في الضفة الغربية خلال السنوات الثلاث الماضية مع إفلات أفرادها شبه التام من العقاب. وأكد التقرير الذي أصرته المنظمة، اليوم الخميس، بعنوان "سعداء بالضغط على الزناد: استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في الضفة الغربية" تصاعد إراقة الدماء وانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة جراء استخدام القوات الإسرائيلية للقوة غير الضرورية والتعسفية والوحشية بحق الفلسطينيين منذ يناير2011. وعلى صعيد جميع الحالات التي عاينت منظمة العفو الدولية تفاصيلها، لم يظهر أن الفلسطينيين الذي قُتلوا على أيدي الجنود الإسرائيليين كانوا يشكلون تهديدا مباشرا وفوريا لحياة الآخرين لحظة مقتلهم، لافتة إلى أنه في بعض الحالات، ثمة أدلة تشير إلى أنهم كانوا ضحايا لعمليات قتل عمد قد ترقى إلى مصاف جرائم حرب. وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر أن التقرير يعرض مجموعة من الأدلة التي تُظهر وجود نمط مروع من عمليات القتل غير المشروع وإلحاق الإصابات بالآخرين دون داعٍ تمارسه القوات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية. وأضاف لوثر قائلا:"يشير تكرار لجوء الجنود وأفراد الشرطة الإسرائيليين إلى استخدام القوة التعسفية والمسيئة ضد المحتجين السلميين في الضفة الغربية – وما يتمتع الجناة به من إفلات من العقاب على أفعالهم – إلى أن ذلك يتم كما لو كان تنفيذا لسياسة معتمدة". الوفيات والإصابات وحرصت منظمة العفو الدولية على توثيق مقتل 22 مدني فلسطيني في الضفة الغربية العام الماضي، قُتل 14 منهم على الأقل في سياق يرتبط بالاحتجاجات، حيث كان معظم الضحايا من الشباب دون سن الخامسة والعشرين، فيما كان أربعة منهم من الأطفال. ووفق الأرقام الصادرة عن الأممالمتحدة، فكان عدد قتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية على أيدي القوات الإسرائيلية في عام 2013 أكبر من إجمالي عدد الذين قُتلوا منهم في عامي 2011 و2012 معا، فيما قتل خمسة وأربعون فلسطينياً في السنوات الثلاثة الماضية، كما شملت قائمة القتلى والمصابين المحتجين السلميين والمدنيين المارة وناشطي حقوق الإنسان والصحفيين. وعن السنوات الثلاث الأخيرة، أكدت المنظمة تعرض 261 فلسطينيا، بينهم 67 طفلا، لإصابات خطيرة جرءا إصابتهم برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ومنذ يناير2011، أُصيب عدد قوامه أكثر من 8000 فلسطيني الضفة الغربية، بما في ذلك 1500 طفل، بإصابات وجراح خطرة جراء الاعتداء عليهم بوسائل أخرى غير الرصاص من قبيل الرصاص المعدني المغلف بالمطاط والتهور في استخدام الغاز المسيل للدموع، وفي بعض الحالات الموثقة تُوفي الضحايا نتيجة لاستخدام هذه الأسلحة. أضاف فيليب لوثر قائلا "تُعتبر الأعداد المذهلة للجرحى بمثابة تذكير مؤلم بالخطر المستمر بلا هوادة والذي يتعرض له الفلسطينيون القاطنون في الضفة الغربية بشكل يومي"، حيث أُصيب عدد من الضحايا بطلقات في الظهر، مما يوحي أنه قد جرى استهدافهم أثناء محاولتهم الفرار، وأنهم بالتالي لم يشكلوا تهديدا حقيقيا لحياة عناصر القوات الإسرائيلية أو غيرهم، مشيرا أنه في بضع حالات، لجأ عناصر القوات الإسرائيلية المحصنين تحصينا جيدا إلى وسائل مميتة بغية قمع المحتجين من قاذفي الحجارة، ما أدى إلى إزهاق الأرواح دون مبرر. التحقيقات تابع التقرير أنه بعد مرور أكثر من سنة، لم يُكشف النقاب بعد عن نتائج التحقيقات التي أجرتها السلطات الإسرائيلية في عدد من الحالات التي يُشتبه في كونها عمليات قتل غير مشروع. علق لوثر على هذه الجزئية قائلا أن النظام الإسرائيلي الحالي أثبت أنه غير ملائم وغير كافٍ على نحو مؤلم، إذ لا يمكن وصفه لا بالمستقل ولا بالحيادي، كما إنه يفتقر للشفافية بشكل كامل، لافتا إلى ضرورة اجراء تحقيقات عاجلة وشاملة ومستقلة في جميع الحوادث التي يُشتبه في أنها تنطوي على استخدام القوة التعسفية والمسيئة، خاصة عندما يؤدي ذلك إلى إزهاق الأرواح أو وقوع إصابات خطيرة. وأردف لوثر أنه يجب إرسال رسالة شديدة اللهجة إلى الجنود وأفراد الشرطة الإسرائيليين مفادها أن الانتهاكات لن تمر دون عقاب، ومالم يُحاسب مرتكبو الانتهاكات، فسوف تستمر علميات القتل غير المشروع والإصابات دون أدنى. الاحتجاجات شهدت الضفة الغربية في السنوات الأخيرة استمرار الاحتجاجات على طول أمد الاحتلال الإسرائيلي وطائفة من السياسات والممارسات القمعية ذات الصلة، وتشمل هذه الممارسات والسياسات استمرار التوسع في بناء المستوطنات غير الشرعية، وبناء جدار بطول 800 كلم، وهدم المنازل وإزالتها بالقوة، وعمليات الإخلاء القسري، وإقامة العديد من نقاط التفتيش التابعة للجيش الإسرائيلي، واقتصار حق استخدام بعض الطرق على المستوطنين الإسرائيليين دون الفلسطينيين وغير ذلك من القيود التي تُفرض على حركة الفلسطينيين وتنقلهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. أوضحت المنظمة أن الاحتجاجات تنظم ضد احتجاز آلاف الفلسطينيين، وردا على ضربات الجيش الإسرائيلي وغاراته في غزة، وقتل أو جرح الفلسطينيين في الاحتجاجات أو أثناء عمليات المداهمة الرامية إلى اعتقال أشخاص بعينهم. عمليات نقل الأسلحة ناشدت منظمة العفو الدولية السلطات الإسرائيلية كي توعز إلى قواتها بضرورة الإحجام عن استخدام القوة المميتة، لا سيما استخدام الرصاص الحي والرصاص المعدني المغلف بالمطاط إلا في حالات الضرورة القصوى التي تستدعي حماية الأرواح، لافتة إلى أنه يتعين على السلطات أن تراعي حق الفلسطينيين في التجمع السلمي. أهابت المنظمة بالولايات المتحدة وباقي أعضاء المجتمع الدولي تعليق جميع عمليات نقل الذخائر والأسلحة وغيرها من المعدات إلى إسرائيل، حيث أكد لوثر أنه من غير المرجح أن تتغير الأوضاع دون قيام المجتمع الدولي بممارسة الضغط على إسرائيل بهذا الخصوص. أردف قائلا أنه أُريقت دماء الكثير من المدنيين ويجب وقف هذا النمط القائم منذ أمد طويل، مضيفا أنه إذا ما كانت السلطات الإسرائيلية ترغب بأن تثبت لعالم أنها ملتزمة بالمبادئ الديمقراطية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فيجب أن تتوقف عمليات القتل غير المشروع والاستخدام غير الضروري للقوة فورا.