في غياب مرموش، مانشستر سيتي يواجه برينتفورد في ربع نهائي كأس الرابطة الليلة    محمد رمضان: أمتلك أدلة تثبت أحقيتي بلقب «نمبر وان»    محمد علي السيد يكتب: عن العشاق.. سألوني؟!    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بحلوان    حبس المتهمين باستغلال نادى صحى لممارسة الرذيلة بالقاهرة    هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على «كراسنودار» الروسية يتسبب في انقطاع الكهرباء    ترامب يتوعد فنزويلا ب"صدمة غير مسبوقة"    مسئولو "الإسكان" يُشاركون بجلسات نقاشية بالمنتدى الوزارى العربي السادس للإسكان والتنمية الحضرية بقطر    وزير الاتصالات: تأهيل الشباب للعمل كمهنيين مستقلين يساعد فى توسيع نطاق سوق العمل وخلق فرص عمل لا ترتبط بالحدود الجغرافية    منح البورصة المصرية رخصة تداول المشتقات نهاية يناير المقبل    سيد محمود ل«الشروق»: رواية «عسل السنيورة» تدافع عن الحداثة وتضيء مناطق معتمة في تاريخنا    حالة من الغضب داخل مانشستر يونايتد بشأن رفض المغرب مشاركة مزراوي مع الفريق    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    حملة تشويه الإخوان وربطها بغزة .. ناشطون يكشفون تسريبا للباز :"قولوا إنهم أخدوا مساعدات غزة"    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    مصرع شاب داخل مصحة علاج الإدمان بالعجوزة    «ترامب» يعلن تعزيز الأسطول حول فنزويلا لحماية المصالح الأمريكية    ضياء رشوان عن اغتيال رائد سعد: ماذا لو اغتالت حماس مسئول التسليح الإسرائيلي؟    رئيس محكمة النقض يترأس لجنة المناقشة والحكم على رسالة دكتوراه بحقوق المنصورة    38 مرشحًا على 19 مقعدًا في جولة الإعادة بالشرقية    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    أحمد مراد عن فيلم «الست»: إحنا بنعمل أنسنة لأم كلثوم وده إحنا مطالبين بيه    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    خطأ بالجريدة الرسمية يطيح بمسؤولين، قرارات عراقية عاجلة بعد أزمة تجميد أموال حزب الله والحوثيين    الإعلان عن إطلاق منصة رقمية للتمويل الإسلامي خلال منتدى البركة الإقليمي    بعد العودة من الإصابة، رسالة مؤثرة من إمام عاشور تشعل مواقع التواصل عقب فوز مصر على نيجيريا    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    تفاصيل مداهمة مجزر «بير سلم» ليلاً وضبط 3 أطنان دواجن فاسدة بالغربية    رجال السكة الحديد يواصلون العمل لإعادة الحركة بعد حادث قطار البضائع.. صور    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    اتحاد الكرة: نهدف لتتويج مصر بكأس أفريقيا    ترامب يعلن أنه سيوجه خطابا هاما للشعب الأمريكي مساء غد الأربعاء    مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران    أرمينيا تتهم الاتحاد الأوروبي بالتدخل في شؤونها الداخلية    فيفا يكشف تفاصيل تصويت العرب فى «ذا بيست» 2025    تليفزيون اليوم السابع يستعرض قائمة الأفلام العربية المرشحة لجوائز الأوسكار ال 98    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    بنك المغرب يحافظ على سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25% وسط حذر اقتصادي    خبير تشريعات اقتصادية: زيادة حد إعفاء السكن من الضريبة خطوة مهمة لتخفيف الأعباء    تفاصيل خاصة بأسعار الفائدة وشهادات الادخار فى مصر    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    مجلس النواب 2025.. محافظ كفر الشيخ يتابع جاهزية اللجان الانتخابية    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    المصريون بالأردن يواصلون الإدلاء بأصواتهم خلال اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير الدراسة بمدرسة الشهيد عمرو فريد    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاطع من ''وجع مصر''.. غمض عينيك واستمع
نشر في مصراوي يوم 25 - 02 - 2014

يقولون إن الثورة مقاومة، والنضال له أشكاله، كلٌ يفعل ما يستطيع، البعض يرسم، يُغني، أو يخرج للشارع لا يبرحه، حتى ينتصر أو يموت، وهناك من يُذكر الناس بما نسوه، يُعيد لهم تفاصيل أهملوها، تساقطت مع الوقت، يبث لهم مقاطع صوتية، فتكتمل الصورة بعقولهم مرة أخرى، فيبتسمون أو يبكون، يتوقفون قليلًا عن السمع ليهدأ الوجع، ثم يُكملون بما سمعوه مشوار الثورة بعد أن خبت نارها.
في شباك الشقة المطلة على أحد شوارع الإسكندرية وقفت الفتاة، تتعجب لذلك الشاب الذي يتقدم من الذين يصوبون أسلحتهم تجاهه، تنتظر قليلا، تنادي والدتها، طلقة واحدة في الصدر، يُطرح الفتى على الأرض ميتًا، تصرخ الوالدة ''ليه يا حيوان؟.. ليه منكو لله''، تبكي الفتاة على ألحان موسيقى أغنية ''يا بلادي'' ومعها كلمات ''يا ناس مفيش حاكم إلا من خيال محكوم''.
خلط الأصوات ليس تخصصًا مهنيًا يعمل به ''أيمن بدر''، هو مهندس معماري في الأصل، ابتغى فعل شيء جديد، يوصل به ما أراد للناس، فاتخذ من موقع ''ساوند كلاود'' طريقًا له، صوتًا مع آخر يخرج فكرة جديدة، تعبر عما يُريد قوله، أسمى مجموعته ''المزيج العميق''، مع اسم إضافي يتغير في كل مرة بداية من الأول ''عفن''، وحتى المزيج الأخير ''واحد''.
''احنا جيل جديد وطرق التعبير بتاعتنا مبدعة''، قال ''أيمن''. الفكرة الأخيرة التي عمِل عليها استغرقت شهرين، ''بدأت فيها من شهر عشرة وخلصتها قبل ذكرى الثورة بيومين''، لم يقصد أن يُنهيها قبيل الذكرى ووسط موجة من ثلاث فرق أصابت الشباب ''بس خدت وقت لأني كنت بقف شوية وأرجع وأفكر هختار ايه أدخله في التراك''، هدف المزيج الأخير هو إبراز مدى أهمية الوحدة بين المصريين ''احنا واحد في كل حاجة في البلد والدم والأمل حتى الميت لما هينزل هيبقى في نفس الأرض مع حد تاني مختلف عنه''.
''اللي يردموه يرجعوا تاني يفحتوه واللي يسفلتوه يرجعوا تاني يهدوه.. ياما جاري في الدنيا ياما جاري''، صوت الفنان ''عماد حمدي'' كمقطوعة من فيلم ''ثرثرة فوق النيل''، ومعه الجموع تهتف ''الشعب يريد إسقاط النظام''، سرينة إسعاف بهديرها المألوف، وصوت يقول ''بس للأسف احنا مضطرين نتعامل مع العفن''.
يعمل ''أيمن'' على أفكاره بمفرده، يحاول تطوير التقنيات المستخدمة في المزج ''بصعب الأمر على نفسي عشان أتعلم حاجة جديدة في كل مرة''، بدأت رحلته مع مزج الأصوات عندما قدّم الفكرة الأولى ''المزيج العميق: عفن''، في أحد المعارض الفنية التي تضمنت أعمال تقوم على خلط العناصر بالتوازي ولكن للفيديو ''التراك بتاعي كان الوحيد اللي معتمد على الصوت بس الناس كانت مبسوطة منه جدا''، أشار عليه أحد أساتذة الإعلام الحاضرين في المعرض أن يقوم برفع المُنتج على موقع ''ساوند كلاود'' دون أن يعرف وقتها أن ما يفعل سيصبح مُهم للكثيرين.
''إنك تتحول من طبيب جرّاح لحانوتي.. انا محصلتليش في حياتي''، في الخلفية يصرخ أحدهم ''الشهدا يا كفرة''، بكاء هستيري، صوت الطبيبة ''فاطمة البيّاض'' تروي شهادتها على أحداث فض ميدان رابعة العدوية ''قال لي انا عارف إني هستشهد بس إديني مُسكن يا بنتي.. ارفعي راسي مش قادر أخد نَفَسي يا بنتي''، قرآن يتلوه الشيخ مصطفى إسماعيل، بكاء مرة أخرى مختلط ب''حسبي الله ونعم الوكيل.. ملناش إلا انت يارب''.
لم يستطع ''أيمن'' استكمال العمل مع بعض المشاهد أو الأصوات، تعتريه نوبة بكاء ''كنت بحاول أقلل في الأصوات جرعة البكاء لكن في نفس الوقت كنت بفتكر الأحداث وأعيط وأنا شغال''، لا يعرف الشاب العشريني شخص بعينه ممن ماتوا أو اُصيبوا خلال الاشتباكات ''بس كنت حاسس إني أعرفهم كلهم؛ الولد اللي وقف قدام المدرعة وقت الثورة والبنت اللي كانت بتعيط على الولد اللي اتقتل يوم 28 يناير في الإسكندرية''، لكن بعض الأصوات فاقت البقية وجعًا ''أكتر صوت وجعني هو صوت شهادة دكتورة في فض رابعة بتحكي عن الحدث ومشاهد الجثث اللي جاتلها''.
الشيخ محمد متولي الشعراوي يرفع دعاء ''ربنا ظلمنا أنفسنا وإلا تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين''، اشتباكات متوازية مع صوت شاب يصرخ مجروحًا بعد إصابة ''آة.. أة''، ينهي المقطع الشاعر فاروق جويدة ''هذه بلاد لم تعد كبلادي''.
الأربع أفكار التي قدمها ''أيمن'' قبلًا تنوعت بين الإسقاط السياسي وغيره، حيث بدأ أولها مرة في شهر مايو 2013، ثم جاء بعد ذلك بالفكرة الثانية وأسماها ''دم''، مزج فيها بعض من أصوات المهدورة دمائهم في أحداث مُختلفة من بداية الثورة، ثم الفكرة الثالثة ''كربون'': ''كنت عايز أقول إننا بنكرر نفس أخطائنا بالكربون طول الوقت.. حادثة القطر اللي حصلت للأطفال هتحصل تاني والغلط هيتكرر زي ما حصل قبل كدة''، المزج الرابع كان بعيد لحد ما عن مسار السياسة ''كان اسمه القدوس، فلسفته عن اسم ربنا.. الناس فاهمة ربنا بشكل خاطيء؛ كنت عايز أبين لهم إن ربنا بيتقدس أكثر لما بنقرّب منه''، استعان فيه بمجموعة من الأدعية الإسلامية، التراتيل المسيحية، مقاطع من فيلم ''بحب السيما'' واقتباسات أخرى.
اليوم: 25 يناير 2011
شاب يقف أمام مُدرعة شرطة ترش مياه، لا يتزحزح واضعًا يديه بوسطه، في الخلفية أصوات مُشجعين يشاهدون ''جدع جدع.. راجل''.
''انا مش عايز أبسط حقوقي.. انا عايز حقوقي كلها''، تلك فلسفة ''أيمن''، لم يترك حدثًا إلا وخرج فيه بداية من الثورة وحتى ذكراها، لم يسلم من الإصابات أيضًا ''يوم 28 يناير 2011 اتصبت في صدري بخرطوش وفيه جزء من تراك فيه صوت الناس وهما بيقولولي ارجع وخلي بالك''، مرة أخرى في أحداث ''محمد محمود'' الأولى، جاءت إصابته في اليد ''كنت عارف إن فيه قنص للعين فحميت عيني بكف إيدي الخرطوش جه فيها''، الخروج للمظاهرات أفاد المهندس المعماري ببعض لقطات صورها في الأحداث، ضمنها بعد ذلك في مزجه المقاطع، بجانب ذلك يعتمد على موقع يوتيوب كمورد أساسي للمشاهد ''لكن الفكرة هاخد إيه من يوتيوب وبعد ما بختار الفيديو بشتغل على الصوت بتاعه عشان يبقى أفضل''.
بندقية مُصوّبة للمتظاهرين، يرفعها رويدًا، يضغط الزناد، من خلفه جاء الصوت ''جدع يا باشا.. جت في عين الواد''، صوت طلقات، وقصيدة ''أمل دنقل'' ''هل يصير دمي بين عينيك ماء؟.. أتنسى ردائي المُلطخ بالدماء.. إنها الحرب قد تثقل القلب لكن خلفك عار العرب.. لا تُصالح''.
يحكي السامعون لصاحب الفكرة ما يشعرون به عند تشغيلهم المقاطع ''ناس كتير قالولي إننا مبنقدرش نكمل التراك بس بنسيبه ونرجع تاني''، يسعد ''أيمن'' لتلك الأقوال ''بحس إن الناس قادرة تكمل المشوار حتى لو فيه وجع وقسوة''، يحاول تطوير آداءه مع الوقت، يتفق مع أحد الفرق التي تُقدم عروضًا مسرحية للاستعانة بخبرته في ما يقدمونه ''فيه شعراء كمان كلموني وقالولي ممكن نعمل شغل سوا''، تُلهم الأصوات التي يجمعها البعض ''فيه رسام جرافيتي أعرفه قال لي إنت اللي بتعمله بيخليني أعرف أرسم''.
''ثوار أحرار هنكمل المشوار'' هتاف مع تصفيق، صوت آلة العود مع قصيدة ''اللي هيقعد في بيته بعدها خاين.. اللي هيقعد في بيته كأنه سلّم التانيين''، ينتهي المقطع بموسيقى أغنية ''يا بلادي'' كما بدأ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.