''ليلى''.. من ''25 يناير'' لتفجير ''أمن القاهرة''.. ''الدم بيوجع''

كانت عيناها تجيئان وتذهبان مع الحالات، تطمئن على هذا، تربت على كتف زوجته تهدئها، تحتضن أطفالهما، تُخبر الأب والأم كلمات تصبرهما، ليست طبيبة، لكنها اعتادت عملهم منذ مجيئها، يُذكرها مشهد المصابين بمشهد آخر اختبرته منذ ثلاث سنوات ويوم واحد. تعمل ''ليلى عبد الوهاب'' في التنظيف بمستشفى ''أحمد ماهر'' التعليمي، عندما يتأزم الوضع تُساعد بقسم الجراحة، تطير من غرفة لأخرى، لا يسعها سوى المراقبة والابتهال أن ينتهي اليوم على خير.

خمسة عشر عاما جمعت السيدة الخمسينية بجنبات المستشفى، تأتي من مسكنها ب''منشية ناصر'' لتعمل منذ السابعة صباحا لمدة 12 ساعة، وأحيانا حتى الثانية عصرا، بعد التفجير الذي وقع بمديرية أمن القاهرة، ''الدنيا اتقلبت في المستشفى''، تحكي السيدة ما رأته صباح الجمعة عقب بداية نوبة عملها، ''انا جيت زي كل يوم لقيت المصابين بييجوا كتير''؛ فتركت عملها الأصلي وحاولت مساعدتهم، ''كنت بساعد الناس على قد ما أقدر مع الممرضين.. اللي عايز حاجة بعملهاله''.

تفاصيل مصابي المديرية موجعة ل''ليلى''، كما هي للأهالي، ''اليوم كان صعب جدا.. دخلنا تلاتة تلاجة المستشفى والباقيين منهم كتير مشيوا''، لكن رغم ذلك، ''احنا قاعدين مكملين أربعة وعشرين ساعة طواريء عشان بكرة''، تحفظ ''ليلى'' جيدا تفاصيل يوم ثورة 25 يناير، أعادت إليها حادثة التفجير والمصابين ذكرياته.

نقلت ''ليلى'' المصابين في اليوم الأول للثورة، كما فعلت اليوم، مع فرق ''25 يناير كانت حالة المصابين صعبة أكتر''، على حد قولها. ''كنا قاعدين في المستشفى وقالولنا فيه مظاهرات وبعدها بحاجة بسيطة لقينا العيال داخلين متعورين''، إصابات رصاص حي، خرطوش وأشياء أخرى شاهدتها العاملة، ''شفت ولد واخد رصاصة في جنبه وواحد تاني واخد رصاصة في الجمجمة''.

لا تعبأ السيدة ذات الإيشارب الأسود بماهية المُصابين، هم يذكرونها بأولادها، ''أمل وأحمد''، تتقرب إلى الله بالمساعدة قدر المستطاع، منظر الدم ''اتعودت عليه خلاص''، لكنها لا تريد سوى استقرار حال البلد وتوقف الحوادث، ''حرام والله.. اللي بيموتوا من أي حتة دول عيالنا في الآخر''.