تصوير - إشراق أحمد: وسط ظروف معيشية يطحنها الفقر، ووسط مقابر ''السيدة نفيسة'' في أجواء تكاد تخلو من الأمن والأمان، تعيش ''حليمة'' أواخر عمرها وحيدة، بعد أن تزوج كل أولادها، ولا يبقى لها سوى بضع جنيهات تساعدها على سد رمقها. ''حليمة''، ابنة محافظة سوهاج، التي تجاوزت السبعين عامًا، تركت بلدها منذ عقود طويلة لتعيش مع زوجها ''الأرزقي'' في وسط العاصمة المزدحمة، بعد أن طردهما الفقر؛ لكي تحتضنهما مقابر ''السيدة'' الأكثر فقرًا، كما احتضنت غيرهم من أبناء محافظة الصعيد. تعيش الحاجة حليمة في كنف تربة ''حسن الزهيري''، والذي سمح لها بأن تعيش حياتها بغرفة ملحقة بمقابر العائلة، تشتكي من كثرة البلطجية فى المنطقة، ومن ''الحرامية'' أحيانًا، تحتمي منهما أحيانًا ب''الكلاب''، كما يفعل معظم أهالي المنطقة لحراسة مقتنياتهم زهيدة الثمن. تحمل ''حليمة'' في ذاكرتها من مروا على مقابر ''السيدة''، ومن جاءوا لتوديع ذويهم الموتى، أو لزيارتهم يومًا ما، لكن هذا المكان الذي يحمل ذكرى حزينة لأغلب الناس، شهد لحظات فرحها وولادة أولادها السبعة وتربيتهم ثم تزويجهم جميعًا. لا يقطع وحدة ''حليمة'' وسط القبور سوى زيارات خاطفة من أولادها السبعة ''عندي ست رجالة وبنت واحدة''، جميعهم تزوجوا ورحلوا عن ''المقابر''، يزور أبناء ''حليمة'' والدتهم بين الحين والآخر، وبعد أن رحل عنها زوجها ''إسماعيل'' منذ أكثر من خمسة عشر عامًا. كما لا يؤنسها في وحدتها سوى صورة زوجها على حائط غرفتها، وبعض من صور أولادها في صغرهم ''محدش بيسأل فينا مين المسئولين''، كلمات تصف بها ''حليمة'' صمت الحكومة عن السؤال عن أحوال ساكني المقابر ''بقبض 215 جنيه في الشهر معاش السادات.. أهو أحسن من مفيش''. لا تعرف ''حليمة'' معنى للدستور الجديد أو ما يجرى في مواده، لكنها ذهبت إلى الانتخابات مع عدد من السيدات من جيرانها، فضلت أن تختار ''مرسي'' في انتخابات الرئاسة، ظنًا منها أنه ''بتاع ربنا وهيحل مشاكل البلد''. ''نفسى أزور النبي''، أمنية ''حليمة'' في الوقت الباقي من عمرها، وزيارة إلى الرسول قبل أن تلاقي ربها، تتمنى أيضًا في حياتها أن ترخص الحكومة أسعار احتياجاتها من الخضروات والغذاء حتى تستطيع العيش.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا