استأثر هجوم متمردي (الجبهة الثورية) أمس على مدينة "أم روابة" بولاية شمال كردفان باهتمام الصحف السودانية الصادرة اليوم الأحد . وأوردت الصحف التفاصيل الكاملة للهجوم الذي راح ضحيته 9 قتلى من أفراد الشرطة و3 مواطنين على الأقل ، إضافة إلى حرق محطتي الكهرباء والمياه وبرج الاتصالات ، ونهب المصارف والمتاجر قبل أن يفر المهاجمون من المدينة حيث طاردتهم قوات الجيش السوداني وكبدتهم خسائر فادحة" في الأرواح والعتاد - حسب البيان الرسمي للقوات المسلحة. وأشارت الصحف إلى أن القصر الجمهوري شهد اجتماعا طارئا الليلة الماضية برئاسة علي عثمان محمد طه، النائب الأول للرئيس، بحث خلاله المجتمعون تداعيات الهجوم. وأدانت رئاسة الجمهورية الاعتداء وأكدت قدرة القوات المسلحة على التصدي لكافة المؤامرات التي تحاول النيل من كرامة الأمة السودانية وسيادة الوطن .. كما أدانت الاعتداء الفعاليات الرسمية والشعبية والأحزاب السياسية والمعارضة السودانية . ووصفت صحيفة (أخبار اليوم) في تعليقها الرئيسي الاعتداء بأنه فاصل مأسوي وقبيح ، وتساءلت عن مغزى الهجوم وماهية الرسالة الموجهة ولمن .. هل هي للمواطنين العزل أو لجنود الشرطة الذين تم ذبحهم ونهب ممتلكاتهم وإتلاف منشآتهم العامة ، فضلا عن محال وأسواق الناس الخاصة ؟ واختتمت الصحيفة تعليقها بتأكيد أن الاعتداء (رسالة بائسة) لا تحقق هدفا ولا ترتق فتقا ، ولن يمنع ما جرى - مع الرفض والاستنكار الكامل له - من الثبات على إبداء كل الحرص على دفع الجهود السلمية دون تفريط في دولة القانون وتهاون مع المتلاعبين بالمقدرات والمكتسبات القومية على مدار السنين بكل ما فيها من قيم ومعان راسخة تعبر عن شخصية السوداني الفاضلة . صحيفة (الرأي العام) خصصت جل صفحاتها للحديث عن الاعتداء، وعنونت تقريرا لها من المنطقة: "أم روابة .. السبت الأسود" وجاء فيه إن مواطني المدينة التي تقع على بعد 301 كيلو متر من الخرطوم عاشوا يوما مغايرا ، حالك السواد يفصل بين الحياة والموت، حيث استيقظت المدينة على زخات الرصاص المنهمر وهدير سيارات الدفع الرباعي التي أصبحت علامة مسجلة لحاملي السلاح ومقاتلي الجبهة الثورية . وأضافت الصحيفة أن المواطنين عاشوا رعبا حقيقيا طوال فترة الصباح وعزلة مخيفة خاصة بعد تدمير برج الاتصالات وتعذر اتصالهم بذويهم في الأقاليم الأخرى ، ودللت على فداحة الاعتداء بوصف وزير الاعلام أحمد بلال عثمان للهجوم بأنه عمل انتحاري عديم الجدوى. وأشارت الصحيفة إلى أن الاجتماع الطارئ أمس للجنة العليا للتعبئة والاستنفار برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية حضره الحاج آدم نائب الرئيس وكل أعضاء اللجنة الذين يشكلون معظم وزراء الحكومة وعلى رأسهم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والمالية وجهاز الأمن والمخابرات والأجهزة الأخرى ، وأوضحت أن الاجتماع استعرض الموقف من خلال تقارير قدمتها الجهات حول الهجوم وكيفية احتواء الأثار التي خلفها وملاحقة المتورطين. وبدورها، ذكرت صحيفة (المجهر) أن المتمرد عبدالعزيز الحلو أشرف بنفسه على العمليات التي بدأتها الحركة الشعبية (قطاع الشمال) مستغلا مناخ التفاوض مع الحكومة في أديس أبابا ، حيث بعث ياسر عرمان لإعاقة التفاوض بينما هو نفذ الهجوم على الأرض. ونشرت الصحيفة حديثا مع المحلل السياسي والخبير الأمني، الدكتور ربيع عبد العاطي، أكد فيه أن تحرك الجبهة الثورية فيه كثير من المخادعة وفيه إشارة واضحة إلى أنهم لا يتحدثون عن جنوب كردفان فقط بل ويسعون إلى إحداث اضطرابات عامة في كل أرجاء البلاد، وقال إن ذلك يؤكد مواقفهم السابقة والرافضة للتفاوض. وأشار عبد العاطي إلى أن هدف المتمردين نقل معركتهم إلى الخارج ، موضحا أنهم لا يعرفون لغة السلام ولا يفهمونها ، وطالب بتغيير الموقف الرسمي تجاه هذا الملف. أما صحيفة (آخر لحظة) فقد تابعت الهجوم العنيف الذي شنته القوى السياسية المعارضة على الحركة الشعبية (قطاع الشمال) والجبهة الثورية واتهمتها بالسعي لتوسيع رقعة الحرب بإدخالها إلى إقليم كردفان. ونقلت الصحيفة تصريحا للأمين القطري لحزب البعث التجاني مصطفى أشار فيه إلى أن الاعتداء له تأثير سلبي على المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال ولا يحقق أي مكاسب للجبهة الثورية على الأرض ، ودعا الحكومة لإعادة النظر في سياساتها بالتنسيق مع المعارضة لمعالجة أزمات البلاد بصورة جذرية. من جانبه ، أكد القيادي بالحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل، في تصريح للصحيفة، على ضرورة الرد القوي والسريع على هجوم المتمردين ورد الصاع صاعين ، مشيرا إلى أن قادة الجبهة الثورية عرمان وعقار غير جادين أو صادقين في إعادة السلام والاستقرار في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق أو أية منطقة في السودان ، معتبرا أن الجلوس معهما في مائدة التفاوض أمر خطأ منذ البداية . وفي السياق ، قال السفير نجيب الخير مساعد الأمين العام للعلاقات الخارجية بحزب الأمة القومي إن انفضاض المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال أمر متوقع ، فيما طالب حزب الأمة في بيان له أمس القوات المسلحة بحماية المدنيين وردع المتمردين واستصحاب رأي القوى السياسية في القضايا الوطنية. من ناحيتها ، ذكرت صحيفة "الانتباهة" أن الاعتداء أدى إلى مقتل 16 من أفراد الشرطة وعدد من المواطنين ، وقُطع الطريق القومي بين كوستي والأبيض لعدة ساعات ، وأشارت إلى أن الاعتداء تزامن مع انهيار الجولة الأولى من المباحثات بين الحكومة وقطاع الشمال بأديس أبابا . ونقلت الصحيفة تصريحات عن كبير مفاوضي الحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان قال فيها إن المباحثات مع الخرطوم انطلقت بمواقف متباعدة ، وجدد - عقب انهيار أولى جولات التفاوض مع الخرطومبأديس أبابا - تمسك القطاع بالتباحث في المسار الإنساني وفتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين دونما اشتراطات سياسية. وأكد عرمان أن الطرفين وصلا لطريق مسدود ، وتمسك بمطالبة حركته بفتح الممرات الإنسانية ووقف العدائيات لأسباب إنسانية ، والاتفاق على عقد مؤتمر دستوري عام بالبلاد، وإيجاد ترتيبات جديدة بالمنطقتين باعتبارها أساساً لأجندة التفاوض مع الخرطوم وموقفا استراتيجيا لا تراجع عنه.