حلم بدأ منذ عشرينات القرن الماضي، و تحقق على يد الشيخ ''حسن البنا''، و في سبيل هذا الحلم دفع حياته و استمرت الفكرة. سنوات بين ''الشرعية و الحظر''، و بين التحالفات السياسية من أجل الوصول للسلطة و من ثم تطبيق المنهج الإسلامي في الحكم، سنوات عجاف طوال واجهت ''جماعة الإخوان المسلمين''، تولى فيها ''ثمان شخصيات محورية'' منصب ''مرشد الجماعة'' خلفا للمرشد الأول ''الشيخ الشهيد حسن البنا''. اليوم 16 يناير يمر ''ثلاثة أعوام'' على انتخاب ''الدكتور محمد بديع'' مرشدا عاما للإخوان المسلمين خلفا للدكتور ''مهدي عاكف''، في سابقة تحدث لأول مرة في تاريخ ''الجماعة'' بانتخاب ''المرشد''. ''بديع''، تلك الشخصية المثيرة للجدل أينما حلت و ذكرت، هو ''أستاذ علم الأمراض'' بكلية الطب البيطري بجامعة بني سويف، و هو أيضا ضمن ''أعظم مائة عالم عربي'' وفقا للموسوعة العلمية العربية الصادرة في 1999 عن الهيئة العامة للاستعلامات. قدوم ''بديع'' شهد تغيرات كبيرة في ''الجماعة''، فثمة خلافات بين أعضاء مكتب الإرشاد -و إن كانت غير جلية- تمثلت في عدم حضور النائب الأول للمرشد السابق ''محمد حبيب'' لحظة إعلان النتيجة اعتراضا منه على إجراءات الانتخابات و مخالفتها لقواعد ''لائحة تنظيم الجماعة''، و أيضا خروج ''الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح'' من عضوية مكتب الإرشاد بسبب الاختلاف بين تيار المحافظين –يمثله الشاطر و محمود عزت-، و الإصلاحيين –يمثلهم أبو الفتوح-. سلطت الأضواء الاعلامية و الأنظار السياسية حينها على ''من يحكم الإخوان''، و كان ''بديع'' قد أجرى حوارا تليفزيونيا مع الإعلامية ''منى الشاذلي'' أكد فيه على التزام الجماعة بالتهدئة، ورفضهم وضعها في خانة ''المحظورة'' خاصة بعد حصولها على 88 مقعدا بالانتخابات البرلمانية 2005، و أنه لا مانع لدى الجماعة في التعاون مع ''الحزب الوطني'' في سبيل خدمة الشعب المصري، و قال جملته الشهيرة ''مبارك أب لكل المصريين''. بعد عام من انتخاب ''بديع'' مرشدا للإخوان، اشتعلت ''ثورة 25 يناير''، و رأى بديع و شيوخ الجماعة عدم الزج بالإخوان –الفصيل المعارض الأكبر حينها- في أتون صدامات بين الأمن و السلطة من ناحية، و بين الشعب من ناحية أخرى، و صرح ''بديع'' وقتها أن الاخوان لن ينزلوا للميدان، رافضا على ''تويتر'' توجيه ''تهمة الاشتراك في الثورة'' و تهييج الجماهير في الأيام الأولى، وقت كان الصدام محتدما بين الأمن و المتظاهرين. بعض ''شباب الإخوان'' لم يلتزم بقرارات مكتب الإرشاد، و توجه بالفعل ل''ميدان التحرير''، شجعهم على ذلك نزول رموز التيار الإصلاحي الإخواني و على رأسهم ''الدكتور أبو الفتوح''، و مر ''18 يوما'' ترنح فيهم النظام و سقط أمام الإرادة الشعبية، و بادر ''مكتب الإرشاد'' بتهنئة الشعب بثورته. خلال فترة ال''18 يوم''، شارك الإخوان في ''الحوار الوطني'' برئاسة ''عمر سليمان – نائب رئيس الجمهورية السابق''، مع عدد من الرموز الحزبية و الشخصيات السياسية المستقلة. و مرت الأيام، و كل يوم يزداد المشهد السياسي سخونة، و كل يوم تتجه الأنظار أكثر إلى ''مكتب الإرشاد'' و تصريحات ''بديع'' و شيوخ الجماعة، و يعلن تأسيس ''حزب الحرية و العدالة'' ليكون ذراعا سياسيا للتنظيم، استطاع من خلاله المشاركة في الانتخابات البرلمانية –بأغلبية ساحقة يليه حزب النور السلفي-، و هي الانتخابات التي لم يهنأ بها الجماعة ولا الشعب، و ألغيت ببطلان انتخابات ثلثي المقاعد. ''الانتخابات الرئاسية'' كانت فصلا مهما في مسرحية ''الجماعة و المرشد و الثورة''، حيث أكدت الجماعة في البداية أنها لا تسعى للسلطة، و إنما هدفها هو الإصلاح و الإنقاذ، إلا أنه بعد الإعلان عن فتح باب الترشيح، تقدمت الجماعة بأول أوراقها ''المهندس خيرت الشاطر – مشروع النهضة''، و هو المفرج عنه لتوه بعد الثورة في قضية ''ميليشيات الإخوان بجامعة الأزهر''، و أصدر المجلس العسكري ''عفوا عنه'' لظروفه الصحية. نظرا لعدم ''رد الاعتبار القضائي العسكري'' انسحب ''الشاطر''، و بقي ''مشروع النهضة'' ينتظر من يحمله و يصل به لنهاية سباق الانتخابات، وقتها كانت ''الجماعة'' دفعت بالورقة الثانية ''الدكتور محمد مرسي'' لخوض انتخابات الرئاسة، و هو ما تحقق بفوز ''مرسي – مرشح الجماعة الإسلامي'' أمام ''شفيق – المرشح المدني''.