من داخل طابور نسائي طويل ممتد بعرض اللجنة الانتخابية بمدرسة ''ملحقة المعلمين'' الابتدائية بالدقي بمحافظة الجيزة ، وقفت ''علياء عبد الناصر'' فى وسط الطابور ، تتقدم خطواتها رويداً رويداً إلى الأمام فى طابور الإستفتاء على مسودة الدستور ، يزداد يقينها مع كل خطوة تقترب فيها من الصندوق ، تقول بصدق :''أنا نازلة عشان ربنا هيسألنا فى الآخرة''. لم تكن تلك بداية ''علياء'' - والتى تعمل بالمحاسبة التجارية- فى طابور الإستفتاء ، وإنما كانت بدايتها يوم أمس بعد أن قررت أن تتصفح الشبكة الإلكترونية بحثاً عن موقع يقدم لها خدمة التعرف على لجنتها الإنتخابية و رقمها فى كشوف الناخبيين والناخبات ، عملية بحث قصيرة عبر موقع ''جوجل'' سهلت لها المهمة فى اليوم التالى فى الوصول إلى لجنتها. لم تأخذ ''علياء'' من وقتها كثيراً للذهاب إلى اللجنة ، فنصف ساعة من منزلها بحى ''بين السرايات'' كفيلة أن تصلها إلى اللجنة الواقعة فى حى الدقى ، كما إنها لم تذهب إلى اللجنة بمفردها ، فقد جاءت بصحبة عماتها من العائلة ''هدى'' و ''فايزة'' ، ليتناقشن فى السياسة وغيرها طوال الطريق من وإلى اللجنة. وعلى بعد خطوات من لجنتها الانتخابية وقبل الإلتزام بالطابور ، ذهبت ''علياء'' إلى كشوف المسجلين فى الانتخابات للتأكد مرة أخرى من بياناتها الانتخابية ورقمها فى الكشوف ، لتعود لأدراجها فى طابور اللجنة الطويل ، تقول أثناء وقوفها فى الطابور :''حاسة إنى إيجابية ومبسوطة بالتجربة بغض النظر عن الأحداث ..ده واجب وطنى ولازم كلنا نقوم بيه''. كما لم تخلو لحظات الإنتظار ل''علياء'' داخل الطابور من مناقشات سياسية مع من أمامها وخلفها ، حيث قاطعتها سيدة فى الثلاثينات من عمرها لتقول :''إحنا نازلين مش بس عشان نقول رأينا ، عشان كمان محدش ياخد صوتنا أو يزوره زى زمان'' ، ''علياء'' نزلت من قبل فى الانتخابات الرئاسية ، وقالت :''أنتخبت فى الجولة الاولى أبو الفتوح والثانية مرسى''. أمسكت ''علياء'' بحزم على بطاقتها البلاستيكية ، اتجهت مباشرة نحو الكشوفات الموجودة داخل اللجنة لكى توقع بجانب إسمها على حضورها ، و ألتقطت الورقة سريعاً من يد المشرفيين باللجنة ، لتذهب فوراً إلى المكان المخصص للتصويت ، بعد أن لاحظت وجود مشرفة مستقلة من جهة حقوقية لمراقبة سير العملية الإنتخابية. لحظات قليلة وانتهت الفتاة العشرينية من التصويت فى الورقة المخصصة للتصويت على مشروع الدستور فى جولته الثانية ، لم تبدو مترددة فى إختيار رأى محدد من داخل الورقة ، طوت الورقة سريعاً ، وألقتها بكل ثقة داخل الصندوق ، غادرت ''علياء'' اللجنة فى لحظات ، وقالت فى الختام :''الحمد لله الناس عاملين اللى عليهم جوا اللجنة..انا هستنى النتيجة زى الإمتحانات كدة!''.