يشهد سوق الحديد في مصر حالة من الجدل، بعد رفع شركات الحديد المحلية سعر المنتج خلال شهر ديسمبر، تزامناً مع اتجاه الدولة إلى فرض رسم حماية على واردات الحديد بنسبة 6.8% أي ما لا يقل عن 299 جنيهاً للطن. واختلف مصنعوا الحديد والتجار في مصر حول تحديد أسباب ارتفاع سعر المنتج المحلي بعد فرض رسم الصادر، حيث اعتبر الصناع أن ارتفاع السعر يرجع إلى زيادة أسعار مدخلات الصناعة من غاز ورواتب عاملين وارتفاع سعر مكونات المنتج عالمياً، فيما أرجع التجار ارتفاع السعر إلى فرض رسم الصادر الذي وصفوه بأنه يشجع على الاحتكار. وكانت شركات الحديد، قد رفعت أسعار مبيعاتها خلال شهر ديسمبر الحالي ما بين 130 و200 جنيه للطن تسليم أرض المصنع، حيث أعلنت شركة حديد عز الدخيلة، عن رفع سعر طن الحديد لشهر ديسمبر الجاري إلى 130 جنيه ليسجل سعر الطن 4210 جنيهاً بدلاً من 4080 جنيه ''تسليم أرض المصنع''، على أن يباع للمستهلك بأسعار تبدأ من 4280 و 4400 جنيه، حسب مكان النقل. واستبعد محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، وجود أي علاقة بين الرسم الذي فرضته وزارة الصناعة وارتفاع سعر الحديد خلال هذا الشهر، مرجعاً ذلك إلى أن التجار أعلنوا رفع سعر الحديد قبل أن يعلم أي شخص عن القرار وصدروه ب10 أيام، مشيراً إلى أنه إذا كان هناك ربط فلماذا لم يصل سعره إلى نفس سعر رسم الحماية. واعتبر مدير غرفة الصناعات المعدنية في اتصال مع مصراوي، أن فرض رسم الوارد ''قبلة حياة'' للشركات والمصانع التي أوشكت على أن تشهر إفلاسها بسبب ماتعانيه من ارتفاع أسعار مدخلات الصناعة من غاز ومرتبات عاملين بالإضافة إلى زيادة سعر الخامات القادمة من الخارج، على حسب تعبيره، مؤكداً على أن الرسم 6.8% يعادل خسائر الشركات التي تكبدتها خلال الفترة الماضية. كما نفى وجود أي تعطيش للسوق من الحديد من أجل التأثير على سعره، مضيفاً أن سعر البليت والخردة زاد بالفعل منذ 10 أيام.
وعلى الطرف الآخر ''التجار''، يرى أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، أن هناك ربط بين رفع السعر ورسم الحماية الذي وصفه بأنه يساعد على الاحتكار وضد المستهلك. وعن فرض رسم الوارد من أجل حماية الشركات والمصانع من الإفلاس بسبب ورادات الحديد الصيني والتركي، نفى الزيني وجود أي شركات تتعرض للخسارة لكي تحميها الحكومة معتبراً أن قصة الحديد الصيني وهمية من قبل المصنعيين استخدموها كمدخل لفرض رسم 6.8%. وأضاف الزيني في حوار هاتفي مع مصراوي: ''على الرغم من أن رشيد محمد رشيد وزير التجارة الصناعة في عهد النظام السابق رفض هذا الطلب من قبل أحمد عز ثلاث مرات، إلا أن الوزير الحالي من أول مذكرة قدمت له وافق على فرض رسم الحماية مما يظهر إنحيازه للمنتجين''. وفيما يتعلق قيام التجار باتخاذ إجراءات ضد القرار، أوضح أنه تقدم بعض التجار بطعن على قرار الحماية أمام محكمة القضاء الإداري، مشيراً إلى أن هناك إشاعات بالسوق تتداول أن الأسعار سوف ترتفع خلال الشهر القادم. وكان حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة، أكد في وقت سابق أن قرار فرض الرسوم الوقائية على الحديد المستورد جاء بعد دراسة متأنية وافية، موضحاً أن ارتفاع أسعار الحديد حالياً لا تساوي الخطورة التي تتعرض لها المصانع حيث تكاد بعض المصانع الوطنية أن تتوقف. ولفت إلى أن سعر الطن كان يزيد عن 9 آلاف جنيه في مصر منذ سنوات قليلة، وبالتالي زيادة سعر الطن الحالية لن تؤثر مثلما كان يحدث في الماضي ولكن المهم إنقاذ الصناعة المحلية من التوقف والإفلاس. وقال ''صالح'' أن القرارات التي اتخذها وستتخذها الوزارة تأتي من منطلق أن دور السياسات التجارية أن تخدم الصناعة المحلية، وتحمي الاستثمارات المقدرة بالملايين والعمالة التي تقدر بالآلاف. وحول شكوى الصناع من أن نسبة 6.8% المفروض كرسم وقائي على الحديد المستورد غير كافية، أوضح الوزير أن زيادة النسبة أكثر من ذلك ستعمل على رفع أسعار الحديد، مشيراً أن وجود رقم عشري في النسبة المفروضة يدل على أن القرار متخذ بناءاً على دراسات مستوفية وشاملة للسوق ومدى احتياجاته. وحول التخوف من حدوث احتكار في الفترة القادمة للحديد في مصر، لفت إلى أن الوضع تغير عن السنين الماضية وأصبح هناك منافسة حقيقية، منوهاً إلى أن أكثر آلية تحمى المستهلك هي المنافسة، وأن طاقة مصر الانتاجية في الحديد أكبر من الاستهلاك المحلي، ولكن الانتاج الحالي لا يكفي الحاجة.