أعلن الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، عن أن الحكومة ستبدأ قريباً في تطبيق الإجراءات التقشفية لعلاج عجز الموازنة، بعد أن كان مقرراً لها أن تبدأ في أول يوليو الماضي، مؤكداً أنه من المتوقع أن يزيد عجز الموازنة عن 135 مليار جنيه في حالة عدم تطبيق هذه الإجراءات. وجاء إعلان رئيس الوزراء، دون تحديد آليات للتقشف، أو توضيح هل سيتم تطبيقه في أمور قد تمس المواطن البسيط الذي يعاني من صعوبة المعيشة وارتفاع الأسعار وعدم القدرة على مواجتها وظهور العديد من الاعتصامات الفئوية التي تطالب برفع الأجور، فهل تستطيع الحكومة أن تطبق التقشف وأي تقشف تعنيه الحكومة. واعتبر عماد عبد الغفور، مساعد رئيس الجمهورية للحوار المجتمعي، إن الإجراءات التي عرضتها حكومة الدكتور هشام قنديل لا تعتبر ''تقشفاً'' وإنما إجراءات ''تأمينية'' للاقتصاد المصري من أجل عودة عجلة الإنتاج من جديد. وتشير كلمة التقشف في الاقتصاد ''إلى سياسة خفض العجز من خلال الإنفاق عن طريق تخفيض كمية الفوائد والخدمات العامة المقدمة''. وتؤخذ عادة تدابير التقشف إذا كان هناك تهديد بأن الحكومة لا تستطيع الوفاء بالتزامات مديوناتها، وتنشأ هذه الحالة إذا اقترضت الحكومة بالعملات الأجنبية. ويذكر أن تقرير لمنظمة ''sovereign global'' المتخصصة في المعلومات عن الائتمان في العالم، كشفت أن الديون السيادية لمصر من أخطر عشر ديون سيادية على مستوي العالم، حيث ترتفع مخاطر عدم قدرة الدولة على سداد ديونها وفوائدها. وتعتبر سياسة التقشف من إحدى متطلبات صندوق النقد الدولي عند اقراض الدول، حيث من المعروف أنه باسم "شروط صندوق النقد الدولي"، مما يوضع الكثير من علامات الاستفهام على الحكومة التي نفت أكثر من مرة وجود شروط من قبل صندوق النقد تتجه إلى تطبيقه من ضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي المتوقع عرضه على وفد الصندوق أثناء بدء التفاوض. ووفقاً لوفاء عمرو المتحدثة باسم الصندوق النقد الدولي، يريد الصندوق أن تتخذ مصر خطوات طويلة الأمد لتضييق عجز الميزانية الذي قفز إلى 11%، من إجمالي الناتج المحلي منذ الانتفاضة، وسيكون من الضروري لإنجاح أي اتفاق خفض الدعم الحكومي للوقود ذي التكلفة الباهظة. وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي فى تصريحات صحفية سابقة لها، أن فريقاً للصندوق سيصل القاهرة الأسبوع المقبل لاستئناف المناقشات بشأن قرض بقيمة 4.8 مليار دولار طلبته مصر لدعم أوضاعها المالية. من جانبه، توقع الدكتور هشام قنديل في تصريحات صحفية أن يتم الانتهاء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال نهاية العام، معتبراً أن زيارة رئيسة الصندوق لمصر أعطت إشارة إيجابية، مشيراً إلى أن تحسن التصنيف الائتماني مؤخراً قلل تكلفة الاقتراض بحوالي 8%. وكانت عدة مظاهرات ضد التقشف خرجت في عدة دول أوروبية عندما بدأت تطبيق إجراءات تقشف شديدة لخفض الديون والعجز، بعد أن أشرفت العديد منها على الإفلاس. فقد نظم مؤتمر اتحادات نقابات العمال البريطانية -بمشاركة منظمات سياسية ودينية وحقوقية وشخصيات سياسية، مظاهرة ضخمة شارك فيها عشرات الآلاف، للاحتجاج على سياسات التقشف الحكومية، والدعوة إلى إستراتيجية اقتصادية بديلة للنمو وتوفير وظائف. وقالت نقابات العمال فى بريطانيا إن تأثير خفض الإنفاق وهواجس الحكومة الاقتصادية والتقشف جعلت الوضع صعباً على الأسر في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وخاصة تلك التي تعتمد على الخدمات العامة الأساسية التي يجري الآن تقليصها أو استبعادها. ويتزامن مع مظاهرات حاشدة في إيرلندا وسكوتلاندا ضمت عشرات الآلاف من الناس من مختلف أنحاء المملكة المتحدة لإظهار رفضهم لسياسة الحكومة الاقتصادية، والدعوة أيضا للبحث عن بديل لتدابير التقشف الحكومية. كما تظاهر عشرات الآلاف من الأسبان ضد إجراءات التقشف الجديد التي أقرها البرلمان الأسباني واتهموا الحكومة بتخريب البلاد، وشارك في المظاهرات مجموعات من المهنيين، مثل رجال الشرطة والإطفاء وموظفي المحاكم الذين انخفضت دخولهم بسبب اجراءات التقشف. وكان البرلمان الأسباني قد أقر حزمة الإجراءات التي تستهدف خفض الانفاق العام بمقدار 65 مليار يورو (80 مليار دولار). وتشمل إجراءات التقشف زياده ضريبة القيمه المضافة وإلغاء منح أعياد الميلاد لموظفي القطاع الحكومي وإعفاءات ضريبية لأصحاب الرهن العقاري وخفض إعانات البطالة. وخرج آلاف المتظاهرين في البرتغال إلى شوارع العاصمة لشبونة وعدد من المدن البرتغالية الأخرى للاعتراض علي مساعي الحكومة لخفض الإنفاق العام للوفاء بشروط الدائنين الدوليين. وشارك في المظاهرات للمرة الاولي الفنانون والمطربون الذين أخذوا يتبادولون مواقعهم علي المنصات للخطاب في الجماهير في إطار مظاهرات لقبوها بالثقافية. وتضمنت إجراءات الحكومة البريطانية التقشفية تجميداً للوظائف الجديدة في القطاع العام، وخفضاً في عدة برامج ورثتها حكومة المحافظين الجديدة عن حكومة العمال مثل مشروعات معلومات التكنولوجيا والعقود الاستشارية. وأما الدانمارك فقالت: إنها تعتزم خفض معدل الباحثين عن عمل وتقليص الامتيازات الممنوحة للأسر وخفض مرتبات الوزراء، كما أعلنت فرنسا عن خطة لثلاث سنوات لتجميد إنفاق القطاع الحكومي تبدأ في2011 وقالت: إنها تعتزم رفع سن التقاعد إلى 65 سنة. وتتضمن الإجراءات زيادة ضريبة المبيعات وخفض مرتبات العاملين في القطاع العام، كما تعتزم الحكومة اليونانية إصلاح نظام المعاشات لخفض تكلفته، وتشديد الرقابة على التهرب الضريبي. يذكر، أن ممتاز السعيد وزير المالية أعلن في تقرير إلي مجلس الوزراء، أن العجز النقدي خلال الربع الأول من العام المالى الحالى 2013/2012 (يوليو - سبتمبر) الماضيين فى موازنة العام المالي الحالى بلغ 50 مليار جنيه، مرجعاً السبب فى هذه القيمة إلى عدم تفعيل الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية حتى الآن. كما أعلنت المالية في تقرير سابق لها، أن المؤشرات المبدئية للحساب الختامي لموازنة (2011 - 2012)، أظهرت تحقيق عجز كلي بلغ نحو 170 مليار جنيه تمثل 11% من الناتج الإجمالي، وكان المقدر لها ألا يزيد قيمة العجز عن 134 مليار جنيه بما يمثل 8.6% من الناتج الإجمالي، ليمثل الواقع الجديد زيادة بنحو 36 مليار جنيه عما كان مقدراً. وأرجعت المالية العجز المتوقع، إلى الزيادة الكبيرة في بند الأجور الذي بلغ نحو 122 مليار جنيه، وتأثر موارد الدولة سلباً من تراجع إيرادتها من فوائض البترول نتيجة زيادة المتطلبات النقدية اللازمة لاستيراد المواد البترولية بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات البترولية، وانخفاض الموارد العامة للدولة خاصة الموارد الضريبية عما كان مقدراً لها بنحو 25 مليار جنيه.