لم تكن ''حرب الأيام الستة'' الإسرائيلية على جبهة واحدة فقط، بل كانت تدك حصون ثلاث جبهات في المنطقة، ''الضفة الشرقية بالأردن و''هضبة الجولان المحتلة'' بجنوب سوريا و''شبه جزيرة سيناء'' بمصر. مرار هزيمة ذاقتها الجيوش العربية من ''حرب خاطفة'' شنها جيش الدفاع الإسرائيلي لتكون ''الضربة الأولى الحاسمة'' مستهدفة ''سلاح الطيران'' والدفاع الجوي، وتصبح جيش الخصم ''بلا غطاء جوي'' يحمي بقية قواته و أسلحته. ''ست سنوات'' شهدت فيها ''مصر و سوريا'' تغيرات سياسية لتعبر من الهزيمة للنصر، والحديث سيكون عن ''بناء الجيش السوري لخوض حرب أكتوبر 1973'' . جاء ''الضابط حافظ الأسد'' المولود باللاذقية في ''السادس من أكتوبر 1930''، جاء للحكم في 1970 بعد توليه مهام رئيس الوزراء ووزير الدفاع، ثم ما لبث أن حصل على صلاحيات ''رئيس الجمهورية'' في فبراير 1971، ويتولى الحكم مدعوما من الجيش، ويبدأ في تكوين ''الجيش السوري'' المُدمر منذ النكسة''. عملت الجبهتين ''المصرية والسورية'' بتنسيق مشترك لشن هجوم متزامن على مواقع ''إسرائيل'' في سيناء والجولان، وبالفعل كان ''هجوم السادس من أكتوبر''، وهو نفس يوم عيد ميلاد ''الأسد الكبير''، وتحقق الجيوش العربية تقدما ملحوظا، واحتل ''مرصد جبل الشيخ'' بالجولان، ترد عليها إسرائيل ''بضرب العمق السوري''، ومهاجمة محطات الكهرباء ومصافي البترول في حمص وطرطوس واللاذقية. إلا أن ''ثغرة الدفرسوار'' في مصر، والتراجع النسبي خوفا من ''وصول القوات الإسرائيلية مناطق غرب القناة، فضلا عن ''جسر الإمدادات الجوي الأمريكي''، ساعد على ارتفاع الأداء الإسرائيلي بعض الشيء، ويأتي قرار ''وقف إطلاق النار'' بعد أن ضمنت مصر مواقع جيدة في سيناء، إلا أن ''الجولان'' لايزال في ''المربع صفر'' تحت سيطرة إسرائيل، ويحاول ''السادات'' كسب الحرب ''بطريقته'' من خلال المفاوضات لكيلا يثقل البلاد بمزيد من ''دم الأبناء'' و مؤن الجيش. إلا أن ''سوريا'' كان لها تصرف آخر، وتبدأ من جديد ''حرب استنزاف سورية'' تستمر حتى 1974، ولكنها تتوقف في مارس 74، ويوّقع اتفاق ''فصل القوات''. ''الطامة الكبرى'' التي لم تتقبلها ''سوريا والعرب''، ويذهب السادات للكنيسيت ثم يعقد ''معاهدة السلام'' معهم، وكلها مشاهد وضعت السادات في صورة ''الخائن'' وقتها، ووصل الأمر إلى ''تجميد عضوية'' مصر في الجامعة العربية، ونقل المقر من القاهرة لتونس العاصمة، ولم يعود إلا بمطلع التسعينات عند عودة العلاقات العربية مع مصر، وبدء الدول العربية على استحياء ''علاقات تعاون'' مع إسرائيل. ''الجولان لازال محتلا''، و''الأسد الكبير'' يعمل على تثبيت دعائم الحكم بعيدا عن ''معارضة الإخوان''، ويلجأ ''الأسد لضمان سيادته على الجيش، فيوكل ''لعائلته من ''العلويين'' المناصب القيادية الكبرى هناك، ويستمر ''الأسد الكبير'' على سدة الرئاسة لحين وفاته في 10 يونيو 2000، ويحدث استفتاء على تعديلات دستورية في ''غضون ساعات'' تسمح بمجيء ''ابنه بشار الأسد'' للحكم. اليوم، بعد 39 عاما من الحرب، وبعد 12 سنة من تولي ''بشار'' الأمور في سوريا، يحتفل بشار ''بحرب أكتوبر'' بحشد قوات جيشه ''ضد الشعب''، وقصف القرى التركية على الحدود، ليعيد للأذهان مشهد ''حشد كلا القوات'' على الحدود السورية التركية ''إيذانا بالحرب قبل عدة أعوام ''في عهد والده''.