قال الدكتور حازم الببلاوي، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، أن القطاع المصرفي قادر على التمويل المالي، ولكنه غير ضامن لسعر الصرف الذي قد يتأثر بشدة، نظرًا لتنامي مستويات الميول التصخمية. وأكد الببلاوي، خلال ندوة آفاق الاقتصاد العالمي في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، التي نظمتها وزارة المالية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ومنتدى البحوث الاقتصادية، وحضرها الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التضامن والعدالة الاجتماعية، أن ''سعر الصرف يتحدد بناء على التوقعات الإقتصادية للعملة في الأجل الطويل والمتوسط، وليس بالنسبة لأداء الاقتصاد في الوقت الراهن''.
وحذر الببلاوي من أن الدين الداخلي كبير وبلغ مستويات بالغة عن الحد، وقال: "إننا قاربنا على الوصول إلى مستويات قد تهدد السلامة والهيكل المالي".
وأشار؛ إلى أن عوائد التكلفة على أذون الخزانة وصلت لمستويات قياسية للغاية، الأمر الذي يدفع الكثير من البنوك إلى الخروج عن وظيفتها المنوطة بها بإقراض المستثمرين ودفع عجلة النمو، والركون إلى شراء أذون الخزانة ذات العوائد المرتفعة فقط، والانتظار لإنتهاء فترة الآجال واستحقاق قيمة الأذن بالفوائد، سواء بعد 91 يوما أو 182 يوما وغيره، وبهذا تنحرف البنوك عن وظيفتها الأساسية في تمويل الاقتصاد.
ولفت إلى أن تمويل عجز الميزانية بأموال من الخارج يتميز بأن أسعاره أقل 10 مرات من أسعار الداخل، ولكن في النهاية على حد وصفه "كلاهما مر، والإنسان يحدد تصرفاته وفقا لظروف الموقف".
وبالنسبة لمبلغ 500 مليون دولار، المنحة القطرية التي دخلت حساب المالية بالبنك المركزي، قال الببلاوي ''ستأخذ على الأقل 3 سنوات حتى نستشعر تأثيرها في الاقتصاد''.
وأكد الدكتور حازم الببلاوي، وزيرالمالية، أن الوزارة تدرس عددا من الإجراءات والتعديلات التشريعية الخاصة بقوانين الضرائب على الدخل والجمارك، بهدف إحكام تفعيل عمليات تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية ومواجهة عمليات التهرب، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ستسهم في تحقيق زيادة في الحصيلة الجمركية وضرائب المبيعات بنحو 3 إلى 4 مليارات جنيه سنويا.
وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به مصر حاليا "بالغ الدقة" ، خاصة مع وجود ظروف انتقالية صعبة السيطرة، وأوضاع قديمة ينبغي أن تزول ولكنها لم تزل، وأوضاع يرجى حدوثها ولكنها لم تحدث، ولذلك فإن المعضلة تتمثل في كيفية استخدام أدوات القديم لصياغة العمل الجديد.
ولفت الببلاوي؛ إلى أن البلاد تمر بمأزق شديد ولكنه مؤقت، النجاح فيه يفتح آفاقا واسعة، والفشل يحدث ردة شديدة للاقتصاد، ولذلك فإن الجهد كله لابد وأن يركز على الفترة الانتقالية ذات الضغوط الشديدة على الأوضاع الاقتصادية.
وقال إن مصر ليست في أزمة اقتصادية، موضحًا أن أوضاعنا لم تتغير عما كانت عليه قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولكن ماحدث فقط أن "منابع السيولة النقدية جفت "، ولكن العامل مازال موجود وبنفس الكفاءة والمصنع لايزال قائم، ولكن ما نحتاجه خطط طويلة وقصيرة الأجل لدفع الأجور وشراء المواد الأولية وخلافه، مضيفًا أن العالم كما هو محفوف بالمخاطر مليء بالفرص.
وأشار نائب رئيس الوزراء؛ إلى أن الفجوة بين معدل الإدخار والاستثمار بلغت 15%، حيث أن معدلات الإدخار تترواح بين 15-17%، في حين أن معدلات الاستثمار ينبغي ألا تقل سواء في مصر أو الدول ذات الاقتصاديات الناشئة عن 30 في المائة، مشددًا على ضرورة تحقيق الاستقرار المالي، حيث أنه إذا لم يوجد نقد مستقر لن تتقدم الدولة، ولذلك فإن وظيفة المالية هي ضمان الاستقرار المالي والنقدي جنبا إلى جنب مع البنك المركزي.
وقال إن ميزانية العام المالي الجاري بها عجز نسبته 27%، كما أن هناك 33% منها يذهب دعما للطاقة و23% فوائد ديون، و55% من الميزانية خارج سلطة وزارة المالية، مشيرا إلى أن العجز كل مدى يزيد.
وأكد الببلاوي علي ضرورة تخفيض دعم الطاقة وعدم الاستمرار في سياسات الدعم الحالية ، مشيرا إلى أن فاتورة الدعم قفزت من مليار جنيه فقط عام 1991 إلي 95 مليار العام الحالي، وأن 80% من دعم البنزين يذهب لشريحة الاكثر ثراء ودخلا في المجتمع والمقدرعددهم بنحو 40% من السكان.
وأكد ضرورة إيجاد الحلول السريعة للعلاج وذلك دون الإضرار بالمواطن محدود الدخل ، والخروج من مرحلة عنق الزجاجة.
وبالنسبة لأحكام رد بعض شركات الخصخصة، أكد حازم الببلاوي أنه ليس من سلطته أو اختصاصه الطعن على تلك الأحكام، منوها بأن هناك مشكلة أكبر تواجهها الدولة بسبب تداعيات هذه الأحكام تتعلق بحقوق المستثمرين حسني النية، وهو الأمر الذي يتطلب تدخل الحكومة لتخفيف وقع تلك الأحكام عليهم وحماية حقوقهم، وهو الهدف من ذلك الطعن وليس حماية من أخطأ أو قدم رشاوي فهؤلاء يجب ان يأخذوا جزائهم الرادع.
وقال إن أول مباديء دولة القانون التي نود ترسيخ ركائزها في المجتمع احترام الأحكام القضائية والإلتزام بتنفيذها، لكن القانون نفسه منح المجتمع والدولة رخصة اللجوء الي عدة درجات من التقاضي لحماية الحقوق وهو ما قررت الحكومة تطبيقه، فالطعن الذي نقدمه علي تلك الاحكام ليس إلا تطبيقا للقانون واحتراما لحكم القضاء.
من جانبه، قال الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التضامن والعدالة الأجتماعية، خلال الندوة إن قضية المحافظة علي الاستقرار المالي والنقدي للمجتمع هي اساس اي تقدم او تنمية ننشدها لمصر، داعيا إلى مراجعة السياسة الضريبية والجمركية لتحقيق المزيد من العدالة في المجتمع، مشيرًا إلى ضرورة رفع التعريفة الجمركية علي مكونات السيارات علي سبيل المثال، فلا يوجد اي مبرر لاستمرار الحماية الجمركية التي تتمتع بها صناعة تجميع السيارات.
ورحب جودة؛ بما أعلنه الاتحاد العام للمستثمرين، الاثنين، من طلبهم رفع معدل ضرائب الدخل علي الارباح الي 30% بدلا من 25% حاليا.
وبالنسبة لدعم منظومة انتاج الخبز اكد عبد الخالق انه يجري مراجعتها بالكامل بحيث يتم تحرير عمليات طحن الدقيق وانتاج الخبز، على أن تتدخل الدولة بالدعم في المرحلة الاخيرة وهي مرحلة توزيع الخبز.
وحول توقعات اتجاهات الأسعار العالمية للغذاء حذر جودة من احتمالات ارتفاع الاسعار العالمية للحبوب، مما قد يؤثر علي حجم الدعم المطلوب لهيئة السلع التموينية، وهو ما قد يشكل مزيدا من الضغط علي الموازنة العامة للدولة.
من جانبه، أوضح مسعود أحمد رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصندوق النقد الدولي، خلال ورقة عمل عرضها نيابة عن آندرياس باور الخبير بصندوق النقد الدولي، أن توقعات صندوق النقد لمعلات النمو تم تعديلها لجميع المناطق في العالم وذلك بسبب ما نشهده من تطورات عصفت بمناخ الثقة وزادت فيها مخاطر التطورات السلبية.
وأشار إلى أن ضعف الاقتصاد العالمي سيمثل عبئا على توقعات نمو الصادرات والإيرادات السياحية ، وتحويلات العاملين وتدفقات رؤوس الأموال الخاصة الداخلة للاقتصاد المصري ، متوقعا أن تسجل منطقة الشرق الاوسط معدل نمو 4ر1% فقط العام الحالي ترتفع الي 6ر2% عام 2012، مضيفًا أن التوقعات تشير إلى أن العام المقبل سيبدأ بحيز مالي أضيق أمام معظم دول المنطقة، بسبب ارتفاع عجز موازناتها العامة وزيادة أعباء دينها العام.
ودعا إلي ضرورة ان تتخذ البلدان المعنية خطوات لكي تستعد لمواجهة البيئة الاقتصادية المليئة بالتحديات خاصة من خلال تعزيز الثقة وازالة عدم اليقين ازاء الاتجاهات الاقتصادية والالتزام باطار شامل للسياسة الاقتصادية الكلية وجدول اعمال للاصلاح المطلوب وهو ما سيمثل عامل مساعد لاستعادة الاستثمار الخاص واعطاء دفعة قوية للاقتصاد.
من جانبه، أكد هاني قدري، مساعد وزير المالية، أن مصر لا تجري أي مفاوضات أو مشاورات للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن بعثة صندوق النقد الموجودة بالقاهرة حاليا لإجراء المشاورات السنوية المعتادة والتي يجريها الصندوق مع كل الدول الاعضاء بالصندوق.
وكشف قدري؛ عن أنه من حق مصر الحصول علي قرض بقيمة 3 مليارات دولار تمثل 200% من حصة مصر بصندوق النقد ، ويمكن ان ترتفع الي نحو 8 الي 9 مليارات اذا احتجنا ذلك، مشيرًا الي أن صندوق النقد أكد استعداده الكامل لدعم مصر ودول الربيع العربي حيث رصد لها نحو 38 مليار دولار.
وأكد قدري؛ أنه لا توجد أي شروط أو مشروطية علي قروض الصندوق والتي تبلغ فائدتها 1,5% سنويا ، مع منح فترة سماح 39 شهرا، والسداد علي 5 سنوات.