أثناء لعبه اليومي مع أبنائه بتوجيه أسئلة لهم يتطرق هارديمانسيا لمثل هذه الاسئلة.. أين حقيبة الظهر الخاصة بك.. ماذا يمكن أن تفعل بشمعة.. الى أين تذهب اذا لم أكن معك أثناء اقتراب أمواج مد عاتية منك؟. تقيم عائلة هارديمانسيا في جزر مينتاوي الصغيرة قبالة سومطرة باندونيسيا التي يتوقع خبراء أن تتعرض لزلزال في وقت ما خلال العقد المقبل تعقبه أمواج مد عاتية بعد سبع دقائق من هزه المنطقة أي بشكل أسرع من أمواج المد العاتية التي اجتاحت اليابان في مارس اذار. قال هارديمانسيا بصوت مرتعش "لم أكن أعرف كيف تبدو أمواج المد العاتية الى أن شاهدتها في التلفزيون. فجأة شعرت وكأني هناك ولم أتحمل ما أراه." يعمل هارديمانسيا على الشاطيء في صناعة الصيد ولكنه كان بعيدا عن الساحل العام الماضي عندما أودت أمواج عملاقة بحياة المئات في جزر مينتاوي. وفي عام 2004 لقي 160 ألف شخص حتفهم في أتشيه بسومطرة فقط عندما ضربت البلاد أمواج مد عاتية وصل ارتفاعها الى 30 مترا وتوفي أكثر من 60 ألفا اخرين جراء هذه الامواج من تايلاند الى افريقيا. وشعر سكان سومطرة من التغطية التلفزيونية لامواج المد التي ضربت اليابان بأن الامر مروعا ولكن ملهما أيضا بسبب رباطة الجأش التي أبداها اليابانيون. ودفع ذلك اندونيسيا الى اعادة تقييم مدى استعدادها. قال وينسو ويجايا مدير الوكالة الوطنية للتخفيف من الكوارث "اليابان مستعدة جدا وبالنظر اليها نجد أنفسنا أمامنا الكثير الذي يجب أن نقوم به." بدأت الحكومة الاندونيسية الاستعداد لامواج مد عاتية بعد عام 2004 ولكن بالمقارنة فقد بدأت اليابان زيادة الوعي وتعزيز التكنولوجيا ذات الصلة في التسعينات الا أنها كافحت للتعامل مع التأثير المدمر لامواج المد العاتية التي ضربت البلاد الشهر الماضي. والمناطق المعرضة للخطر في الارخبيل الاندونيسي أغلبها غير صناعية مقارنة مع اليابان. وكانت الاممالمتحدة أبلغت الحكومات في أكثر المناطق عرضة للكوارث في اسيا بضرورة الابقاء على عشرة بالمئة من الاموال المخصصة للتنمية من أجل الحد من خطر الكارثة الا أن اندونيسيا تكافح عادة لتمويل البنية التحتية الاساسية. وتنفق الحكومة 13 تريليون روبية اندونيسية (1.49 مليار دولار) لتخفيف اثار الكارثة هذا العام أي ما يمثل واحد بالمئة من ميزانيتها لعام 2011 . وقالت الوكالة الوطنية للتخفيف من الكوارث ان هذا يعد نحو خمسة بالمئة فقط مما أنفقته اليابان عام 2007 . وأعيد بناء أتشيه بعد تدفق أموال من شتى أنحاء العالم من أجل أعمال اعادة الاعمار ونما الاقتصاد القومي والبورصة بقوة في أوائل عام 2005 . ورغم أن هناك قاعدة بالبناء بعيدا عن ساحل أتشيه الا أنه لم تزرع أشجار المانجروف الواقية ويريد بعض السكان العودة للعيش على الشاطيء. وقال روني موشتار أحد سكان أتشيه "أمواج المد العاتية التي ضربت اليابان تذكرني بأن أكبر مخاوفي الان هي أننا لم نستعد بعد لحدوث أمواج مد ثانية." ووصلت أمواج المد العاتية التي ضربت اليابان في 11 مارس اذار الى شرق اندونيسيا كموجة سريعة ارتفاعها متر واحد الا أنه رغم ساعات من التحذير لقي رجل في بابوا حتفه غرقا على ما يبدو. وبعد أيام دفع انذار كاذب السكان في أتشيه الى الفرار للتلال ولقي شخصان حتفهما وسط أجواء الذعر السائدة. وفيما يتعلق بمراقبة الزلازل ورصد امكانية حدوث أمواج مد زادت اندونيسيا عدد أجهزة قياس الهزات الارضية الى نحو 150 جهازا مقارنة مع 50 جهاز قبل أمواج المد التي ضربت البلاد عام 2004 الا أن اليابان بها ألف جهاز. أما جزر أخرى مثل جاوة وبالي العرضة للزلازل وأمواج مد عاتية غير مستعدة. وقال متحدث باسم الوكالة الوطنية للكوارث ان هذه المناطق بما في ذلك العاصمة جاكرتا التي يقطنها عشرة ملايين نسمة لا تملك خرائط تفصيلية للكوراث لفهم المخاطر أو معرفة طرق الاجلاء. وتفتقر البلاد أيضا للقوانين الخاصة بتخفيف اثار الكوارث الطبيعية مثل الموجودة في اليابان ولا يمكنها مضاهاة الاستعداد الذهني لليابانيين حيث يمثل هذا الموضوع جزءا من المناهج الدارسية وأصبح راسخا في ذهن السكان. وبامكان أنظمة الانذار المبكر في البلاد التي تستخدم التكنولوجيا الالمانية تحديد امكانية حدوث أمواج مد عاتية بعد وقوع زلزال خلال أربع دقائق. وبالنسبة لهارديمانسيا المقيم في جزر مينتاوي فان ذلك يعني أن أمامه ثلاث دقائق للفرار الى التلال. والتغطية التلفزيونية من اليابان هي السبب وراء استمراره في تذكير أبنائه بما يجب أن يفعلوه. ويقول هارديمانسيا البالغ من العمر 41 عاما لابنائه "اذا لم يكن والدكم في المنزل عندما تحدث أمواج مد عاتية اخرجوا من المنزل وسيروا مع الناس. سيكون والدكم في انتظاركم على أرض مرتفعة." وقد أعد لكل من أبنائه حقيبة بها ملاءة وسترة ومعكرونة سريعة التحضير وثقاب وشمعة. وقال "لا يمكننا تحدي الطبيعة... ما يمكن أن نفعله هو الاستعداد بأقصى درجة ممكنة." (الدولار يساوي 8707.5 روبية) من أوليفيا روندونوو (شارك في التغاطية رضا مناور في باندا أتشيه)