القطيف (السعودية) (رويترز) - خرج مئات من الشبان الشيعة في مسيرة بشارع تجاري في مدينة القطيف السعودية قرب مركز صناعة النفط في المملكة ملوحين بقبضاتهم غضبا بسبب تدخل بلادهم العسكري في البحرين. ظهر الشبان في لقطات فيديو وضعت على الانترنت وهم يرددون "بالروح بالدم نفديك يا بحرين". وكان بعضهم يغطي وجهه وحمل اخرون أعلام البحرين. وقال ناشط شيعي في القطيف لرويترز في اتصال هاتفي طلب فيه عدم نشر اسمه خوفا من اعتقاله "الشعب يغلي". وأضاف "الناس تتحدث عن الاضراب والتظاهر والدعاء لمساندة البحرينيين." وتأتي الاحتجاجات ردا على ارسال السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وأقوى دولة في الخليج قوات الى البحرين الاسبوع الماضي للمساعدة في سحق احتجاجات مستمرة منذ أسابيع من جانب الشيعة في المملكة التي يحكمها السنة. واعتبر المعارضون البحرينيون ذلك بمثابة اعلان حرب. وتخشى الرياض التي تواجه احتجاجات من جانب بعض شيعتها من ان يؤدي استمرار الاحتجاجات في البحرين المجاورة الى تشجيع الاقلية الشيعية السعودية التي تشكو منذ فترة طويلة من تمييز طائفي تنفيه الرياض لفعل نفس الشيء. ولكن يبدو أن التدخل العسكري لم يؤد سوى الى تعميق الاستياء الشيعي في المملكة التي يمثل الشيعة نسبة ما بين عشرة و15 بالمئة من مواطنيها البالغ عددهم 18 مليونا. ودعا رجل الدين الشيعي السعودي البارز الشيخ حسن الصفر زعماء دول الخليج لايجاد حل سياسي. ونظم شيعة السعودية -الذين تشجعوا بانتفاضات اجتاحت العالم العربي وأسفرت عن الاطاحة بالرئيسين المصري والتونسي- احتجاجات متفرقة في عدد محدود من المدن الشرقية في الاسابيع الثلاثة الماضية. وقال الناشط توفيق السيف "قبل بدء الثورة في تونس كان الناس يشعرون انهم غير قادرين على احداث فرق... لكنهم الان يشعرون أن بامكانهم احداث فرق." لكن التدخل السعودي في البحرين في اطار قوات خليجية زاد المخاطر حتى قبل اتساع نطاق حركة الاحتجاج. فالمشاهد المصورة من أحدث المظاهرات تتعارض بشدة مع المظاهرات السابقة التي تركزت على مطالب محدودة مثل اطلاق سراح معتقلين. وتظهر لقطات مصورة للاحتجاجات المبكرة نساء يردين العباءات السوداء يحملن الورود ورجالا يلوحون بالعلم السعودي. وطالبت اللافتات باطلاق سراح السجناء وبتطبيق العدل. والقطيف مدينة تناقضات. فالزهور البيضاء مزروعة بعناية في وسط الشوارع وتتناقض الفيلات الفاخرة ذات الجدران الحجرية بدرجة كبيرة مع البنايات السكنية ذات الدهانات الباهتة. وتكثر صور الملك عبد الله في المدينة التي تمتليء ضواحيها بالنخيل. وحفر على كتابات بالجرافيت على الجدران لطمسها وقال مرافق من الحكومة ان الكتابات لم تكن سوى عبارات عاطفية. وفي شارع رئيسي شهد احتجاجات في القطيف سئل رجل عن الوضع في المدينة فأجاب أمام المرافق الحكومي "كل شيء على ما يرام. نحن بخير." لكن النشطاء يقولون ان هناك استياء كبيرا ينبع من شعور بالظلم لدى الشيعة الذين يريدون بنية أساسية أفضل في بلداتهم وتحسين فرص حصولهم على وظائف والمساواة في معاملتهم بالسنة الذين يمثلون الاغلبية. وقال ابراهيم المقيطيب رئيس جمعية هيومان رايتس فرست ان الشيعة يعانون التمييز في المعاملة مضيفا "لم نشهد قط وزيرا شيعيا ولم نشهد قط نائب وزير شيعيا." ويقول نشطاء انه كانت هناك محاولات للحوار في الاسابيع القليلة الماضية. وعبرت شخصيات شيعية بارزة عن أملها في أن تكون المناطق الشيعية من المناطق المستفيدة من عطايا الملك عبد الله. وأعلن الملك يوم الجمعة الماضي عن منح وعلاوات ومكافآت قيمتها 93 مليار دولار شملت تمويلا اسكانيا كما عزز قوات الشرطة وهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد أن أعلن الشهر الماضي عن مجموعة اجراءات بتكلفة 37 مليار دولار لتخفيف التوترات الاجتماعية. لكن الملك لم يذكر شيئا عن اجراء تعديل وزاري كان بعض نشطاء الشيعة يأملون أن يأتي بوزراء جدد أصغر سنا وأكثر تقبلا لمعالجة مطالب الشيعة السياسية. والاختلافات قائمة بوضوح بين الشبان الشيعة الذين يعتقدون أن الحل سيأتي من الشارع وبين الاكبر سنا والاكثر تحفظا الذين يريدون مواصلة مسار أبطأ نحو الاصلاح عن طريق الحوار. ويشكو المتظاهرون من أن السلطات كانت في بعض الاحيان تحمل عليهم بشدة ويقولون انها أطلقت النار في الهواء لتفريق المحتجين في واقعة واحدة على الاقل واعتقلت متظاهرين. ويقول الجانب الاخر ان الشبان لا يتحلون بالقدر الكافي من الصبر. وقال أديب الخنيزي وهو مهندس بترول من القطيف يعمل مع الحكومة "الناس خاصة الشبان لا يقدرون قيمة الامن والاستقرار.. هذه تساوي مليارات." وقال الشيخ وجيه العوجمي وهو من قضاة الشيعة في المدينة وكان قد حث على انهاء المظاهرات في الشوارع ان الشبان اقتحموا بوابة منزل يملكه وأضرموا فيه النار بعد أن بعثوا له برسائل نصية على الهاتف المحمول ابدوا فيها اسفهم لاعتراضه على الاحتجاجات. وقال ان الملك عبد الله وعد لدى عودته من الخارج بتقديم العديد من الامتيازات وقال انه سيعطي الناس ما يريدون لكن الشبان لا يطيقون الانتظار.