واشنطن (رويترز) - تتوقع وكالتا الامن القومي والمخابرات في الولاياتالمتحدة أن تخرج حكومة البحرين سالمة من الاحتجاجات وأعمال العنف التي تجتاح مملكة البحرين وهي حليف حيوي لواشنطن في منطقة مضطربة. وقال مسؤول أمريكي كبير على دراية بالتقارير والتحليلات التي تجريها الحكومة الامريكية بشأن ما يجري في الجزيرة الخليجية الصغيرة يوم الجمعة ان السلطات البحرينية تعتقد أنها تستطيع أن تتعامل مع الاضطرابات التي شهدت اطلاق قوات الامن الرصاص على متظاهرين وقتلهم. وأشار المسؤول الى أن وكالات المخابرات الامريكية توافق في الوقت الحالي على أن القوات البحرينية ستتمكن في نهاية المطاف من استعادة النظام. والاضطرابات في البحرين التي تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة ولها حدود مع السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم لها جذور على ما يبدو متمثلة في الاحتقان السائد في أوساط الشيعة الذين يفوقون الاقلية السنية التي تسيطر على المؤسسة الملكية والحكومة من حيث العدد وبفارق كبير. لكن المسؤول الامريكي الكبير قال ان الشيعة البحرينيين يعتبرون أنفسهم "وطنيين" ومن ثم فانهم أقل تعرضا للتأثيرات الخارجية مثل الاحتجاجات التي تقض مضاجع مناطق أخرى في الشرق الاوسط أو محاولة التخريب من ايران المجاورة. ويتسق التفاؤل الامريكي النسبي بشأن الاضطرابات في البحرين مع التقييمات المتفائلة للقيادة والوضع السياسي الذي سجلته برقيات سرية لوزارة الخارجية الامريكية التي حصل عليها موقع ويكيليكس الالكتروني. وتصف عدة برقيات في 2009 من السفارة الامريكية في المنامة حصلت عليها رويترز الملك حمد بن عيسى ال خليفة بانه حاكم مستنير ومؤيد لامريكا على نحو كبير عزز منذ توليه العرش في 1999 مصالحة مع الاغلبية الشيعية واضطلع باصلاحات سياسية واقتصادية جادة. وأتاح طرف ثالث لرويترز الاطلاع على هذه البرقيات. وذكرت برقية مصنفة كبرقية "سرية" في ديسمبر كانون الاول 2009 أن الملك حمد "ورث بلدا يمزقه العنف الطائفي وتعود على التعامل مع الطبقة الدنيا للاغلبية الشيعية كمشكلة." وأضافت البرقية أن الملك الجديد "شرع بسرعة في العمل على برنامج للمصالحة مع الشيعة البحرينيين.. فسمح للمنفيين بالعودة الى البلاد وألغى محاكم أمن الدولة وأعاد البرلمان الذي علق منذ عام 1975." وتمضي البرقية معلقة على ما أحدثته هذه الاصلاحات قائلة " النتيجة أن البحرين اليوم تختلف اختلافا كبيرا عن البحرين في التسعينات. فالاحزاب السياسية تعمل بحرية... والاحتجاجات في الشوارع تراجعت بدرجة كبيرة وأصبحت أقل عنفا. وقد يكون أوضح تعبير عن ذلك... (أن حزب الوفاق الشيعي) سيستمر في الانخراط في السياسة البرلمانية لان ما يمكن تحقيقه على المدى البعيد من خلال المشاركة أكبر بكثير ما يمكن تحقيقه من خلال المقاطعة." وفي أعقاب استعمال العنف ضد المتظاهرين استقال نواب كتلة الوفاق من البرلمان يوم الخميس. وجاء في برقية "سرية" بعنوان "تطوير البرلمان البحريني" في نوفمبر تشرين الثاني 2009 "ترى الحكومة أن البرلمان فعل ما كان يعتزم أن يفعله. ساهم في تحقيق الامن والاستقرار الداخليين بمنح المعارضة الشيعية منبرا يعلنون من خلاله مظالمهم وال اليه كثير من الاليات التقليدية لحل المشكلات." وأشارت البرقية الى أن حزب الوفاق الشيعي ومنذ مشاركته في البرلمان في عام 2005 "صور نفسه كمعارضة موالية ونال احتراما كاملا من وزارة الداخلية لقدرته على تنظيم مظاهرات سلمية لعشرات الالاف من أنصاره." واضافت "وبعبارات عامة كانت تجربة البحرين البرلمانية التي بدأت منذ سبع سنوات ناجحة. وقدمت منتدى مفتوحا ولكنه خاضع للسيطرة للمعارضة الشيعية من أجل الضغط لمطالبها وتواصلت مع الحكومة في قضايا مثيرة للجدل." وجرى تحديد مدى حماس حاكم البحرين للتعاون مع الولاياتالمتحدة في برقية "سرية" تعود الى مايو أيار 2009 تصف اجتماعا بين الملك حمد والجنرال ديفيد بتريوس الذي كان قائدا للقيادة المركزية الامريكية. وتحدث العاهل البحريني في تصريحات تمهيدية في بداية الاجتماع بشغف عن خبرته الشخصية أثناء التدريب في منشات عسكرية أمريكية في فورت ليفنوورث بولاية كنساس ورحب بنشر محتمل لطائرات الاستطلاع البحري الامريكية بي-3 في قاعدة البحرين. وقال الملك حمد لبتريوس "أي شيء تريدون عمله على البر أو في البحر أو في الجو يمكننا أن نفعله." وبينما قال مسؤولون أمريكيون انهم يعتقدون أن حكومة البحرين ستستعيد النظام في وقت لاحق فان الاحتجاجات في مصر وتونس وضعت البحرين على رادار المسؤولين الامريكي باعتبارها نقطة اضطراب محتملة. وقال بعض المسؤولين ان البحرين واحدة من عدة بلدان في الشرق الاوسط حددتها وكالات المخابرات الامريكية كأحد الاماكن المحتملة للاضطراب السياسي في تقارير قدمتها للرئيس الامريكي باراك أوباما وبعض كبار مستشاريه. وتساءل بعض أعضاء لجان المخابرات في الكونجرس الامريكي عما اذا كانت وكالات المخابرات الامريكية مقصرة في ادراك وتغطية موجة الاضطرابات في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. وأصر جيمس كلابر المدير الجديد للمخابرات المركزية الامريكية في جلسات عقدت مؤخرا في الكونجرس على أن المخابرات الامريكية أبلت بلاء حسنا في رصد الاحداث وتنوقعها. وأضاف "لكننا لم نكن نستشرف المستقبل." وقال مصدران بالحكومة يطلعان عادة على تحليلات المخابرات انهما لم يشهدا تغطية كثيرة في وقت مبكر من قبل وكالات المخابرات للانتشار المحتمل للاضطرابات في بلدان مثل البحرين وليبيا. وأضاف المصدران انه اذا كانت مثل هذه التقارير صدرت فان تداولها كان سيقتصر فقط على الرئيس أوباما وعلى كبار المسؤولين الاخرين.