لندن (رويترز) - بددت انتفاضة غير متوقعة في شوارع تونس اي افتراضات سهلة بأن الزعماء الشموليين الاقوياء سيحكمون الى ما لا نهاية مما يشير ربما الى مخاطر مشابهة في موسكووبكين. وكان صناع قرار غربيون والكثير من المستثمرين يعتبرون حكام الشرق الاوسط الاقوياء مثل الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي ركيزتين راسختين في منطقة غير مستقرة متجاهلين التوترات الاجتماعية والاقتصادية التي أسفرت عما حدث من اضطرابات عنيفة. ويخشى كثيرون مما سيحدث في الفترة المقبلة خاصة بعد أعمال العنف التي شهدتها القاهرة هذا الاسبوع. وبالنسبة لمن بدأوا يتساءلون عما اذا كانت الدول الغربية تفقد هيمنتها على الاقتصادات الشمولية الصاعدة مثل الصين وروسيا فان الاحداث الاخيرة قد تكون مؤشرا على أن المطالب بتحقيق الديمقراطية تظل قوة يعتد بها. وقال جويل هيرست الباحث المتخصص في الشؤون الدولية بمجلس العلاقات الخارجية الامريكي "الوضع في مصر نداء استنهاض للانظمة الشمولية التي تعتقد أنها تستطيع أن تجد الاستقرار في الاستمرار لفترة طويلة." وتحركت عدة دول عربية بسرعة لتقدم تنازلات وان كانت رمزية في محاولة لتفادي اي تكرار للانتفاضة الشعبية التي أسقطت الرئيس التونسي. وأجرى الملك عبدالله الثاني عاهل الاردن تعديلا وزاريا كما أعلنت الجزائر اصلاحات سياسية وقال الرئيس اليمني انه لن يرشح نفسه للرئاسة مجددا. لكن نتيجة أن الاضطرابات وخاصة في مصر فاجأت الاسواق يشير البعض الى أن على المستثمرين تحميل علاوة مخاطر عالية في الدول الشمولية التي لا توجد بها "صمامات تنفيس" ديمقراطية ولديها خطط توريث واضحة. وقال دانييل كوفمان الباحث بمعهد بروكينجز والذي شارك في وضع مؤشرات الحكم الرشيد بالتعاون مع البنك الدولي والتي ينظر اليها على نطاق واسع على أنها من وسائل القياس الرئيسية لمخاطر الاستثمار بالدول "نقص الديمقراطية او الحريات في دولة ما قد يكون عامل خطر ربما لم يتعامل معه المحللون حتى الان بالجدية الكافية." واضاف ان التكهن بمدى قابلية هذا للانفجار مسألة معقدة تتوقف على عدد من العوامل من بينها البطالة والتصورات والمخاوف بشأن الفساد والاختراق المتمثل في التكنولوجيا ووسائط التواصل الاجتماعي. وقال كوفمان "من الصعوبة الشديدة بمكان التكهن بالتوقيت الفعلي للشرارة المزعزعة للاستقرار." ومن المؤكد أنه في حين أن الاضطرابات في مصر هزت الاسواق على مستوى العالم خاصة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا فانه لا توجد مؤشرات تذكر على أن المستثمرين يبيعون اصولا روسية او صينية او فنزويلية بسبب المخاوف من انطواء النظم الحاكمة فيها على مخاطر خفية. وكان أداء أسواق موسكو جيدا فيما يبدو مدعوما بارتفاع اسعار النفط التي تعززت بالمخاوف بشأن دول رئيسية أخرى منتجة مثل السعودية. ويقول محللون ان الاسواق تحاول جاهدة استيعاب المخاطر طويلة المدى. وقال نايجل رندل من رويال بنك اوف كندا "الاسواق المالية ذاكرتها قصيرة جدا... في الانظمة الشمولية يميلون الى افتراض أن الوضع القائم سيستمر الى الابد حتى ينفجر شيء بالفعل." ويقول خبراء ان مشكلة الحكام في روسيا والصين ستحدث حين لا يستطيعون تحقيق نجاح اقتصادي او اذا أدت المخاوف من الفساد الى نفور الجماهير. وقال نيكولاس جفوسديف استاذ دراسات الامن القومي في كلية الحرب البحرية برود ايلاند "حين يفقد افراد الطبقة المتوسطة ايمانهم بأن الحصول على مستقبل افضل مرتبط باستقرار النظام القائم يسفر هذا عن اضطرابات." ومن المؤكد فيما يبدو أن هذا ما حدث في مصر وتونس حيث يكافح شبان تلقوا تعليما جيدا على دراية جيدة بالتكنولوجيا وكثير منهم يتحدثون الانجليزية للعثور على وظائف. وقد كانوا طليعة المحتجين فيما يبدو ثم سار اخرون على خطاهم. ويتوقف الكثير ايضا على الشعور بمدى بعد الحكام عن الحكم. وبالنسبة لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين والمجموعة المقربة منه يقول محللون ان الخطر قد يكمن في الارتباط الوثيق بمجموعة يعتقد أنها من الفاسدين. ويرى البعض أن مبارك وبن علي فقدا الصلة بشعبيهما. وينظر الى قيادة الحزب الشيوعي الصيني على أنها اكثر تنوعا وتعددا في المحاور عن الحكم الذي تهيمن عليه الشخصية في روسيا ومصر. ويعتقد أن النخب في كل الدول تواجه تهديدا متزايدا من عصر المعلومات ووسائط التواصل الاجتماعي التي أظهرت الاحداث الاخيرة أنها أدوات قوية أسهمت في الاسراع من وتيرة الانشقاق. وحجبت الصين كلمة "مصر" من على بعض مواقعها للتواصل الاجتماعي وتحكم سيطرتها على استخدام الانترنت. يقول ايان بريمر رئيس مجموعة يوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية "في بعض الحالات سيخففون الضغط من خلال الاصلاحات وفي بعض الحالات سيشنون حملات قاسية لكنها فعالة وفي بعض الحالات سيقعون في المنتصف بين هذا وذاك." ويورد بريمر في كتابه (منحنى جيه) منحنى للعلاقة بين الانفتاح والاستقرار في الدولة. في الدول الاقل تقدما يحقق الحكم الاستبدادي الهدوء بينما في الدول المتقدمة يأتي الاستقرار من الانفتاح. ويحذر من أن الانتقال قد ينطوي على خطر ويقول "يجب أن نقلق في المنتصف." ولا تتوقع سوى قلة أن يكف المسؤولون الغربيون عن القلق بشأن بكينوموسكو او ان يسحبوا دعمهم لحلفاء شموليين منذ زمن بعيد مثل السعودية بين عشية وضحاها. وقد يحاولون تحفيز الاخيرة في اتجاه الاصلاح على غرار كوريا الجنوبية او تايوان لكن هذا قد يستغرق عقودا.