أوائل الثانوية فى الصعيد    فشل المخطط الإسرائيلى    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    الأرصاد الجوية تحذر من رياح مثيرة للرمال والأتربة وأمطار رعدية فى بعض المناطق    خالد جلال يستقبل عزاء شقيقه ومحمد ممدوح ومحمد الكيلانى أول الحاضرين    وزارة الصحة تنفى زيادة مساهمة المريض فى تكلفة الأدوية إلى 70% بدلا من 35%    مراسل "الستات مايعرفوش يكدبوا": العلمين تستقبل أعداد كبيرة من سياح العالم    خالد الجندى فى "لعلهم يفقهون": لا تخوفوا الناس من الدين    وزيرة التضامن: 176 سيارة إسعاف لغزة وننسق لإدخال 4 مستشفيات ميدانية    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    "التعليم" تنفي شائعة تغيير إجابات البابل شيت: تصحيح الثانوية العامة إلكتروني صارم    ضربتها لتقويمها..إنتحار طفلة بالفيوم بالحبة السوداء.. والأم تتهم الجدة بتعذيبها    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    بنتايج يعود للتدريبات الجماعية مع الزمالك    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    مقتل 3 جنود جراء إصابة صاروخ روسي موقع تدريب للجيش الأوكراني    عاجل.. تشكيل النصر الرسمي لمواجهة تولوز وديا    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    مصر تفتح أبوابها للاستثمار الخليجي: تفاوض نشط وحوافز غير مسبوقة لتعزيز الشراكة الاقتصادية    رغم انتهاء المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين دون إعلان تقدم.. مؤشرات متفائلة لصندوق النقد    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    ضبط 30 كجم مخدرات وتنفيذ 609 أحكام في دمياط وأسوان    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    قائد الجيش اللبناني: لن نتهاون في إحباط أي محاولة تمس الأمن أو تجر الوطن إلى الفتنة    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب والربيع العربي
وعود في الهواء‏..‏ وأزمات طاحنة

ستون مليار دولار تقريبا هي إجمالي التعهدات المالية التي قطعتها الدول الكبري لإنعاش اقتصاديات ما يعرف ببلدان الربيع العربي‏,‏ ومنذ ذلك الحراك الثوري في المنطقة قبل أكثر من عام ونصف العام‏.‏
هذه التعهدات السخية كانت ستصبح عند الوفاء بها بمثابة مشروع مارشال عالمي جديد‏,‏ كالذي أنعش أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية‏,‏ لكن الذي حدث أنه لم يصل من هذه الأموال حتي الآن سوي ربعها فقط لا غير‏.‏
لكن لماذا بدت الدول الكبري وكأنها لحست السواد الأعظم من وعودها المالية؟
لماذا تبدو الدول الغنبية وكأنها تحجم مثلا عن إنقاذ مصر من عجز مالي يوصف بأنه كارثي‏,‏ لا تمنحها إلا نصف الأموال التي تحتاجها الآن بشكل عاجل‏,‏ وهو السيناريو نفسه تقريبا الذي تتجرع مرارته تونس واليمن‏.‏
فهل تسرع العرب في فهم تفاصيل الوعود المالية السخية التي قطعت لهم‏,‏ وهي التفاصيل التي تعج بما قد يوصف بشياطين الحسابات السياسية والاقتصادية التي تحكم معادلة المنح والمنع في المشهد العالمي إجمالا؟
فالدول الكبري التي تعاني أصلا أزمات سيولة تهدد اقتصادياتها في الصميم‏,‏ كشفت عن أنها لم تكتب شيكات علي بياض للثائرين العرب‏,‏ وأن عليهم أن يقدموا شهادة حسن سير وسلوك اقتصادية وسياسية بعينها‏..‏ شهادات ممهورة من المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين‏.‏
سلاح المساعدات
هذا الأمر دفع الأمور في طريق اتهام أقطاب العالم الغنية بمحاولة استغلال سلاح المساعدات لتوجيه دفة تلك الأحداث السياسية‏.‏
لكن في المقابل فإن هناك من يتهم الدول الثائرة بأنها تتحمل جانبا من المسئولية بعجزها عن تحقيق درجة مقبولة من الاستقرار السياسي المشجع للاستثمار‏,‏ أفليس رأس المال أجبن من أن يغامر في مجهول سياسي قد لا يجني منه سوي الضياع؟
هذا كله لا ينفي أن الاتحاد الأوروبي الذي يعد من أكبر إن لم يكن أكبر المانحين في العالم يعاني أزمة قد تؤدي إلي تداعيه‏,‏ وربما إلي انهيار اليورو الذي يعد الرمز الأكبر لأضخم اتحاد نقدي واقتصادي في التاريخ الحديث‏.‏
وسواء نجا اليورو أو انهار فقد تقوض الطريقة العشوائية التي تتعامل بها أوروبا مع هذه الأزمة المالية المتفاقمة النفوذ السياسي للمنطقة لسنوات‏,‏ بل وقد تكسبها نقطة ضعف خطيرة في عالم سريع التغير‏.‏
وتقول وكالة رويترز في تحليل إخباري لها‏:‏ إنه عن طريق سلسلة تبدو بلا نهاية من اجتماعات القمة‏,‏ والمكالمات الهاتفية في اللحظات الأخيرة أبقي زعماء أوروبا ووزراء ماليتها علي تكتل العملة قائما في مواجهة توترات متزايدة بين الدول‏,‏ وتداعيات سياسية متفاقمة‏,‏ وقلق في السوق‏.‏
قلق أمريكي
بعض المحللين خارج الاتحاد يقول‏:‏ إن كل إجراء يأتي ضعيفا للغاية‏,‏ ومتأخرا للغاية‏,‏ ويشكو المسئولون الأمريكيون علي وجه الخصوص من أن الزعماء الأوروبيين إما فشلوا في فهم حجم المشكلة‏,‏ أو أنهم غير مستعدين لقبول القرارات السياسية الصعبة الضرورية لإصلاح الأوضاع‏.‏
ويقول هؤلاء المسئولون‏:‏ إنه نتيجة لذلك فإن ما كان من المفترض أن يكون أحد أكثر أنحاء العالم استقرارا‏,‏ أصبح أكثرها اضطرابا‏.‏
مزيد من الوحدة
من ناحية قد تكون منطقة اليورو في طريقها لمزيد من الوحدة السياسية والمالية‏,‏ لتصبح أشبه بدولة واحدة كبيرة في اتحاد تام تقريبا‏,‏ لكنها علي الجانب الآخر قد تنهار وتتفكك مخلفة دولا متنافسة غير مستقرة‏.‏
ونقلت رويترز عن فيونا هيل المسئولة السابقة في مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي‏,‏ والمديرة الحالية لبرنامج أوروبا في معهد بروكينجز في واشنطن قولها‏:‏ في كل حوار لي تقريبا خلال العام الماضي‏,‏ مع الصينيين أو الهنود ومع الجميع تقريبا‏,‏ كنت دائما أتلقي الرسالة نفسها‏,‏ لم يعد بالإمكان الوثوق في أوروبا‏,‏ يبدو أنها تحولت من مصدر للاستقرار إلي مصدر لعدم الاستقرار‏.‏
أضافت قائلة‏:‏ إن كل الثوابت القديمة أصحبت موضع شك‏,‏ حتي بريطانيا التي ليست عضوا في منطقة اليورو بدا فجأة أنها تواجه خطر التفكك حيث من المقرر أن تجري اسكتلندا استفتاء علي الاستقلال يقول خبراء إنه لا يمكن التنبؤ بنتيجته‏.‏
باختصار أصبحت أزمة الديون والبنوك في منطقة اليورو التي تعتمل ببطء آخذة في التفاقم‏,‏ وقد قرر الزعماء السياسيون لمنطقة اليورو أخيرا إنقاذ البنوك الإسبانية‏,‏ كما أجرت اليونان انتخابات برلمانية كان كثير من المحللين يخشون أن تسفر عن انسحابها من منطقة اليورو‏.‏
ويقول البعض‏:‏ إن من المبكر جدا شطب أوروبا‏,‏ أو مؤسسات الاتحاد الأوروبية كلية‏,‏ وتحت قيادة كاثرين أشتون مسئولة السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي يرجع البعض الفضل لأوروبا في تحقيق تقدم حقيقي في المحادثات مع إيران والقوي الأخري بشأن مستقبل برنامج طهران النووي المثير للخلاف‏,‏ لكن قدرتهم علي أي شيء يتجاوز مشكلاتهم المباشرة تعتبر محدودة إلي حد كبير‏.‏
معركة إنقاذ اليورو‏..‏ عميقة ومستمرة والتهميش وارد
نقلت رويترز عن ايان بريمر رئيس مجموعة يوراشيا الاستشارية قوله‏:‏ الأوروبيون مستغرقون تماما في معركة إنقاذ منطقة اليورو‏.‏
وتابع قائلا‏:‏ إنها أزمة عميقة ومستمرة‏,‏ وأكبر من أي شيء مروا به في عقود‏..‏ إنها بيئة ليس من الممكن فيها أن نتوقع أن تكون للزعماء الأوروبيين أولوية أخري‏.‏
وقد يؤدي ذلك لتهميش القارة بشكل متزايد مع بزوغ نجم القوي الناشئة‏,‏ ليس فقط دول مجموعة بريك التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين‏,‏ لكن دولا أخري أيضا مثل تركيا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا‏.‏
وفي نهاية المطاف قد يقوض ذلك قدرة زعماء القارة علي إقناع بقية العالم بأن يأخذوهم علي محمل الجد في مجموعة من الموضوعات من التجارة إلي أهمية الديمقراطية وحقوق الإنسان‏.‏
ونقلت رويترز عن نيكولاس جفوسديف أستاذ دراسات الأمن القومي في كلية الحرب البحرية الأمريكية قوله‏:‏ ربما لن تتوقف أوروبا عن وعظ باقي العالم‏,‏ لكن الآخرين لن تكون لديهم رغبة في الاستماع علي الأرجح‏.‏
قمة كوبنهاجن
وفي قمة كوبنهاجن بشأن المناخ في‏2009,‏ شعرت أوروبا بمهانة الاستبعاد خارج القاعة عند إبرام الاتفاق النهائي بين الولايات المتحدة والقوي الناشئة‏,‏ وعقب أزمة منطقة اليورو فقد يكون هذا مكانا يتعين علي الزعماء الأوروبيين الاعتياد عليه‏.‏
لكن بالنسبة لبقية العالم ليست القارة نفسها فحسب هي التي يخبو بريقها سريعا‏,‏ فلم يعد النموذج السياسي الأوروبي برمته‏,‏ وهو النموذج المتمثل في نظام الرعاية الاجتماعية السخي‏,‏ والديمقراطية في اتخاذ القرار‏,‏ والتكامل الإقليمي الوثيق‏,‏ وفكرة اتحاد العملة كعنصر استقرار‏,‏ جذابا للمناطق الأخري التي مازالت تنمو‏.‏
ويقول براهما شيلاني أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز البحوث السياسية بنيودلهي‏:‏ أوروبا عند مفترق طرق‏,‏ ومستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه علي المحك‏.‏
وأضاف‏:‏ لو انهار اليورو فستكون نهاية التجربة الأوروبية في تحقيق تكامل سياسي ومالي قوي‏,‏ لكن ستكون لذلك أيضا تداعيات دولية أوسع‏.‏
ولكن لا يوجد اتفاق عام علي ماهية تلك التداعيات‏,‏ يقول شيلاني‏:‏ إن انهيار اليورو ربما يسهم في ضمان تفوق الدولار‏,‏ وربما الولايات المتحدة نفسها‏,‏ لسنوات‏.‏
لكن آخرين يعتقدون أن انهيار أوروبا سيكون مؤشرا علي ما سيحدث للولايات المتحدة أيضا‏,‏ ويقول بهارات كارنارد زميل شيلاني في مركز البحتوث السياسية‏:‏ إنه أيا كان ما سيحدث فإن قوي مثل الصين في صعود‏,‏ وسيواجه الغرب تحديات متزايدة بغض النظر عن مصير اليورو‏.‏
وتأخذ واشنطن احتمال انهيار أوروبا علي محمل الجد‏,‏ فعلي المدي القصير من الواضح أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قلقة بشأن تداعيات ذلك علي الانتخابات في حالة انتقال الأزمة الأوروبية عبر الأطلسي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر‏.‏
لكن علي المدي البعيد‏,‏ سواء نجا اليورو أو لا‏,‏ فإن المخططين الأمريكيين بدأوا يستوعبون حقيقة أن من المرجح أن تصبح القارة أفقر وأكثر تركيزا علي الداخل مما كانت واشنطن تأمل‏.‏
وتدفع واشنطن منذ فترة طويلة القوي الأوروبية علي الاهتمام بدرجة أكبر بمحيطها المباشر‏,‏ وبينما أخذت بريطانيا وفرنسا المبادرة السياسية في ليبيا العام الماضي‏,‏ شكا روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي وقتها‏,‏ من أن القوات الأوروبية في حلف شمال الأطلسي تعتمد كلية في واقع الأمر علي الولايات المتحدة فيما يتعلق بالذخيرة‏,‏ واللوجستيات‏,‏ وأشكال الدعم الأخري‏.‏
لكن تغير التفكير الأوروبي والإنفاق الدفاعي الإضافي الذي طالبت به واشنطن‏,‏ يبدو الآن مستحيلا في ظل التقشف الحالي‏.‏
ويري محللون أن المخططين الأمريكيين ينتبهون أيضا لحقيقة أن الدول الأوروبية لم يعد من المتوقع أن تضاهي تعهدات الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية والمالية لمناطق الحروب والصراع‏,‏ ثم إن هناك مخاوف استراتيجية طويلة الأمد‏.‏
ويؤكد هؤلاء المحللون إن التمركز العسكري لواشنطن تجاه آسيا كان يستند جزئيا إلي افتراض أن أوروبا ستظل مستقرة وغنية‏,‏ وأنه لا يوجد ما يقلق الولايات المتحدة بشأن حلف شمال الأطلسي‏,‏ وقد يجعل ضعف أوروبا المخططين الأمريكيين أقل ثقة في ذلك‏,‏ خاصة لو عززت الصين نفوذها‏.‏
وعززت الصين استثماراتها في أوروبا في السنوات القليلة الماضية‏,‏ بما في ذلك مشروعات موانئ في اليونان وإيطاليا‏.‏
ويري بعض المحللين السياسيين أن نقاط الضعف والأسباب وراء أزمة منطقة اليورو أوسع نطاقا بكثير‏,‏ ويمكن ملاحظتها في معظم الاقتصادات الغربية‏,‏ بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي نفسه‏.‏
ونقلت رويترز عن جين ليكون رئيس مجلس الرقابة علي مؤسسة الاستثمار الصينية‏,‏ وهي صندوق الثروة السياسية في البلاد‏,‏ في مقال نشرته صحيفة الشعب الصينية يوم‏21‏ مايو الماضي قوله‏:‏ ما يلزمهم التخلص منه لإنقاذ السفينة يشمل بالأساس مركز الثقل نفسه الذي كان يوفر الاستقرار للمجتمع بعد الحرب‏.‏
انحسار أوروبا
ويقول خبراء‏:‏ إن من الأرجح دائما انحسار النفوذ الدولي لأوروبا بعض الشيء‏,‏ مع استهلاك سكانها الذين ترتفع بينهم نسبة المسنين لمزيد من الموارد‏,‏ في حين تحقق الاقتصاديات الناشئة بالتأكيد معدلات نمو أكبر‏,‏ لكن هل يدرك قادة القارة ذلك؟ هذا شأن آخر‏.‏
ونقل عن جاك جولدستون أستاذ الشئون الدولية في جامعة جورج ميسون قرب واشنطن العاصمة قوله‏:‏ مصدر النفوذ الرئيسي لأوروبا‏(‏ يفترض أن يكون‏)‏ نجاح نموذجها السياسي والاقتصادي في توفير مستويات معيشة مرتفعة‏,‏ وحريات ديمقراطية‏.‏
وأضاف قائلا‏:‏ لو قوضت الأزمة الحالية هذين أيضا فستبدو أوروبا مثل نظام ضعيف سئ الإدارة من الدول العجائز الراكدة اقتصاديا‏,‏ ومن ثم فإن فقدان النفوذ ينتظرها‏.‏
ترحيب ولكن
قد تكون الأسواق العالمية قد رحبت بتحرك أوروبا صوب وحدة أوثق‏,‏ لكن لا يبدو أن الناخبين الأوروبيين سيكون لهم رد الفعل نفسه‏,‏ وهو ما يسبب قلقا للمستثمرين‏,‏ خاصة في وقت تبدو فيه أوروبا أشد انقساما من أي وقت مضي منذ طرح العملة الموحدة في عام تسعة وتسعين‏.‏
واتخذت أوروبا خطوة صوب توثيق عري وحدتها بقرار تعديل قواعد الإنقاذ المالي لمساعدة إيطاليا وإسبانيا‏,‏ والتحرك تجاه إنشاء رقابة مشتركة علي القطاع المصرفي‏.‏
إلا أنه حتي لو نحي الزعماء الأوروبيون خلافاتهم جانبا‏,‏ وبدأوا في بناء ولايات متحدة أوروبية‏,‏ فقد يقاوم الناخبون ما يرون أنه انتقاص من السيادة‏,‏ وربما يؤثر ذلك علي الأسواق لو ذهب الجهد الكبير سدي‏.‏
ونقلت وكالات الأنباء العالمية عن سايمون بريك كبير مسئولي الاستثمار في نيوتن لإدارة الاستثمار في لندن‏,‏ التي تدير أصولا بنحو‏80‏ مليار دولار قوله‏:‏ إن كثيرا من الناس في أوروبا لا يريدون أن يكونوا جزءا من دولة واحدة‏.‏
وأضاف أن هناك انفصاما بين الساسة الأوروبيين وجمهور الناخبين‏,‏ وأن كلا منهما يسير في اتجاه‏.‏
وأثارت موجة كبيرة من تخفيضات الإنفاق والزيادات الضريبية بهدف تقليص العجز الكبير بميزانيات الدول الأوروبية‏,‏ رد فعل غاضب من المواطنين في منطقة اليورو التي تضم‏17‏ دولة‏,‏ خاصة في الدول التي تعاني ارتفاع البطالة‏,‏ وتراجع النمو‏,‏ أو الانكماش‏.‏
اختارت أقليات لا بأس بها في الانتخابات الفرنسية واليونانية الأخيرة أحزابا من أقصي اليمين أو من أقصي اليسار بدلا من التيار الرئيسي المؤيد للتكامل الأوروبي‏.‏
في غضون ذلك تعارض ألمانيا تخفيف إجراءات التقشف‏,‏ وتقاوم دعوات لإنشاء سوق سندات مشتركة‏.‏
وخرج عنوان رئيسي لإحدي الصحف الألمانية في الآونة الأخيرة يقول لا باللغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية‏,‏ مستحثا الزعماء علي مقاوة الجهود لحمل ألمانيا علي ضمان ديون دول أخري بمنطقة اليورو‏.‏
ونقلت وكالات الأنباء العالمية عن جريجوري وايتلي من مؤسسة دبل لاين كابيتال في لوس أنجلوس أن اتفاق القمة الأوروبية الأخيرة القاضي بالسماح بضخ أموال الإنقاذ مباشرة في البنوك بدلا من إقراضها لحكومات مثقلة بالفعل بالديون‏,‏ يمثل خطوة مهمة‏,‏ خاصة أنه يتزامن مع لين ملحوظ في موقف ألمانيا السابق‏.‏
لكنه أضاف أن إنشاء هيئة منظمة للقطاع المصرفي بمنطقة اليورو للإشراف علي هذه المساعدات‏,‏ قد يكون أمرا صعبا‏,‏ وقال الزعماء الأوروبيون‏:‏ إنهم سيبحثون إنشاء مثل هذه الهيئة بحلول نهاية العام‏.‏
وتابع‏:‏ مازلنا بعيدين عن تسوية ذلك لأن مقاومة الناخبين علي الجانبين‏,‏ في ألمانيا علي تقديم تنازلات‏,‏ وفي جنوب أوروبا لمواجهة حدة المشكلة‏,‏ عقبة كبيرة أمام التوصل إلي حل طويل المدي قابل للتنفيذ‏.‏
ووصفت صحيفة دير شبيجل الاتفاق بأنه هزيمة لألمانيا قائلة إنها رضخت لمطالب بشروط أقل صرامة لحزم الإنقاذ‏,‏ وتقديم الدعم للبنوك مباشرة‏.‏
كما أوضح سايمون ديريك من مؤسسة بي‏.‏ إن‏.‏ واي ميلون أنه من الواضح أن الاتفاق جاء رغما عن ألمانيا‏,‏ نتيجة لذلك تبدو ألمانيا منعزلة سياسيا‏,‏ ونفترض أنها حانقة للغاية‏,‏ وتبدو هذه تركيبة خطيرة‏.‏
وكشف بيتر اتواتر رئيس شركة فايننشيال انسايت للاستشارات الاستثمارية في بنسلفانيا عن أن الانفصام بين الرأي العام والتوافق السياسي ليس غريبا في أوروبا في وقت تشعر فيه الشعوب بالقلق بشأن مستقبلها السياسي‏.‏
ويمكن رؤية ذلك علي الجانب المقابل من المحيط الأطلسي أيضا‏,‏ وهو الأمر الذي تشي به مؤشرات مثل تراجع ثقة المستهلكين الأمريكيين‏,‏ ومشكلات سياسية مستعصية في الساحة السياسية الأمريكية‏,‏ وصعود حركات احتجاجية مثل حزب الشاي‏,‏ واحتلوا وول ستريت‏,‏ وهي أمور كلها قد تعقد عملية صناعة السياسات‏.‏
وبالرغم من ذلك فإن عدم التيقن بشأن ما ستنتهي إليه أزمة الديون الأوروبية يبقي المستثمرين قلقين من زيادة الاستثمارات في اليورو أو في أي أصول أخري تابعة لمنطقة اليورو‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.