القدس (رويترز) - في قلب المنطقة المضطربة بالقدس يغامر الصبية الفلسطينيون بالاقدام على لعبة خطرة.. رشق سيارات اليهود بالحجارة. في حي سلوان المضطرب بالقدسالشرقية تتجه مجموعة من الصبية الى جانب الطريق ويندفع الصبية فجأة الى الشارع لالقاء الحجارة على السيارات الاسرائيلية المارة خاصة السيارات التي تخص المستوطنين اليهود. ويبدو أن هؤلاء الصبية لا يدركون الخطر الذي تنطوي عليه مغامرتهم سواء على أهدافهم أو على أنفسهم. كما يستفزون قوات الامن الاسرائيلية المكلفة بحفظ الامن. وتقول الشرطة انها سجلت أكثر من ألف حادث من هذه الحوادث على مدى 12 شهرا في مؤشر على تزايد الهجمات عن السنوات السابقة ونصحت اليهود بتجنب القيادة في الشوارع الضيقة للحي الى أن تتمكن من وضع نهاية للعنف. لكن جماعة بتسيلم الاسرائيلية لحقوق الانسان اتهمت في تقرير هذا الشهر الشرطة بالتصرف بشكل غير مشروع من خلال القبض على قاصرين من منازلهم ليلا لاستجوابهم. ونفت الشرطة هذه الاتهامات وقالت ان عليها أن تفرض القانون. وررغم عدم وجود رايات أو ملصقات أو شعارات سياسية وراء مثل هذه المواجهات الا ان سعي الصبية لابداء الشجاعة يشير الى أنه حتى القاصرين يشعرون بأنهم لابد أن يواجهوا "قوة الاحتلال". وكان نحو 500 مستوطن يهودي قد انتقلوا الى حي سلوان في السنوات الاخيرة مما أثار غضب السكان الفلسطينيين البالغ عددهم 60 ألفا. وسرعان ما أدرك الصبية الواقع السياسي والاجتماعي الخطير من حولهم. وهم يتحدون بعضهم بعضا للاقتراب من أهدافهم.. لكنهم على الارجح ليسوا على دراية كاملة بالمخاطر. فالشرطة مسلحة بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصدمة واذا شعرت بالتهديد فانها مزودة بالاسلحة النارية. كما أن قادة السيارات المستهدفين يمكن أن يردوا على الهجوم أو يفقدوا السيطرة على سياراتهم أثناء القيادة. في سبتمبر أيلول قتل حارس امني اسرائيلي يعمل في مستوطنة يهودية صغيرة بالرصاص فلسطينيا من سكان المنطقة بعد أن قال انه تعرض لهجوم من شبان يلقون الحجارة. وأدى هذا الحادث الى أعمال شغب في أنحاء القدسالشرقية استمرت عدة أيام. وفي أكتوبر تشرين الاول تصاعدت التوترات مرة أخرى بعد أن قاد أحد زعماء المستوطنين في سلوان سيارته مندفعا وسط مجموعة من الصبية الذين يلقون الحجارة واتجه الى أحد الصبية الذي طار فوق السيارة من شدة التصادم ثم سقط على الارض لكن المستوطن قال لاحقا انه فقط أصيب بالذعر. وأصبح القبض على القاصرين امرا شائعا لكن الاباء لم يقوموا بجهود تذكر لمنع أبنائهم من القيام بمثل هذه الاعمال. وأصبح هذا الجيل الجديد من الشبان هو السائد في سلوان. ففي حين تهرول الفتيات في مثل هذه السن عائدات الى منازلهن يرفع الصبية أصابعهم ملوحين بعلامة النصر وهم يهتفون "الله أكبر" بينما يرشقون اهدافهم بالحجارة. وعندما تظهر الشرطة تزداد الاحداث سخونة .. ويبدأ الصبية في احراق صناديق الورق المقوى والاطارات القديمة. تقول بتسيلم ان الشرطة احتجزت 81 قاصرا على الاقل في العام المنصرم بعد اشتباكات في الشوارع وتتهم السلطات بخرق القانون بتكبيل أيدي القاصرين وانها كانت تكتفي فقط باخطار الاباء بعد استجوابهم. يقول محمد منصور (13 عاما) انه ألقي القبض عليه بعد أن أرسلته والدته لشراء بعض المشتريات وانه سار وسط حشد من الصبية الفلسطينيين الملثمين الذين كانوا يرشقون المستوطنين اليهود بالحجارة. واضاف "في طريقي الى المنزل.. فجأة أمسك بي رجال من الخلف. رأيت جنودا يقتربون لذلك أدركت أن هؤلاء الرجال من أفراد الشرطة السرية." ويقول محمد انه اقتيد الى سيارة ومعه صبية اخرون ألقي القبض عليهم وانهم تعرضوا للضرب والركل والسب وتم تكبيل أيديهم وعصب أعينهم. ويقول أيضا ان شرطيا صوب المسدس الى رأسه "وقال لي اني لو فعلت أي شيء فسوف يطلق علي الرصاص". وفي السنوات الاخيرة تحاول الشرطة الاسرائيلية تجنب استخدام القوة المميتة في القدس وهي واحدة من مناطق المشتعلة التي لها حساسية بالغة في الصراع العربي الاسرائيلي. لكن نعما باومجارتن شارون الباحثة في بتسيلم قالت انه استنادا الى عشرات الشهادات فان الشرطة تستخدم العنف مع القاصرين. وقالت لرويترز "كون الاطفال مشتبها بهم في مخالفة القانون لا يعني السماح للشرطة بانتهاك القانون في التعامل معهم." وسن المسؤولية الجنائية في اسرائيل هو 12 عاما. لكن بتسيلم تقول ان شرطة القدس لابد أن تلتزم بالقانون الاسرائيلي الخاص بالقاصرين الذي يكفل معاملة خاصة لمن هم دون 14 عاما أثناء الاعتقال والاستجواب والحكم ويضمن وجود أحد الوالدين. لكن بتسيلم تقول ان المعاملة التي يلقاها الصبية الفلسطينيون من مخالفي القانون الاسرائيلي تتناقض مع الرأفة التي يتم التعامل بها مع المستوطنين لدى انتهاك القانون فيما يتعلق بالعنف. وعندما طلب منه التعقيب على الاعتقالات التي يقوم بها أفراد الشرطة السرية ليلا قال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة انه في حال تعرض رجال الشرطة للخطر في أي مكان فانهم يقومون بمداهمات أثناء الليل ويستخدمون أفرادا متخفين. وقال "الشرطة الاسرائيلية تلقي القبض على الصبية والمراهقين من كل الاعمار الذين يشاركون في اضطرابات." وأضاف لرويترز "أي شخص يخالف القانون سيجري اعتقاله واستجوابه" وقال ان عملية الاستجواب يجري تصويرها بالفيديو ودائما ما يرافق أحد الوالدين القاصر. وتقول عايدة والدة محمد ان الشرطة الاسرائيلية اعتقلت ولديها الصغيرين رائد (10 سنوات) وعمران (8 سنوات) خلال العام المنصرم. وتابعت "ألقوا القبض على ثلاثة من أبنائي.. اثنان بواسطة أفراد الشرطة السرية بينما أخذوا الصغير من المنزل." الان تحمل الشرطة الاسرائيلية الاباء المسؤولية لضمان عدم مشاركة أبنائهم في أي أعمال شغب بسلوان. تمكنت عايدة من استصدار قرار بالافراج عن محمد بعد التوقيع على تعهد يلزمها بدفع خمسة الاف شيقل (1300 دولار). واذا تم ضبطه في أي مخالفة أخرى فسيتعين على والديه دفع المبلغ وهو ما لا يقدرون عليه. وقال محمد "كنت أذهب لالعب كرة القدم بعد المدرسة... الان أعود الى البيت مباشرة."