تواجه محاولات مصر لخفض تكاليف الاقتراض وتحفيز النمو الاقتصادي عقبات نظرا لعدم رغبة القطاع المصرفي في البلاد في السماح لجهات منافسة بدخول سوق سندات الخزانة المربحة. وتحاول الحكومة منذ سنوات توسيع أسواق السندات التي تقل كثيرا في الحجم عن أسواق الاسهم وقالت في سبتمبر ايلول انها أوشكت على انجاز اطار قانوني جديد لتداول السندات. وتجتذب مصر اهتماما متزايدا من مستثمري الاسواق الصاعدة نظرا لما تتمتع به من نمو قوي يقترب من ستة في المئة سنويا رغم التوقعات القاتمة للاقتصاد العالمي. ويجذب المستثمرين أيضا ارتفاع عوائد السندات المحلية وأذون الخزانة بالمقارنة مع نظيراتها في السوق الامريكية وغيرها من الاسواق المتقدمة. ويقول محللون ان هذا الاقبال المتنامي أدى الى ظهور ضرورة ملحة لجعل سوق الاوراق المالية أكثر سيولة. غير أنه من المستبعد أن تتخلى البنوك التجارية الخمسة عشر - التي لها الحق في شراء أذون وسندات الخزانة مباشرة من الحكومة - بسهولة عن هذا الوضع المربح الذي يسمح لها بامتلاك دين سيادي سهل ومعزول عن المخاطر. ونظرا لصعوبة قيام المستثمرين باعادة بيع الاوراق المالية في سوق التداول الثانوية المصرية الصغيرة يتعين على الحكومة أن تدفع علاوة مخاطر على ديونها وهو ما يترك لها مبالغ أقل متاحة للانفاق المحلي لتنشيط النمو. وقال أحمد العناني مدير مبيعات أدوات الدخل الثابت لدى اكسوتكس في دبي "ليس من الصعب اصلاح هذا. هناك مخطط جاهز لذلك وما عليهم الى أن يضغطوا على الزر (للتنفيذ). "ما يصيبني بالاحباط هو أن اجراءات اصلاحية مشابهة اتخذتها دول مثل تركيا وماليزيا ذات وضع مشابه فيما يخص الاقتصاد الكلي.. الا أنها باتت الان تملك سوق أدوات دخل ثابت أكثر تطورا بكثير مما وصلت اليه مصر." وباتت أذون الخزانة المصرية أكثر جاذبية للاجانب الذين استفادوا من تدفق دولارات رخيصة لشراء أوراق حكومية مصرية من خلال البنوك التجارية الخمسة عشر. وبلغ عائد أذون الخزانة حوالي تسعة أو عشرة في المئة. وقفزت ملكيات الاجانب من أذون الخزانة الى 64.8 مليار جنيه مصري (2 ر11 مليار دولار) في سبتمبر ايلول 2010 من 10.2 مليار جنيه في سبتمبر 2009 وفقا لما تظهره احصاءات البنك المركزي. وساعدت مشتريات الاجانب الحكومة في تمويل العجز الضخم في الميزانية دون دفع المقترضين من القطاع الخاص خارج السوق. وبلغ العجز 8.1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العام حتى نهاية يونيو حزيران. وقال محللون انه رغم ارتفاع الطلب الا أنه يتعين على الحكومة أن تدفع عائدا أعلى أو علاوة بسبب غياب السيولة على الاوراق المالية التي تعرضها بسبب الصعوبة التي يواجهها المستثمرون اذا رغبوا في بيع الادوات قبل استحقاقها. ويقول محللون ان وجود سوق ثانوية نشطة للاوراق الحكومية يمكن أيضا أن يشجع الشركات على اصدار سندات. ولا يوجد سوى عدد قليل من الشركات المصرية - موبينيل وحديد عز وجي.بي اوتو واوراسكوم للانشاء والصناعة - التي لها سندات قائمة ويجري تداولها على فترات متباعدة. وقال مسؤول ان البنك المركزي المصري الذي يتبنى نهجا متحفظا من بين الجهات الاقل حرصا على تعديل النظام الحالي. وأضاف المسؤول المشارك في جهود اصلاح سوق تداول السندات والذي طلب عدم الكشف عن اسمه "يتبنون وجهة نظر محلية للغاية بشأن النظام المصرفي. النظام المصرفي بالنسبة لهم هو البنك الذي يتعامل مع الافراد. والبنك الذي يتعامل مع الافراد بنك متحفظ." واضاف المصدر نفسه أن البنك المركزي "كان باستطاعته أن يجبر البنوك على التعامل في الاوراق الحكومية .. كان يمكنه وضع حد أقصى لما يمكن أن يمتلكه بنك من الاوراق الحكومية .. كل الاشياء الممكنة بالنسبة له والتي لا تفعلها/البنوك/." ومن بين الاجراءات التي اقترحت لتنشيط تداول السندات اجبار البنوك المتعاملة الاساسية الخمسة عشر على العمل كصانعي سوق من خلال تحديد اسعار بشكل منتظم تكون عندها ملزمة بشراء أو بيع الاوراق المالية الحكومية التي بحوزتها. وقال محمد تيمور رئيس مجلس ادارة فاروس القابضة في القاهرة "ينبغي أن يكون هناك نوع من الالزام يشترط أن يبيع كل بنك 20 في المئة من السندات الحكومية بعد حصوله عليه." وكان وزير المالية يوسف بطرس غالي قد قال في نوفمبر تشرين الثاني ان الحكومة ليست لديها خطط فورية لمطالبة البنوك بالعمل كصانعي سوق قائلا ان هذا سيتطلب تشريعا جديدا. وهناك اجراء اخر وهو السماح لبنوك الاستثمار بالعمل كمتعاملين أساسيين الى جانب البنوك الخمسة عشر الحاصلة على تراخيص. واقرت وزارتا المالية والاستثمار هذه الخطة العام الماضي. الا أنه لم يتم حتى الان منح أي تراخيص. وقال تيمور "كنت أدعو بشدة الى دخول شركات السمسرة سوق السندات الحكومية .. تحدثت الى الجميع .. والكل قالوا .. نعم نعم نعم نحن نؤيد هذا .. لكنه لا يحدث." وقال محلل اخر في بنك استثماري ان البنك المركزي لا يريد وجود أطراف مستقلة في سوق الاوراق المالية الحكومية. واضاف المحلل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "يجب أن يعطي الموافقة النهائية لبنوك الاستثمار للعمل كمتعاملين أساسيين .. وحتى الان لم يصدر أي موافقة." وقال محللون انه سيكون من السهل بالنسبة للبنك المركزي أن يجهض أي محاولات للاصلاح من خلال التذرع بأن النظام الحالي يعمل بشكل مثالي وان أي تعديلات ربما تجتذب أموال المضاربة التي يمكنها الخروج من السوق بسهولة وزعزعة استقراره. وقال محلل مقيم خارج مصر "أعتقد انهم سيروجون شائعات عن حدوث اضطرابات وذلك سيكون له تأثير." من باتريك ور (شارك في التغطية توم فايفر وسامية نخول)