تدافع فرنسا التي تملك ثاني اكبر شبكة من السفارات في العالم بعد الولاياتالمتحدة، عن البرقيات السرية التي تتناول شركاء اجانب لاعتبارها ادوات بيد الدبلوماسية، ساعية الى تعزيز امنها في مواجهات هجمات معلوماتية مثل تسريبات ويكيليكس. واعلنت وزارة الخارجية الفرنسية انها اتخذت اجراءات عملية للتصدي لاي ثغرة في نظام اتصالاتها قد تستغل لتسريب معلومات، بعدما باشر موقع الاسترالي جوليان اسانج الاحد بنشر 251 الف برقية دبلوماسية سرية اميركية حصل عليها. وقال برنار فاليرو المتحدث باسم الخارجية الفرنسية "باشرنا عملية متواصلة لضمان الامن حفاظا على سرية الوثائق". وبحسب مصادر دبلوماسية، فان النقاش الاساسي الذي يجري بعد عملية التسريب الضخمة التي يقوم بها موقع ويكيليكس لا يتركز بالتاكيد على تغيير مضمون المذكرات، بل على فاعلية الموانع التي تحول دون الوصول الى الوثائق السرية. وقال دبلوماسي فرنسي "غالبا ما نجري تحليلا نفسيا للمحاورين الذين نلتقيها سواء من الغالبية او من المعارضة في البلد المعني، وهذا لن يتغير". وهذه التحليلات النفسية كانت من التسريبات الاكثر اثارة بين الكم الهائل من الوثائق الاميركية الذي كشفه ويكيليكس، حيث وصف رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ب"الذكر المتسلط" والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ب"نزق مستبد". وابدى فرنسوا نيكولو السفير الفرنسي السابق في طهران بين 2001 و2005 ثقته بان الدبلوماسية الفرنسية "ستواصل العمل بالطريقة نفسها". وقال "ان الاميركيين يعملون مثلنا. ومن الطبيعي لدبلوماسي ان يصف رئيس دولة اجنبية مثلما يراه، مع محيطه العائلي ونزواته وما يمكن ان يؤثر عليه. فكل ما يسمح بكسب الوقت في فهم المحاور هو موضع ترحيب". من جهته قال فيليب مورو-دوفارج من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "ان استاء نيكولا ساركوزي او اي رئيس دولة اخر من طريقة وصفه، فهذا ليس دليل ذكاء. كل رئيس دولة يعرف انه يصبح محط نميمة ما ان يدير ظهره". ويفسر بعض الخبراء تسريبات ويكيليكس بازالة الحواجز بين مختلف وكالات الادارة الاميركية بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر سعيا لتسريع انتقال المعلومات، فيما تحدث اخرون عن عدم ضبط الوصول الى البيانات السرية بشكل محكم وعدم وجود نظام انذار فاعل في حال تسجيل سلوك مريب. وقال دبلوماسي فرنسي سابق طلب عدم كشف هويته ان البرقيات التي سربها ويكيليكس ونقلتها خمس من كبريات صحف العالم لا تنتمي الى فئة الرسائل البالغة السرية معتبرا انها لا تشكل مادة لسبق صحافي. واعتبر ان "النظام المعلوماتي المعتمد في وزارة الخارجية الفرنسية آمن بدرجة كافية" لان الدبلوماسيين "لا يطلعون سوى على البرقيات المتعلقة بمجال اختصاصهم". من جهتها نددت الحكومة الفرنسية بشدة بالتسريبات وصرحت وزيرة الخارجية ميشال آليو ماري "ان العلاقة بين الدول تفترض حدا ادنى من الثقة. واي ثقة ممكنة حين نطرح فكرة ما ونجدها بعد ذلك خرجت الى العلن؟" لكنها اضافت مخففة من وطأة الفضيحة "علينا الا نحلم، فالعمل الدبلوماسي ليس مجال الاسرار المضبوطة".