توالت امس لليوم الثاني توابع زلزال موقع ويكيليكس الذي تعهد بنشر ثلاثة ملايين برقية تتعلق باسرار وزارة الخارجية الأمريكية وهو ما سبب حرجا بالغا لإدارة الرئيس باراك اوباما ودفعها إلي تشكيل خلية ازمة لاحتواء تداعيات التسريبات ومراجعة الاجراءات المفروضة علي التقارير الدبلوماسية لتفادي تكرار ذلك مستقبلا. وفي الوقت نفسه فتحت وزارة العدل الأمريكية تحقيقا لمحاكمة المسئولين عن هذه الجريمة, وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولي أن الوزارة أنشأت لجنة عمل تتفرغ منذ يوم الجمعة الماضي لإجراء اتصالات بالسفارات الأمريكية في الخارج من أجل رصد وتقديم تداعيات نشر موقع ويكيليكس الاليكتروني لوثائق أمريكية حساسة مسروقة. وأضاف أن الوزارة اتخذت أيضا إجراءات لمراجعة الإجراءات المفروضة علي التقارير الدبلوماسية والمعلومات السرية لمنع أي تسريب إضافي في المستقبل. وذكر كراولي أن وزارة العدل فتحت تحقيقا لمحاكمة المسئولين عن هذه الجريمة, مشيرا إلي أن' هذه المعلومات كانت مسروقة وتقديم معلومات سرية لشخص ما غير مصرح له بالحصول عليها يعتبر جريمة, ونحن نتعامل مع نشر ويكيليكس للوثائق علي هذا النحو. علي صعيد ردود الافعال الدولية اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن تسريبات موقع ويكيليكس يعد أقصي درجات اللامسئولية. ونقل المتحدث باسم الحكومة الفرنسية فرنسوا بايرون عن ساركوزي انتقاده خلال الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء الفرنسي, ما اقدم عليه موقع ويكيليكس. وقد نقل موقع ويكيليكس ضمن وثائقه برقيات من دبلوماسيين أمريكيين إلي وزارة الخارجية الأمريكية تصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأنه متقلب ومتسلط. كما نقل الموقع أيضا عن جان دفيد لوفيت المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي قوله أمام دبلوماسيين أمريكيين إن الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز' مجنون' وانه في طريقه إلي تحويل بلاده إلي زيمبابوي أخري. كما نقل الموقع أيضا عن لوفيت وصفه لإيران بأنها دولة فاشية. ونفي رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ما نسبته إليه تسريبات وثائق ويكيليكس من انه طالب مسئولين أمريكيين بمهاجمة إيران. وقال الحريري- في تصريحات له عقب لقائه أمس الثلاثاء بقصر الاليزيه بباريس مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي- إن زيارته لإيران ليس لها اي علاقة بهذا الأمر, مشيرا إلي أن إيران دولة صديقة وهناك لقاءات دائمة مع المسئولين الإيرانيين. واستطرد قائلا: نحن نرفض اي تحد لإيران. وقد اعتبر رئيس فنزويلا هوجو شافيز أن المائتين وخمسين الف برقية التي نشرها موقع ويكليكس الأحد الماضي بددت الغموض الذي يغلف ماوصفه بالامبراطورية الامريكية ونزعت القناع الذي تتخفي وراءه. وقال شافيز في تصريحات ادلي بها من قصر ميرافلورس نقلت عنها وكالة الأنباء الكوبية برنسا لاتينا مساء امس قوله إن محاولات الكشف عن تلك البرقيات وضعت واشنطن في اطار الدولة المصنفة بأنها غير مشروعة وفاشلة واطاحت بكل انماط المبادئ منذ فترة من الوقت. ولفت في هذا الصدد إلي أن البرقيات الدبلوماسية التي نشرها الموقع المثير للجدل كشفت عن هجوم علي سياسيين وأمم سواء أكانوا أعداء أم حلفاء لواشنطن, حيث أوضحت أن ايران وكوريا الشمالية وفنزويلا وليبيا والصين من بين الدول المستهدفة بدائرة التجسس الأمريكي وهو الشيء ذاته بالنسبة لحكومات دول حلفاء للبيت الأبيض من بينها ألمانيا وباكستان وفرنسا وايطاليا. وتابع بقوله إن تحريات الولاياتالمتحدة بالنسبة للأشخاص تحكمها عوامل وعناصر معيارية لم تستثن الرؤساء أو المؤسسات بل وحتي السكرتير العام للأمم المتحدة لم يستبعد من رصدها ومراقبتها. وذهب شافيز إلي أنه ينبغي استقالة بعض مسئولي الادارة الامريكية بعد تلك الفضيحة المخزية خاصة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية التي قضت ساعات بجانب الهاتف في محاولة من جانبها لتقديم ايضاحات الي حلفاء واشنطن. وفيما اعتبر زعيم حزب' رابطة الشمال' الإيطالي الشريك الرئيس للائتلاف الحاكم امبرتو بوسي أن تسريبات ويكيليكس' طعنة' أمريكية في ظهر رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني لا يستحقها. حذر عضو لجنة مكافحة' المافيا' في البرلمان الإيطالي السيناتور لاورو رافاييلي من إمكان ضلوع من سماهم' أعداء الديمقراطية الغربية من المافيا والإرهاب' وراء تسريبات ويكيلكيس. وقال السيناتور رافاييلي- عن حزب شعب الحرية اليميني الحاكم-' إنه في ظل الوضع العالمي الراهن من أزمة سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية خطيرة, فإن أعداء الديمقراطية والحضارة الغربية وجهوا ضربة للمرة الثانية بعد11 سبتمبر, ولكنها هذه المرة أقل دموية وأكثر التواء. من جانبها دعت الصين الولاياتالمتحدة امس إلي المسارعة في إيجاد حل مناسب للقضايا ذات الصلة والوارده ضمن سلسلة من برقيات لوزارة الخارجية الأمريكية ونشرها ويكيليكس. وذكرت إحدي هذه الوثائق وهي منسوبة إلي السفيرة الأمريكية لدي سول كاثلين ستيفنز' إن بعض المسئولين الصينيين لايعتبرون كوريا الشمالية حليفا مفيدا, وأنهم لن يتدخلوا إذا انهارت هذه الدولة المنعزلة, وهو أمر تم اقتصاديا بالفعل وسيتم سياسيا في غضون عامين أو ثلاثة من وفاة الزعيم كيم جونج إيل. جاء ذلك علي لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونج لي خلال المؤتمر الصحفي الدوري, رافضا الادلاء بأي تعليقات أو مزيد من التفصيلات بشأن البرقيات المسربة.