لندن (رويترز) - ربما تتخلف الاسواق الناشئة الجديدة وهي الأقل تقدما في العالم عن ركب الاسواق الناشئة في ظل احتمالات ارتفاع التضخم بسبب جولة ثانية من طبع النقود في الولاياتالمتحدة وهو ما قد يكون أشد ضررا على هذه الاقتصادات دون غيرها. في المقابل تترقب الأسواق الناشئة الكبيرة موجة جديدة من السيولة الباحثة عن العائد الأعلى بعدما أعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) في وقت سابق هذا الشهر أنه سينفق 600 مليار دولار لشراء سندات ضمن جولة ثانية من التيسير الكمي. ومنذ اطلاق الاحتياطي الاتحادي الجولة الاولى من التيسير الكمي في مارس اذار 2009 أدى الانخفاض الشديد في عوائد سندات الخزانة الامريكية الى اتجاه المستثمرين الى الاسواق ذات العائد الاعلى. لكن الاسواق الناشئة الجديدة التي تضم بعض دول افريقيا جنوبي الصحراء الكبرى تخلفت عن الركب في تحقيق المكاسب. وقد انتعشت اقتصادات مجموعة بريك سريعة النمو التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وأدت التدفقات الضخمة على أدوات الدين المحلية الى أن تفرض بعض الدول مثل البرازيل قيودا رأسمالية لكيلا تتأثر صادراتها بارتفاع عملتها. ويتحرك مؤشر ام.اس.سي.اي لمجموعة بريك عند مستويات قياسية مرتفعة بعدما قفز 150 بالمئة منذ مارس 2009 في حين زاد مؤشر ام.اس.سي.اي لاسهم الاقتصادات الناشئة بنسبة مماثلة ويتحرك عند أعلى مستوياته منذ يونيو حزيران 2008. في المقابل لم يرتفع مؤشر ام.اس.سي.اي للاقتصادات الناشئة الجديدة سوى 65 بالمئة في نفس الفترة. ويقدر معهد التمويل الدولي التدفقات الرأسمالية العالمية على الاسواق الناشئة بنحو 825 مليار دولار في العام الحالي و833 مليار دولار في عام 2011 بارتفاع كبير عن مستويات 2008 التي بلغت 594 مليار دولار. لكن تقديرات التدفقات على منطقة افريقيا والشرق الاوسط التي تشمل أيضا أسواقا ناشئة أكثر تقدما مثل جنوب افريقيا جاءت عند 86 مليار دولار و85 مليار دولار في عامي 2010 و2011 على الترتيب انخفاضا من مستوى 2008 البالغ 88 مليار دولار. ولا تبدو تدفقات المستثمرين على الاسواق الناشئة الجديدة أشد بطئا وتحفظا فحسب بل ان الاثر السلبي المحتمل لارتفاع التضخم قد يكون أشد وطأة هناك. يقول أحمد هيكل رئيس مجلس ادارة القلعة للاستشارات المالية ومقرها القاهرة "أرى أن أثر الجولة الثانية من التيسير الكمي سيكون سلبيا على الاغلب. "الجولة الاولى سببت ارتفاعا ملموسا في أسعار الغذاء.. والجولة الثانية استمرار لهذا. ليس هناك مؤشر على أن أسعار الغذاء ستتراجع في الاجل القريب وهذا سيشكل ضغوطا تضخمية على أجزاء كثيرة من افريقيا." ويمثل تضخم أسعار الغذاء على وجه الخصوص مبعث قلق للاسواق الناشئة الجديدة حيث ينفق الفقراء الجزء الاكبر من دخلهم على الغذاء. فأسعار الخبز والحبوب تشكل 25 بالمئة من سلة تضخم أسعار المستهلكين في نيجيريا مثلا. وأشار محللون لدى كابيتال ايكونوميكس الى أن مؤشر جي.سي.اس.اي الزراعي لاسعار المنتجات الزراعية الذي يشمل القمح والذرة وفول الصويا سجل في الاسبوع الماضي مستوى مرتفعا قياسيا. وكلما أضعفت الولاياتالمتحدة الدولار من خلال طبع الاموال كلما زاد خطر ارتفاع سعر النفط المقوم بالدولار وهو ما يضغط بدوره على صناعات أخرى من بينها الزراعة. وقالت كابيتال ايكونوميكس في مذكرة للعملاء "أسعار الغذاء العالمية المرتفعة... ستشكل مزيدا من الضغط الصعودي على اجمالي التضخم في العديد من الاقتصادات في الاشهر القادمة خاصة في الولاياتالمتحدة والاقتصادات الناشئة التي يشكل الغذاء فيها وزنا كبيرا في سلة تضخم أسعار المستهلكين." علاوة على ذلك فان احجام البنوك عن الاقراض الذي يسبب استياء عالميا أكثر شيوعا في الاسواق الناشئة الجديدة حيث تواجه هذه البلدان نقصا في السيولة. وقالت راضية خان مديرة بحوث افريقيا لدى بنك ستاندرد تشارترد "افريقيا تلقى مزيدا من الاهتمام لكنه من الاموال الحقيقية على وجه الخصوص." "لم تشهد عودة لصناديق التحوط التي استفادت من السيولة الميسرة قبل الازمة. وهذا يفسر جزئيا لماذا لم تشهد الاسواق الناشئة الجديدة في افريقيا نفس نوعية التدفقات التي شهدتها الاسواق الناشئة الاخرى." وقالت خان ان صعود العملة في الاسواق الناشئة الافريقية لم يكن جليا بقدر ما كان في دول مثل جنوب افريقيا رغم أن الاسواق الافريقية ليست محكومة بضوابط رأسمالية صارمة. ومن المرجح أن تجتذب جولة اضافية من التيسير الكمي مزيدا من الاموال الى أسواق العملة وأدوات الدين الافريقية لكن يتعين أن تأتي التدفقات سريعا لكيلا يقوض التضخم افاق النمو في افريقيا. وقالت خان "الخطر على الدول الافريقية هو أن ترى أسعار النفط أو أسعار الغذاء ترتفع بشكل كبير قبل أن ترى العملات الافريقية تصعد." لكن بعض المستثمرين يقولون ان الاسواق الناشئة الجديدة ستستفيد حتما من الاندفاع نحو الاصول ذات العائد المرتفع. وقال ديفيد كريتون رئيس كورديان كابيتال لادارة صناديق الاسواق الناشئة ومقرها مونتريال "الدول الكبيرة مثل مجموعة بريك ستتقدم أولا تتلوها بقية الاسواق. "نرى فرصا حقيقية في الاسواق الناشئة الجديدة."