اعلن وزراء المالية وحكام المصارف المركزية في مجموعة العشرين المجتمعون في كوريا الجنوبية هدنة في "حرب العملات" لكن الاتفاق المبرم خاصة في ما يتعلق باصلاح صندوق النقد الدولي ينطوي كما يبدو على عناصر خلافية جديدة. فقد التزمت الدول الغنية والناشئة اثناء هذا الاجتماع التحضيري لقمة مجموعة العشرين المرتقب عقدها في 11 و12 تشرين الثاني/نوفمبر في سيول، بالحد من حالات الاختلال في حساباتها الجارية وبعدم التدخل لتخفيض عملاتها الوطنية، في اطار اتفاق يستند الى مقترحات اميركية. وفي مناخ ملبد بمخاطر حرب العملات دعا كبار المسؤولين الماليين في مجموعة العشرين الى وضع آليات صرف "تحددها السوق" و"الصمود امام كل اشكال التدابير الحمائية"، وهي التزامات رحب بها المحللون. كذلك وافقت مجموعة العشرين على اصلاح مرتقب منذ فترة طويلة لصندوق النقد الدولي يعد "الاكبر على الاطلاق" بحسب مديره العام دومينيك ستروس كان. ويزيد مشروع الاصلاح الذي يتطلب مصادقة مجلس ادارة صندوق النقد الدولي، مقاعد الدول الناشئة في مجلس ادارته على حساب الدول الاوروبية ويوسع صلاحياته في مجال مراقبة السياسات الاقتصادية للدول. ويرى دومنيكو لومباردي العضو السابق في مجلس ادارة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ان خلاصات مجموعة العشرين تبدو بمثابة انتصار لوزير المالية الاميركي تيموثي غايتنر الذي شدد على ان حالات الاختلال في الحسابات الجارية تهدد الاقتصاد العالمي. وقال لومباردي "ان التوافق داخل مجموعة العشرين انتقل الى الموقف الاميركي لكن بدون وضع حدود مرقمة لحالات عدم الاختلال هذه، والاحتمال ضئيل في ان يكون لهذا الالتزام مفاعيل الزامية". واضاف "ان الصينيين تعهدوا باعتماد مزيد من المرونة في صرف اليوان قبل قمة تورونتو (لمجموعة العشرين في حزيران/يونيو) لكنهم لم يفعلوا سوى القليل منذ ذلك الحين". وفي حين تتهم الولاياتالمتحدة الصين بابقاء اليوان في مستوى منخفض مصطنع، يشكو عدد من الدول الناشئة من السياسة المالية الاميركية التي تؤدي الى تدهور قيمة الورقة الخضراء ورفع صادراتها مع جذب رؤوس اموال غير ثابتة كتلك التي تعتمد على المراهنات. واكد وزير المالية الاميركي تيموثي غايتنر عقب المناقشات انه يؤيد "الدولار القوي" وطالب ب"رفع تدريجي" لقيمة عملات البلدان التي تحقق فائضا تجاريا كبيرا. وقد وصل غايتنر الاحد الى الصين حيث بحث مع نائب رئيس الوزراء وانغ كيشان "في القضايا الاقتصادية الثنائية"، خصوصا سعر صرف اليوان. وراى ماركو انونزياتا الخبير الاقتصادي لدى يونيكريديت غروب في لندن ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه السبت "سيسهم في تهدئة مخاوف الاسواق من حرب للعملات". وبدا الاخير اكثر تحفظا بشأن الاصلاح وتوسيع دور صندوق النقد الدولي "الذي كان مكلفا مراقبة اختلالات الموازين لكن بدون ان يكون له قوة ملزمة". واعلن بعض الوزراء بوضوح ان التفاؤل لم يكن سيد الموقف عند افتتاح اجتماع مجموعة العشرين. وقالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد في هذا الصدد "لقد وصلنا الى جيونغجو مع كثير من التخوف ونغادر مع كثير من الامل". وقال وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن من جهته "ان لا احد كان ينتظر فعلا" التقدم الذي احرز في ما يتعلق باسواق الصرف واصلاح صندوق النقد الدولي. وكان الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك هدد مازحا الجمعة بقطع كل وسائل النقل الى جيونغجو طالما لم يتم التوصل الى اتفاق. واضاف انونزياتا "هل سيكون الوقع الايجابي (لاتفاق جيونغجو) دائما؟ ذلك سيكون مرهونا بتغيير السياسات الوطنية بغية التطابق مع بنود الاتفاق". وراى انه في حال بقي الاتفاق بدون مفعول "فسيعتبر مجرد اعلان مبدئي".