طوكيو (رويترز) - قد يدفع النزاع المرير والمفاجيء بين طوكيو وبكيناليابان الى اصلاح علاقاتها مع حليفتها الوثيقة واشنطن والتواصل مع دول أخرى في المنطقة تشعر بقلق أيضا من الصين التي أصبحت عدائية بشكل متزايد. وقد يعطي الخلاف أيضا زخما لنقاش داخل اليابان حول تخفيف القيود التي يفرضها الدستور السلمي في البلاد على الجيش بشكل أكبر حتى يتمكن من تعزيز دفاعه. الا أن اعتماد اليابان المتزايد على ديناميكية الصين لخدمة نموها الاقتصادي يعني أن ردود بكين يجب أن تكون محسوبة بدقة. والصين هي أكبر شريك تجاري لليابان منذ 2009 عندما حلت محل الولاياتالمتحدة. وقال هيتوشي تاناكا وهو دبلوماسي ياباني كبير سابق "الصين سوق واعدة جدا ومركز نمو واعد للغاية. "تعتمد كل من الصين واليابان على الاخرى كثيرا لذا دعونا نخلق ثقة في المنطقة ونستعد في نفس الوقت الى صين لا يمكن التكهن بتصرفاتها. ولهذا السبب علينا أن نتحرك بهدوء وبترو شديد للدخول في شراكات متعددة في المنطقة .. المطلوب توازن بين الامرين." وتعرض رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان الذي يعاني بالفعل من مشاكل بسبب ضعف الاقتصاد الياباني وقوة الين وانقسام البرلمان لانتقادات شديدة داخل اليابان بسبب افراج مدعين عن قبطان صيني لسفينة صيد كانت قد احتجزته طوكيو بعدما اصطدمت سفينته بزورقي دورية يابانيين بالقرب من جزر تتنازع عليها البلدان. لكن الافراج المفاجيء عن القبطان الصيني لم ينه الخلاف حيث تضغط اليابان والصين صاحبتا أكبر اقتصادين في اسيا للدفاع عن مزاعم بأحقيتهما في السيادة على جزر صخرية في بحر الصين الشرقي حيث توجد بيئة خصبة للصيد وربما مخزونات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي. وقال أندرو هورفات مدير مركز ستانفورد في اليابان بمدينة كيوتو "يظهر هذا أن التكامل الاقتصادي وحده لا يضمن الاستقرار. "هذه الحادثة..أثبتت لليابانيين أنهم بحاجة للعلاقة الامنية مع الولاياتالمتحدة من وجهة نظر استراتيجية. انهم بحاجة لاخذ موضوع الدفاع على محمل الجد وهو ما لا يحدث." وجاء قرار المدعين الافراج عن القبطان بعد مخاوف متنامية بشأن حرب كلامية متصاعدة بين الدولتين وضغوط صريحة من بكين كان من بينها وقف الاتصالات الدبلوماسية رفيعة المستوى مع طوكيو. واعتقلت الصين أربعة يابانيين للاشتباه بانتهاكهم قانونا يحمي المنشات العسكرية لكن طوكيو قالت ان لا علاقة للامر بالنزاع بشأن الجزر. وتأزمت علاقات طوكيو مع واشنطن بعدما تولى السلطة الحزب الديمقراطي في اليابان العام الماضي وتعهد باقامة علاقات أفضل مع جيران اسيويين وعلاقات اكثر تساويا مع الولاياتالمتحدة. وأثارت محاولة رئيس الوزراء السابق يوكيو هاتوياما الفاشلة لاعادة النظر في اتفاق أبرم عام 2006 لنقل قاعدة جوية تابعة لمشاة البحرية الامريكية في جزيرة أوكيناوا معارضة داخلية للخطة التي قال كان انه سينفذها. ويوجد في أوكيناوا نصف القوات الامريكية في اليابان. ويشوب انعدام الثقة دائما العلاقات الصينية اليابانية بسبب ذكريات أليمة في الصين لعدوان عسكري شنته اليابان في الماضي. لكن اليابان ليست على الاطلاق الوحيدة التي تشعر بالقلق ازاء عدوانية الصين المتزايدة. وتزعم الصين أحقيتها في السيادة على قطاعات في بحر الصين الجنوبي حيث توجد مزاعم سيادة أيضا تطلقها تايوان ودول عديدة في رابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان) التي تضم عشر دول. وقال فيل دينز وهو أستاذ في فرع جامعة تيمبل في اليابان "ما يمكن أن يشير اليه هذا الامر بالنسبة للجميع هو أنهم بحاجة لابقاء الولاياتالمتحدة هنا .. بصفتها قوة معادلة توازن قوة الصين." وقال كاتسوهيكو ناكامورا المدير التنفيذي لمنتدى اليابان الاسيوي وهو مؤسسة بحثية ان طوكيو يجب أن تتقرب أيضا من دول أخرى في المنطقة تواجه عدوانية الصين. وأضاف "انهم (اليابانيون) بحاجة لبناء استراتيجية. ليست اليابان وحدها هي التي تواجه ضغوطا من الصين مع تنامي قوتها الاقتصادية." ويتزامن تفجر النزاع على السيادة ومخاوف طوكيو المتزايدة من توسع قوة الصين البحرية مع مراجعة شاملة للسياسات الدفاعية في اليابان. وعبر مستشارون للحكومة اليابانية الشهر الماضي عن قلقهم بشأن تنامي الجيش في الصين ودعوا لمراجعة السياسة التي تقتصر على الدفاع والتي تبنتها اليابان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. ودعا المستشارون الحكومة أيضا الى تخفيف حظر على استيراد الاسلحة وبحث رفع حظر فرضته اليابان على نفسها لمساعدة الحلفاء الذين يتعرضون لهجمات. وقال ناكامورا "عندما نفكر في الطريقة التي تمكننا من التعامل مع الصين فان اليابان يجب أن تبحث العديد من الامور التي تعتبر من المحرمات مثل مساعدة الدول التي تتعرض لهجمات وحظر استيراد الاسلحة .. علينا اجراء نقاش." وليس من ثمة جواب على السؤال حول قدرة حكومة كان على الرد بوضوح على المعضلة الامنية بالنظر الى فشل الاقتصاد الياباني والقتال الداخلي في الحزب الديمقراطي الحاكم والانقسام في البرلمان. وتعهدت أحزاب المعارضة باستجواب كان ووزرائه خلال جلسة للبرلمان تبدأ يوم الجمعة. ولا تثق هذه الاحزاب كثيرا في قدرة الحكومة على مواجهة التحدي. وقال نوبوتري ايشيهارا الرجل الثاني في حزب المعارضة الرئيسي باليابان لبرنامج تلفزيوني مطلع الاسبوع "فيما يتعلق بالدبلوسية فانها (الحكومة) صماء."