اكتشفت بطولة العالم لكرة السلة التي اجريت اخيرا في تركيا نجما "يافعا" هو الاميركي كيفن دورانت الذي لعب دورا مؤثرا في استعادة منتخب بلاده اللقب بعد انتظار 16 عاما. ويلقب دورانت الذي سيحتفل بميلاده الثاني والعشرين في 29 ايلول /سبتمبر الحالي، ب"صاحب اليد الحارة" نظرا لدقة تصويباته وتسجيله نقاطا. وكما يؤكد زميله ستيفن كاري، فان دورانت فريق بكامله تحت السلة، فهو "طلق الحركة والقدرة على التنقل، ومثال جيد على حسن الاستيعاب الخططي والاداء المهاري"، فضلا عن ان قامته الفارعة وبنيته القوية (06ر2 م - 104 كلغ) تجعلان التصدي له امرا عسيرا. في الموسم الاخير للدوري الاميركي للمحترفين، كان دورانت جناح اوكلاهوما سيتي افضل مسجل في فريقه وفي الدوري عموما (1ر30 نقطة) وثاني افضل لاعب في البطولة. وفي "المونديال التركي" جمع امجادا عدة معززا اهمية التشكيلة الاميركية التي خشي بداية الا تستطيع "مجموعة من الصف الثاني"، نظرا لغياب النجوم الاولمبيين، من "مقارعة العمالقة". دخل المنتخب الاميركي المونديال وترتيبه الثاني عالميا، وكان يبحث عن لقب عالمي رابع منذ عام 1994 حين توج في كندا بقيادة شاكيل اونيل افضل لاعب في البطولة حينها. وغاب الاميركيون بعدها عن المركزين الاول والثاني، وكان افضل انجاز لهم المركز الثالث عام 2006 في اليابان، علما بانهم حلوا في المركز السادس عام 2002 على ارضهم (انديانا بوليس). ومجددا غاب نجوم الصف الاول عن المشاركة: ليبرون جيمس، كريس بول، دواين وايد، كارميلو انطوني، كارلوس بوزر، كريس بوش، كوبي براينت، دوايت هاورد وديرون وليامس. وهذا ما فرض على المدرب مايك كرشيشفسكي (كابتن كاي) الاستعانة بدورانت وستيفن كاري وراسل ويستبروك وايريك غوردون ولامار اودوم وديريك روز وتشانسي بيلابس. ومنذ البداية تطلع دورانت الى تقديم عرض لائق "يؤكد اننا فريق موهوب ولتفخر بنا اميركا. اعرف ان الجميع يعول علي وسأقوم بما يلزم". لقد ادت المجموعة واجبها على اكمل وجه، واختير دورانت ضمن التشكيلة المثالية، فضلا عن حلوله ثالثا في ترتيب افضل المسجلين بمعدل 8ر22 نقطة خلف الارجنتيني لويس سكولا (1ر27) والنيوزيلندي كيرك بيني (7ر24). وخطف دورانت الاضواء في مباراة نصف النهائي امام ليتوانيا حين سجل 38 نقطة، محطما الرقم القياسي الاميركي خلال بطولة العالم والذي كان يحمله كارميلو انطوني (سجل 35 نقطة عام 2006)، ما اعتبر "ماركة مسجلة" في البطولة وجواز عبوره للقب افضل لاعب. كما تضمن سجل دورانت خلال البطولة احصاءات ممتازة، اذ نجح بنسبة 6ر55 في المئة في التسجيل، منها 6ر45 في المئة من خارج القوس (3 نقاط). فكان تهديدا هجوميا صاعقا وسما في عروق دفاعات الفرق التي واجهت المنتخب الاميركي. وكتب معلقون بعد الفوز في النهائي على تركيا: "دورانت غزا العالم ولعب بمرونة وثقة". وسأل آخرون عن مغزى عودة النجوم الى التشكيلة الاميركية في ظل تفوق "لاعبي الظل". واجمعوا على الاشادة بدور دورانت الذي لم يغب عن صفوف المنتخب طوال فصول الصيف في الاعوام الخمسة الاخيرة. حين قاد دورانت اوكلاهوما الى ال"بلاي اوف" في دوري المحترفين، اورد على صفحته الاجتماعية (فايس بوك) الالكترونية ان "هذا الانجاز ضاعف مسؤوليتي وزادني اصرارا لاقدم اللقب العالمي للاميركيين ولانصار منتخبنا في انحاء العالم". واضاف: "بعد نجاحي في دوري الاميركي للمحترفين قالت لي والدتي المهم كيفن ان تبقى انت. والامر ذاته ردده شقيقي. واعد الا اخيب ظنهما". لقد تمثلت قدرة دورانت بسيل كراته في سلة الخصم خلال بطولة العالم: سجل 33 نقطة في ربع النهائي (امام روسيا)، و38 نقطة في نصف النهائي (امام ليتوانيا)، و28 نقطة في النهائي (امام تركيا). في المقابل، لم يتخط ال17 نقطة الا مرتين في المباريات الست الاولى. وبلغ معدل فترة لعبه في المباريات التي كان تهديفه عاليا خلالها، 37 و38 و39 دقيقة على التوالي. ونجحت خطة المدرب كرشيشفكسي في تكليف لاعب محدد بادوار محورية، كما تأقلم دورانت سريعا مع طريقة اللعب المعتمدة في ال"فيبا" وانظمتها، التي تختلف عن تلك المتبعة في ال"ان بي أي". وصحيح ان الشاب دورانت لم يبلغ بعد مستوى "الكبار" مايكل جوردان وبراينت وجيمس، لكنه سيخوض موسمه الرابع في دوري المحترفين متمتعا بقدرة ونضج يؤهلانه للحاق بهم. ويؤكد ذلك بابتسامة، خجولة مضيفا انه سيعمل كثيرا ليبلغ المستوى الذي يتمناه ويطمح للوصول اليه. ويكشف ان تشكيك بعضهم بقدرتة المنتخب في تركيا "كان الحافز الاكبر لنا لنبرهن انهم مخطئون". ومثلما أزعج دورانت لوس انجليس ليكرز في ال"بلاي اوف" الاميركي، حصد القلوب في تركيا معلنا ولادة نجم دولي كبير بشهادة خبراء ونجوم. اذ يعتبر معدل تسجيل 5ر33 نقطة في المباراة الواحدة "نتيجة نادرة"، منذ انطلاق الصيغة الجديدة من دوري المحترفين عام 1990، والذي شهد هدافين بارزين امثال الالماني ديريك نوفتسكي والبرازيلي اوسكار شميدت. لكنهما لم يخوضا النهائي العالمي او الاولمبي. وشهادة شميدت في هذا المجال يعتد بها. لقد بلغ معدله 8ر28 نقطة في خمس دورات اولمبية (1980-1996). ويقول: "سجلت 53 نقطة خلال مباراة في احدى بطولات اميركا. لكن من يسجل 38 نقطة في مباراة مونديالية يستطيع أن يفعل اكثر في أي مناسبة. لذا، اضع دورانت في اعلى مرتبة. انه موهبة كبيرة"، لكنه متواضع لا يرتاح كثيرا في الاضواء". منح الفوز في بطولة العالم الولاياتالمتحدة البطاقة الاولمبية الاولى لمسابقة كرة السلة في دورة لندن 2012، تاركا امام بلورة تشكيلة اللاعبين مجالات كثيرة للغربلة وفرصة ضم أسماء من "الموندياليين" المغمورين في دوري المحترفين، الذين كانوا على قدر التحدي في اسطنبول. وقد اوضح المدرب "المتقشف" كرشيشفسكي أن "بين ابطال دورة بكين الاولمبية (2008) وابطال العالم (2010) خزان مواهب كبيرا. وهنا تكمن مشكلة المفاضلة، لكنها مسؤولية احبها كثيرا". وفي نظرة اولى، سيحيط دورانت بانطوني وجيمس... ودعوة براينت في سن ال34 ربما لن تكون اختيارا صحيحا. المهم ان الكرة البرتقالية في ايد امينة، والمسؤولون عن السلة الاميركية مرتاحون الى تصدر منتخبات بلدهم الترتيب في مختلف تصنيفات الاتحاد الدولي وفئاته الاساسية والعمرية.