تبدي المؤسسة الشيعية في العراق حرصها على التمسك بالسلطة بزخم ايراني لكنها مضطرة الى ارضاء السنة باشراكهم في الحكم على الطريقة اللبنانية بواسطة الثلث المعطل، او عملية "تسيير ذاتي" لمناطقهم على غرار الاكراد، بحسب سياسيين ومحللين. ويقول الكاتب حسن العلوي الذي خاض الانتخابات ضمن قائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي ان "قرار تشكيل الحكومة يبقى داخل المؤسسة الشيعية وليس في اي مكان اخر (...) فالشيعة غير مستعدين للتفريط برئاسة الوزراء رغم خلافاتهم". ويضيف لفرانس برس "واجهني زملائي في العراقية عندما قلت ان حظوظ علاوي انعدمت منذ اللحظة التي تشكل فيها التحالف الوطني من ائتلافين شيعيين"، دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي والائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم. ويتابع "صحيح ان علاوي شيعي لكنه ليس من المؤسسة الشيعية" في اشارة الى الاحزاب والجهات الدينية التي تتبعها غالبية الشيعة في العراق. ويقول "اتوقع تكليف المالكي تشكيل الحكومة خلال ثلاثة اسابيع". وما يزال العراق دون حكومة رغم مرور اكثر من ستة اشهر على الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من اذار/مارس الماضي وفاز فيها علاوي بحصوله على 91 مقعدا في حين نال المالكي 89 مقعدا والائتلاف الوطني 70 مقعدا. وتتمسك "المؤسسة" الشيعية بمنصب رئيس الوزراء نظرا لصلاحياته الواسعة. وعزا العلوي (76 عاما) "تاخير تكليف المالكي الى فيتو ايراني عليه". واكد ان "اهم نقطة بالنسبة لايران هي ابقاء العراق في حال اللادولة فهذا الوضع يشعرها بارتياح تام (...) لقد تاخرت الانتخابات ثلاثة اشهر وتشكيل الحكومة ستة اشهر وبعد تكليف رئيس وزراء سيتاخر تشكيلها اشهر اخرى". وتابع العلوي ردا على سؤال ان "ايران سترفض حكومة قوية حتى لو تراسها اقرب المحسوبين عليها فلولاها لظهرت خلافات شيعية كبيرة (...) لقد كبتت طهران النزاع لانه لو انفجر لكان تحول الى صراع مسلح". وردا على سؤال حول وساطة قطرية محتملة بين ايران والسعودية لحلحلة مسالة تشكيل الحكومة، يجيب العلوي ان "الموضوع العراقي داخل الحركة القطرية السعودية سيكون هامشيا فهي حركة تتطرق الى قضايا ارفع من مشكلة الحكومة". ويضيف ان "استراتيجية ايران في المنطقة من لبنان وفلسطين الى العراق محورها مشروعها النووي فهي تعتمد عامل الوقت ويبدو انه في صالحها (...) فالدور العربي ثانوي في العراق لان غياب الدور المصري ادى الى اختلال التوازن لصالح ايران". وحول كيفية مشاركة السنة في الحكم في ظل تمسك الشيعة بالسلطة بكل اوجهها، يؤكد العلوي "ابلغت المالكي بضرورة ارضاء السنة الاقوياء، وليس الضعفاء منهم. وقلت له +لقد قام السنة باختيار مرشحيهم وليس انت+". ويتابع ان "عدم ارضاء السنة مرادف لعدم الاستقرار في العراق". ويشير الى ضرورة ان "ينهض السنة بامنهم واقتصادهم ونمو مناطقهم كما يفعل الاكراد الذين لم يطلبوا من الشيعة شيئا بسبب وضعيتهم هذه". وعما اذا كان يعني الفدرالية، ختم موضحا "انها عملية تسيير ذاتي ليس اكثر". بدوره، يقول استاذ جامعي ان اوضاع العراق "الصعبة والمعقدة للغاية تشكل خطرا على الجوار في حال انفجار الازمة واتجاهها الى مزيد من التفتت في ظل تصعيد الاطراف لمواقفها ومطالبها". ويتابع رافضا الكشف عن اسمه "كلما ازداد خطر انفلات الطوائف او المجموعات كلما اشتدت الضغوط لحصر الازمة ضمن نطاق يبقيها في حال من المراوحة بحيث لا تعود تشكل تهديدا لمصالح الدول الكبرى المجاورة". من جهته، يقول الخبير في الشؤون العراقية احسان الشمري ان "ايران تريد الحفاظ على تفوق الشيعة وعدم قيام دولة قوية". ويضيف لفرانس برس ان "تخوف ايران في العراق مرده ان شيعيا مثل علاوي يتزعم قائمة تجاهر بشعورها القومي، وتحاول مواجهة المد الايراني في المنطقة وتصفه ادبياتها بانه +صفوي+". ويضيف الشمري ان "قضية ايران الاولى في العراق هي ديمومة المؤسسة الشيعية وتفوقها (...) لقد دفعت باتجاه تشكيل التحالف الوطني وما تزال تدفع باستمراره حتى الان". ويؤكد ان "الانتخابات خيضت على اساس وطني. ولذا حققت الشخصيات السنية المنضوية في قائمة العراقية نجاحا وهي تتمسك بموقفها لكن التركيبة الاجتماعية في الشارع الشيعي تطالب الان بعدم التخلي عن رئاسة الوزراء". ويرى الشمري ان "الحل لارضاء السنة يكمن في تبني الثلث المعطل كما في لبنان ولكن معكوسا، اي اعطائه للسنة كضمانة ملموسة لمشاركتهم في السلطة وعدم اتخاذ قرارات يعتبرون انها تمسهم". ويختم معبرا عن "الاسف لان لبننة العراق بدات تتخذ شكلا واقعيا اكثر فاكثر".