هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس بوقف امدادات الغاز الى اوكرانيا اذا لم يؤمن الاوروبيون دفع مستحقات كييف من الديون البالغة مليارات الدولارات معيدا اطلاق اسوأ ازمة بين الغرب والشرق منذ انتهاء الحرب الباردة. وفي هذا الوقت تواصلت المواجهة بين الانفصاليين الموالين لروسيا ومناصري الحكومة الاوكرانية الجديدة في شرق البلاد رغم وعد كييف الخميس بالعفو عن الاشخاص الذين يلقون سلاحهم. وقد حذر الرئيس الروسي الخميس من ان بلاده قد توقف صادرات الغاز الى اوكرانيا اذا لم يحل هذا البلد مسألة ديونه العالقة ومشاكله المالية ما يمكن ان يهدد امدادات الغاز لاوروبا، داعيا الاوروبيين الى التحرك "على قدم المساواة". وقال بوتين في رسالة وجهها الى 18 زعيما اوروبيا ونشرها الكرملين الخميس ان مجموعة الغاز الروسية "غازبروم" ستجد نفسها "مضطرة لان تنتقل الى عملية الدفع المسبق لتسليم شحنات الغاز، وفي حال لم يتم احترام شروط الدفع، الى عملية وقف كامل او جزئي لتسليم شحنات الغاز". واكد الرئيس الروسي ان بلاده تقترح ان يتم حل المشاكل الاقتصادية لاوكرانيا "على قدم المساواة مع شركائنا الاوروبيين". واضاف ان "المخرج الوحيد هو باجراء مشاورات بدون تأخير على مستوى وزراء الاقتصاد والمالية والطاقة لاقرار اجراءات مشتركة لارساء استقرار الاقتصاد الاوكراني وتأمين امدادات الغاز الروسي وعبوره في ظل احترام صارم للشروط التعاقدية". واكد بوتين ان "روسيا مستعدة للمشاركة في ارساء استقرار الاقتصاد الاوكراني ونهوضه مجددا، ولكن ليس بطريقة احادية الجانب بل على قدم المساواة مع شركائنا الاوروبيين. مع الاخذ في الاعتبار الاستثمارات والنفقات التي تحملتها روسيا طويلا في مساعدة اوكرانيا". واوضح الرئيس الروسي في رسالته ان بلاده "دعمت الاقتصاد الاوكراني بتخفيضات لسعر الغاز خلال السنوات الاربع الاخيرة بلغت قيمتها 34,5 مليار دولار". واضاف ان "روسيا منحت اوكرانيا من جهة اخرى في كانون الاول/ديسمبر 2013 قرضا بقيمة 3 مليارات دولار". بالمقابل اكتفى الاوروبيون حتى الان، بحسب بوتين، ب"اعلانات نوايا". ووجه بوتين رسالته الى 18 زعيما في دول في شرق اوروبا وغربها بينها خصوصا المانيا وفرنسا وايطاليا. وقد شهدت الازمة الاوكرانية عودة مفاجئة للتوتر مع الهجمات المنسقة للانفصاليين الذين يسيطرون منذ الاحد على مبنى الاجهزة الامنية في لوغانسك والادارة المحلية في دونيتسك، المدينتان في شرق اوكرانيا الناطق بالروسية. ويطالب المحتجون بتنظيم استفتاء حول الحكم الذاتي المحلي او الالتحاق بروسيا. وحشدت موسكو عشرات الاف الجنود على الحدود، ما اثار مخاوف من اجتياح هذه المناطق. وكان وزير الداخلية الاوكراني ارسين افاكوف هدد الاربعاء باستخدام القوة ضد الانفصاليين الذين يرفضون الحوار و"الحل السياسي"، موجها انذارا مبطنا لمدة 48 ساعة. وقام الرئيس الانتقالي اولكسندر تورتشينوف صباح الخميس بمد يده لهم واعدا بانهم "اذا سلموا الاسلحة واخلوا المباني الادارية .. نضمن بانه لن تكون هناك اي ملاحقات". واوضح انه تباحث في اتصال هاتفي مع ممثلين عن المتمردين في لوغانسك وعرض عليهم "تسويات" من ضمنها تشكيل لجنة تضم ممثلين اوكرانيين واجانب لدرس نقاط النزاع. كما دعا الى تعزيز سلطات الادارات المحلية التي كانت كييف حتى الان تعينها. ويطالب الانفصاليون المدعومون من موسكو بمراجعة حقيقية للدستور الاوكراني لجهة اضفاء توجه فدرالي الى النظام، وهو امر ترفضه حكومة كييف التي تسلمت السلطة منذ اطاحة النظام المؤيد لروسيا في نهاية شباط/فبراير، لاعتباره مقدمة لتفكيك البلاد. ميدانيا عزز الانفصاليون الحواجز التي اقاموها حول مبنى الادارة في دونيتسك، المدينة البالغ عدد سكانها مليون نسمة، بحسب ما افاد مراسل فرانس برس كما شاهد صحافي في فرانس برس وصول خمسين عنصرا من الحرس الوطني الى مطار المدينة. وقال نائب رئيس الوزراء فيتالي ياريما الذي ارسل الى المدينة سعيا لتسوية الازمة انه تم اجراء اتصالات مع المتمردين مبديا امله في التوصل الى تسوية سلمية للازمة خلال يوم الخميس. وقال ياريما ان رينات احمدوف، اثرى رجل في اوكرانيا والمقرب سابقا من الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش (كلاهما متحدر من دونيتسك)، يشارك في جهود تسوية الازمة، ما يعتبر بنظره مؤشر "تفاؤل". وفي لوغانسك المدينة البالغ عدد سكانها 400 الف نسمة، لا يزال الانفصاليون يتحصنون في مبنى اجهزة الامن الذي نهبوا مخازن اسلحته. لكن لم يكن من الممكن مشاهدة اي حركة تأييد مكثف للمتمردين الذين يسيطرون على المبنيين. وتصاعد التوتر نهاية الاسبوع الماضي مع شن الانفصاليين هجمات متزامنة اعتبرت كييف وواشنطن انها جرت بدعم من الاجهزة الخاصة الروسية. وازدادت حدة التوتر الاربعاء مع تحذير الرئيس الروسي سلطات كييف من "القيام باي خطوة يتعذر اصلاحها"، وهو الذي لطالما تعهد بحماية السكان الروس في جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا "باي ثمن". وهذه الاضطرابات تبعث مخاوف من تكرار سيناريو شبيه بما حصل في القرم، شبه الجزيرة الاوكرانية التي ضمتها روسيا في اذار/مارس بعد استفتاء لم تعترف به كييف والغرب. وتتهم السلطات الاوكرانية الانتقالية التي تسلمت السلطة منذ اقالة يانوكوفيتش، موسكو بالسعي "لتفكيك" بلادهم او اقله نسف الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 ايار/مايو والتي يتصدر توقعاتها موالون لاوروبا عازمون على التقرب من الغرب. غير ان املا دبلوماسيا ظهر مع الاعلان عن اجراء مفاوضات رباعية بين الولاياتالمتحدةوروسياواوكرانيا والاتحاد الاوروبي الاسبوع المقبل في فيينا او جنيف بحسب المصادر. ودعت روسيا الى مشاركة الموالين لموسكو في المفاوضات وعرض حزب المناطق، حزب يانوكوفيتش سابقا، الخميس ارسال مرشحه للرئاسة ميخائيل دوبكين اليها. وان كان بوتين اعرب عن امله في التوصل الى "نتائج ايجابية" لهذه المفاوضات، فان واشنطن لا تتوقع منها الكثير. وقالت مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون اوروبا فيكتوريا نولاند "في الواقع ليست لدينا توقعات كبرى من هذه المحادثات لكننا نعتقد انه من المهم جدا ابقاء باب الدبلوماسية مفتوحا". وفي ستراسبورغ، تبنت الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا الخميس قرار تعليق حق تصويت النواب الروس حتى نهاية 2014، في شكل عقاب على الحاق القرم بروسيا.