وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة ومضاعفة الحوكمة    اليوم.. المصريون بالخارج يصوتون فى ال 30 دائرة المُلغاة    سعر الذهب اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025.. عيار 24 بدون مصنعية ب6411 جنيها    وزير الدفاع الإسرائيلي: سنقضي على جميع قدرات حماس في غزة    ريال مدريد يسقط أمام سيلتا فيجو 2-0 في الدوري الإسباني    وزير الإسكان: الزمالك نادي الدولة ونحاول إيجاد حلول بديلة    أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية    تعرف على شروط إعادة تدوير واستخدام العبوات الفارغة وفقاً للقانون    عاشر جثتها.. حبس عاطل أنهى حياة فتاة دافعت عن شرفها بحدائق القبة    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    ضبط 4 عاطلين بتهمة سرقة المواطنين بالإكراه في الحوامدية    3 أكلات يجب تجنبها لتحسين مقاومة الأنسولين    رئيس الحكومة اللبنانية: الوضع الحالي في المنطقة لا يزال بعيدا عن السلام والاستقرار    237 شاحنة مساعدات توجهت من معبر رفح البري إلى معبر كرم أبو سالم لتسليمها إلى الجانب الفلسطيني    كأس العرب .. مدرب قطر: قدمنا أسوأ مباراة أمام تونس    وكيله: الأهلي قدم عرضا لضم بابلو الصباغ    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة مقطعة وملقاة بالقمامة فى عين شمس    بحب نيللي كريم و التمثيل حلمي.. أبرز تصريحات مي عمر بمهرجان البحر الأحمر    ميرهان حسين تكشف خططها الفنية الجديدة وأعمالها وأمنياتها | شاهد    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    نجم الأهلى يعتذر لجماهير تونس بعد وداع كأس العرب 2025    الصحة: إجراءات وقائية جديدة لمكافحة الأمراض التنفسية بين أطفال المدارس    الصحة: الوضع الوبائي للفيروسات التنفسية في مصر في معدلاته الطبيعية    إبراهيم حسن: ودية مصر ونيجيريا 16 ديسمبر باستاد القاهرة    متحف ذاكرة الريف» |عالم اجتماع يرصد ملامح حياة المصرى القديم    وزير الصحة يحسم الجدل حول الفيروس الجديد: كل ما يثار عن وجود تحورات شائعات    مصطفى قمر يطرح خامس أغانى ألبومه بعنوان "مش هاشوفك"    الأزهر ينشر فيديوهات لتعليم أحكام التجويد والتلاوة بأسلوب يناسب الجميع    «صناع الخير» تسلم أهالي الغربية 4 آلاف نظارة طبية مجانية ضمن مبادرة «تمكين»    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    أول ظهور لمحمد صلاح بعد أزمته مع سلوت وليفربول.. صور    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    الساعات الأخيرة فى «إيديكس»    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    حماية النيل من البلاستيك    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    إضافة 4 أسرة عناية مركزة بمستشفى الصدر بإمبابة    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    مدير إدارة قفط الصحية بقنا تجري مرورا مفاجئا وتحيل متغيبين للتحقيق    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    في مرايا الشعر.. جديد هيئة الكتاب للشاعر جمال القصاص    محافظ الإسكندرية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف 8 شوارع في حي منتزه ثان    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيمنة عسكرية روسية.. الجيش الروسي يتحرك ويستهدف منشآت طاقة أوكرانية    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الري أمام اجتماع «مياه حوض النيل» في بوروندي: ستستمر مصر في ممارسة ضبط النفس    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    مواجهة فاصلة.. قطر تواجه تونس لتحديد المتأهل الأول في المجموعة بكأس العرب 2025    بث مباشر.. قمة نارية بين العراق وعُمان في صراع إنعاش الآمال بكأس الخليج تحت 23 سنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موريتانيا بين موجة التكفير ودعوات التحرر الفكري
نشر في مصراوي يوم 18 - 01 - 2014

موجة التكفير الراهنة التي ظلت خلال الأشهر الماضية محصورة على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي أخذت تشق طريقها إلى الواقع الميداني، من خلال التظاهر والتهديد بمداهمة أماكن اللهو بمناسبة أعياد الميلاد، مرورا بالانخراط في حملات طرق الأبواب للتعبئة ضد ما تسميه التيارات المتشددة بالفكر الإلحادي الذي بدأ يغزو الشباب الموريتاني، حسب تعبيرهم.
ففي نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي أعربت جماعة تطلق على نفسها 'أنصار تطبيق الشريعة' في بيان ' شجبها لما يسمى احتفالات رأس السنة الميلادية، وذلك لمخالفتها للكتاب والسنة، ولما يترتب عليها من الفواحش والمنكرات والمفاسد'، كما 'هددت بمضايقة كل من يحتفل بهذه المناسبة في موريتانيا'، وفق ما جاء في البيان.
كما نظمت حركة تسمى'لا للإباحية' الجمعة الماضي 10كانون الثاني/ يناير مسيرة حملت شعارات تطالب بمحاكمة شبكات 'الإلحاد و الخلاعة'، حسب تعبير المتظاهرين، ودعت إلى 'إنزال أقصى العقوبات بالشبكة 'الإلحادية' وإنشاء 'هيئة وطنية لحماية العقيدة و الأخلاق و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر'، ومحاكمة منتجي و معدي ما تطلق عليه 'الأغاني الإباحية الخليعة' الرامية إلى 'إفساد أخلاق الشباب'، حسب تعبيرهم.
بموازاة ذلك بادرت مجموعة من الشباب التقدميين في الأسابيع الماضية إلى جمع تواقيع الحقوقيين والناشطين والمثقفين لمواجهة ما يسمونه با'لفكر الظلامي'، حسب تعبيرهم.
هبة ضد التكفير
الحاج ولد إبراهيم، باحث أكاديمي وأحد أبرز الناشطين ضد الفكر التكفيري، قال في تصريح لDW عربية 'نحن كنشطاء مدنيين معنيين بالحراك الاجتماعي والمدني نحاول لفت الانتباه لخطورة هذه الظاهرة في مجتمع تنتشر فيه الأمية وتحاصره أخطار الجماعات المسلحة من كل الجهات وذلك من خلال التدوين والنشر الإلكتروني وعقد اللقاءات والحوارات المفتوحة وخطوات ميدانية أخرى'.
وقال ولد إبراهيم إن 'ظاهرة التكفير ليست جديدة في التاريخ السياسي الموريتاني، لكن عودة ظهورها اليوم مرتبطة بارتفاع أصوات الهامش الاجتماعي الموريتاني 'الحراطين والصناع التقليديين وطبقات هامشية أخرى' ضد مظاهر الاضطهاد والتهميش المبنية على أساطير المؤسسة الدينية وتطبيقاتها المحلية، كما ترتبط في جوانب منها بصعود تيار الإسلام السياسي الذي يستخدم التكفير كأقصر طريق للتشهير بالخصوم السياسيين واغتيالهم سياسيا وشعبيا، فضلا عن الوقوف في وجه الأفكار والممارسات الثقافية والحضارية العابرة للقارات بفضل انتشار الإعلام والمعلومة والتي تراها تهدد الأنساق التقليدية المحافظة التي تربت ونشأت عليها، حسب تعبير ولد إبراهيم.
ويرى الحسين ولد محمد عمر، مدون ناشط ضد التكفير، 'أن المد الوهابي القادم من المملكة السعودية ممثلا في التكفيريين يسعى لتضييق الخناق على الشباب المتنورين الباحثين عن أجوبة شافية على الأسئلة المطروحة بشان الطبقية الاجتماعية التي يراد لها أن تتعايش مع قيم الإسلام'، حسب قوله.
ونظرا لعجز المتعصبين عن الإجابة على الإشكالات الاجتماعية شرعوا في تكفير كل من يقف ضد مفهومهم للدين وسلوكهم في التدين، حسب رأي ولد محمد عمر.
وأكد ولد محمد عمر أن 'إلصاق تهمة الكفر بكل صاحب فكر تجديدي لن تفضي إلى حل التناقضات الاجتماعية الموجودة كالطبقية الاجتماعية الحادة والتمايز العرقي والهرمية القبلية والعشائرية'.
وجهة النظر الحقوقية تجاه بروز ظاهرة التكفير وما صاحبها من موجات التظاهر المطالبة بمعاقبة الملحدين عبرت عنها الناشطة الحقوقية المعروفة آمنة منت المختار، رئيسة رابطة النساء معيلات الأسر، عندما قالت بإن 'انتشار الأمية والفقر مهد الطريق أمام الخطاب الديني المتشدد في الطبقات الهشة وهي التي تستخدمها الحركات 'الظلامية السلفية' عادة كوقود للمظاهرات، ما فتح المجال أمام 'اللصوص وأصحاب السوابق' لانتهاز الفرصة للاعتداء على ممتلكات الناس' حسب تعبيرها.
وهذا، كما تضيف منت المختار، 'ينفى عن كل هذه المسيرات صفة التعبير عن الرأي العام، يضاف إلى ذلك أن المواطن الموريتاني لا يتأكد عادة من الأخبار الصحيحة وتغلب عليه العاطفة الدينية وهذا يتحكم دائما في موقفه من القضايا التي لها صلة بالدين، وهو أمر تستغله عادة المجموعات التكفيرية لصالحها'.
وأبرزت منت المختار دور الجانب الحقوقي في الإسلام الذي يضمن حرية التعبير والكلمة ويتعارض مع وجود الطبقية التي يسعى 'الظلاميون إلى تكريسها باسم الإسلام'، بينما الإسلام في جوهره بريء من كل ذلك.
وطالبت الحقوقية منت المختار بتفعيل الوسائل القانونية والمدنية لحماية الأشخاص الذين تطالهم حملات التكفير، باعتباره حقا يكفله الدستور الموريتاني وكل الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها موريتانيا.
دعوات التكفير، وما يوازيها من صرخات إلحادية، في موريتانيا لا ترتقي إلى مستوى الحراك الفكري الحقيقي، حسب محمد المهدي ولد محمد البشير، الباحث في الحديث والتشريع الإسلامي .
و يرى بأن ما يجري حاليا مجرد إرهاصات 'طفولية' اقرب إلى الفقاعات أو عمل 'المراهقة الفكرية' ما دامت لم تحرك الساحة الثقافية من خلال تأليف كتب أو مقالات أو بحوث ترد على التكفيريين أو تبرهن على كفر خصومهم، حسب قناعته.
رد ورد فعل
ويقدم محمد المهدي توصيفا لما يجري في موريتانيا حاليا حين يلخصه في وجود فعل وردة فعل، وهي حالة تحدث كلما بالغ البعض في الانفتاح على الفكر الغربي فيبالغ الطرف الأخر في التكفير به، لان طبيعة توازن المجتمع تقتضي الصراع من اجل الحفاظ على ذلك التوازن، و ليس بالضرورة أن يكون ذلك دينيا بل قد يكون عن طريق التخوين والاتهام بالعمالة لدول أخرى، حسب رأيه.
لكنه عاد لينتقد حملات التكفير بصفة عامة 'باعتبار المسلم في المنظور الإسلامي مطالب بهداية الناس وإنقاذهم من الضلال، لان التكفير يحول بينك وبين هداية من تقوم بتكفيرهم، فهو رفض للآخر وتعبير عن عدم التسامح، وعندما نجد أن التكفير قد استخدم داخل الجماعات الإسلامية نفسها في موريتانيا منذ 200سنة فمن المنطقي أن يتم تكفير شباب ينطلقون من مرجعيات مختلفة عن المرجعية الموريتانية'، كما يقول محمد المهدي
واختتم حديثه بالقول بأن 'دعوات التكفير الراهنة ليست قادرة على الصمود في وجه أي منطق فكري قوي أو طرح عقلاني متماسك، وهو ما لم يوجد لحد ألان'.
بعض المتابعين قدموا ظاهرة التكفير في موريتانيا على ضوء الحراك الاجتماعي والتاريخي الذي عايشته بعض الشعوب سابقا ويعايشه بعضها في الظرف الراهن دون ربط القضية بالدين في اغلب الأحيان، كما حدث في فرنسا والصين نهاية الستينات من القرن الماضي.
ولذا تقول نجوى منت الكتاب، أستاذة علم الاجتماع بجامعة نواكشوط في حديث لDW عربية إن 'الفرق بين ما حصل في تلك الدول وما تعيشه موريتانيا ألان يكمن في اختلاف إدراك الناس لسبب مشاكلهم فقط'.
فالموريتانيون يربطون مشاكلهم الاجتماعية والسياسية بالدين، والآخرون يربطونها بالاقتصاد، وبالتالي فإن الدولة مطالبة بفهم سبب رد فعل الناس على الدين، وكيف تسنى لبعض الشباب أن يبالغ في الخروج عليه وسب المقدسات، وعليها في المقابل أن تحقق التوازن في العدالة الاجتماعية'، حسب تعبير المتحدثة.
منت الكتاب قالت كذلك إنه 'على الجماعات التكفيرية إن تجاهر بموقف الإسلام الحقيقي من الظلم الاجتماعي وأن يظهروا براءته من الطبقية بدل التركيز على إدانة الناس ووصمهم بالكفر'، حسب تعبيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.