سعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الثلاثاء الى نزع فتيل التوتر الناجم عن فض الاعتصام المناهض له في الانبار، داعيا الجيش الى الانسحاب من الرمادي والفلوجة، ليلبي بذلك المطلب الرئيسي لنواب استقالوا احتجاجا على احداث هذه المحافظة السنية. ومنذ نجاح القوات الامنية الاثنين في فض الاعتصام الذي استمر لعام من دون وقوع مواجهات مع المتظاهرين، تشهد الرمادي (100 كلم غرب بغداد) خصوصا والفلوجة (60 كلم غرب بغداد) المجاورة اشتباكات بين جماعات مسلحة والجيش. وقتل الثلاثاء جندي وثلاثة مسلحين واصيب ثلاثة مسلحين آخرين بجروح في اشتباكات متقطعة في غرب الرمادي بين الجيش والمسلحين الذين ينتمون الى عشائر رافضة لفض الاعتصام، وبينهم ايضا انصار للنائب احمد العلواني الذي اعتقل السبت، بحسب مصادر امنية وطبية. وقتل الاثنين عشرة مسلحين واصيب 30 في هذه الاشتباكات، التي امتدت الى الفلوجة حيث اصيب الاثنين اربعة مسلحين بجروح. وتمثل عملية فض الاعتصام السني انتصارا مرحليا للمالكي، الشخصية الشيعية النافذة الذي يحكم البلاد منذ العام 2006، حيث تجنبت القوات الامنية بعدما توصلت الى اتفاق مع العشائر خوض مواجهات مع المعتصمين. وفي بيان اعلن فيه الثلاثاء "نجاح العملية"، قال المالكي وهو القائد العام للقوات المسلحة "لتتفرغ القوات المسلحة لادامة زخم عملياتها في ملاحقة اوكار القاعدة في صحراء الانبار ولينصرف الجيش الى مهمته مسلما ادارة المدن بيد الشرطة المحلية والاتحادية". وكان المالكي اعتبر قبل اسبوع ان ساحة الاعتصام السني تحولت الى مقر لتنظيم القاعدة، مانحا المعتصمين فيها "فترة قليلة جدا" للانسحاب منها قبل ان تتحرك القوات المسلحة لانهائها. وجاءت تحذيرات المالكي غداة مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش مع اربعة ضباط اخرين وعشرة جنود خلال اقتحامهم معسكرا لتنظيم القاعدة في غرب محافظة الانبار التي تشهد منذ ذلك الحين عمليات عسكرية تستهدف معسكرات للقاعدة على طول الحدود مع سوريا التي تمتد لنحو 600 كلم. وقد اعلنت السلطات العراقية بعيد فض الاعتصام الذي يتهم القيمون عليه المالكي باتباع سياسة تهميش ضد السنة، ان عناصر من تنظيم القاعدة فروا نحو مدينتي الرمادي والفلوجة، في اشارة الى ان بعض من يقاتلون الجيش ينتمون الى هذا التنظيم. وفيما يخشى مراقبون من ان تزيد عملية فض الاعتصام من التدهور الامني في البلاد، وان توسع الهوة بين الاقلية السنية والسلطات، اعلن 44 نائبا الاثنين تقديم استقالاتهم احتجاجا على احداث الانبار، داعين الى سحب الجيش من المدن، في اشارة الى الرمادي والفلوجة، والى اطلاق سراح النائب السني النافذ احمد العلواني. واضافة الى الاعلان عن سحب الحيش من المدن، في ما بدا تلبية لمطلب النواب، قال المالكي في بيانه ان على السياسيين "اتخاذ مواقف حكيمة غير منفعلة بالاحداث والابتعاد عن اي موقف يمكن ان يصنف لصالح القاعدة والارهاب والطائفيين، والغاء فكرة الانسحابات من الحكومة والبرلمان التي اتعبت الدولة وحرمت المواطن من كثير مما كان ينبغي تحقيقه". وتحدث رئيس الوزراء عن عملية فض الاعتصام قائلا ان السلطات وصلتها استغاثات بان ساحة الاعتصام التي اغلقت الطريق السريع المؤدي الى سوريا والاردن لمدة سنة "اصبحت مصدر قلق واذى للناس (...) فاستجابت الحكومة وبالتعاون مع الحكومة المحلية وشيوخ القبائل الكرام ورجال الدين، بالدخول الى الساحة واخلائها سلميا بحيث لم ترق قطرة دم واحدة". واضاف "انتم اعرف بما حدث في فض اعتصامات اقل خطورة واقل تعقيدا في بلدان اخرى بمنطقتنا". وطالب رئيس الوزراء "الوزارات كافة بتوفير الخدمات المطلوبة واصلاح الخط السريع الذي نسفت القاعدة جسوره، وتوفير الحماية اللازمة للمسافرين، وفتح الحدود الدولية على مدار الساعة امام حركة المسافرين والبضائع، والتواصل مع دول الجوار لتعود الحياة وينتعش الاقتصاد، والاستماع الجاد لمطالب اهل الانبار المشروعة". من جهتها، اصدرت الحكومة خلال جلستها الاسبوعية قرارا يدعو "وزارة النفط والتجارة والصحة لتوفير الوقود والمواد الغذائية والطبية بشكل عاجل، وقيام الوزارات الاخرى باتخاذ مايلزم لتقديم الدعم والخدمات الضرورية لمحافظة الانبار". وقبيل كلمة المالكي، اكد مراسل فرانس برس في الرمادي انتشار قوات الجيش العراقي في مناطق متفرقة في غرب المدينة وعلى اطرفها الغربية، حيث تقع الاشتباكات المتقطعة. كما فرضت قوات الامن حظرا للتجوال في المدينة، وفقا للمراسل. وتعيش الرمادي ظروفا قاسية حيث بدات المواد الغذائية بالانقطاع عن المدينة، وكذلك الوقود، بينما اصبحت الحركة فيها محدودة جدا واقتصر التنقل على الدراجات الهوائية والنارية. ويشهد العراق منذ فض اعتصام مناهض للمالكي في الحويجة غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) في نيسان/ابريل قتل فيه اكثر من 50 شخصا، موجة عنف متصاعدة ادت الى مقتل اكثر من 6800 شخص في العام 2013 بحسب حصيلة اعدتها فرانس برس، بينهم اكثر من 650 قتلوا منذ بداية شهر كانون الاول/ديسمبر. وقتل الثلاثاء 12 شخصا على الاقل واصيب العشرات بجروح في هجمات متفرقة في بغداد بينها انفجار اربع سيارات مفخخة وقعت معظمها في مناطق تسكنها غالبيات شيعية، بحسب ما افادت مصادر امنية وطبية.