الجزائر (رويترز) - استبعد مستشار كبير للحكومة الجزائرية أن تطبق البلاد إصلاحات اقتصادية مهمة قبل الانتخابات التي تجري في ابريل نيسان من العام المقبل رغم تنامي الشواهد على توجه المسؤولين نحو تحرير الاقتصاد. وعلى مدار عقود قيدت الجزائر المنافسة ودور الأجانب في اقتصادها الغني بالنفط والغاز وهو إرث التوجه الاشتراكي الذي تبنته عقب الاستقلال عن فرنسا في عام 1962. وفي العام الماضي ظهرت مؤشرات على تغير الأوضاع في حين تواجه الحكومة ضغوطا شعبية لتقديم خدمات أفضل ورفع مستويات المعيشة. وعلى سبيل المثال سمحت وزارة الاسكان لعدد أكبر من الشركات الأجنبية بالمشاركة في عطاءات لبناء منازل. وقال عبد الحق لعميري المستشار الاقتصادي للحكومة الجزائرية إن إصلاحات مهمة - مثل تعديل شامل لقوانين الاستثمار للقضاء على الروتين وتيسير دخول شركات جديدة في القطاع الصناعي - تتسم بحساسية بالغة لذا ينبغي الانتظار لبعض الوقت. وقال في مقابلة ضمن قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط "لا يمكن لأي حكومة أن تتحمل تبعات اتخاذ قرارات استراتيجية اليوم وهذا أمر مفهوم." وتابع "لن يحدث أي شيء على الصعيد الاقتصادي قبل انتخابات الرئاسة في 2014 نظرا لضرورة وضع خطة طويلة الأمد وأخذ قرارات لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني." وتتميز الجزائر البالغ عدد سكانها 39 مليون نسمة عن بقية دول شمال افريقيا بثروة نفطية تقيها من الضغوط المالية الشديدة. ويزيد ذلك من جاذبية الجزائر لعدد كبير من الشركات في حالة إزالة العقبات أمام الشركات. وقدر صندوق النقد الدولي إجمالي ديون الحكومة عند 11 بالمئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي وهو مستوى منخفض جدا بالمعايير العالمية. وتتوافر للجزائر السيولة الا أن القطاع الخاص ليس نشطا بقدر كاف ليسهم في حل مشاكل مثل الفقر والبطالة وتقدر نسبة البطالة الرسمية عند عشرة بالمئة ويعتقد أنها أعلى بكثير بين الشبان. ولم تشهد الجزائر انتفاضات كالتي اجتاحت دولا عربية أخري في 2011 مع اتساع نطاق الربيع العربي وعملت الحكومة الجزائرية على تهدئة حالة الاستياء العام بزيادة أجور الملايين من موظفي الدولة ومنح قروض بشروط ميسرة لرجال الأعمال. وقال لعميري الذي يدير المعهد الدولي للتسيير وإدارة الأعمال وهو معهد خاص في الجزائر إن هيكل الاقتصاد الجزائري يقوم على توزيع المال وليس تحويله إلى استثمار منتج. وتابع "متوسط النمو الاقتصادي بين ثلاثة وأربعة بالمئة وهو لا يكفي لتحقيق طفرة." وتابع أن من الضروري أن تيسر الجزائر إجراءات تأسيس المواطنين للشركات وتسريع خطاها. وبموجب منصبه كمستشار للحكومة شارك لعميري في محادثات بين الحكومة ونقابات العمال والقطاع الخاص. وقال "يوجد في الجزائر 600 ألف شركة وهو عدد غير كاف إذ ينبغي ألا يقل عن 1.5 مليون." وأضاف أن أحد سبل الوصول لدورة فعالة لرأس المال إنشاء بنوك استثمار لتطوير القطاع المصرفي الذي تتركز أنشطته حاليا على تمويل الواردات. وفي الوقت ذاته توجه الحكومة مزيدا من الأموال للاستثمار وتسعى لتعويض أثر انخفاض صادرات النفط والغاز بتقليص فاتورة الواردات من خلال برامج لتعزيز الإنتاج المحلي في قطاعات مثل القمح والأدوية. وتعتمد هذه السياسات على نتائج الانتخابات التي تجري العام المقبل إلى جانب شكل التحالفات بين القوى السياسية في الفترة التالية للانتخابات. ويحق للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (76 عاما) الذي اصيب بجلطة في وقت سابق من العام الجاري خوض الانتخابات للفوز بولاية رابعة ولكن لم يتضح إذا كان سيفعل. وفي جميع الأحوال يتوقع أن يهيمن حزب جبهة التحرير الوطني ولكن قد تبدي مجموعة أصغر سنا داخل القيادة السياسية استعدادا لإجراء تغييرات اقتصادية. وفي ابريل نيسان 2012 قال بوتفليقة إن زمن جيله قد ولى مشيرا إلى زعماء حقبة الاستقلال الذين حكموا البلاد لخمسة عقود. وأبدى لعميري اعتقاده بأن الاصلاحات قد تسير بخطى سريعة عقب الانتخابات لتجعل الاقتصاد أكثر جاذبية أمام الاستثمار الأجنبي وتحجم البيروقراطية. وقال "يمكن تحقيق ذلك خلال فترة زمنية قصيرة جدا." (إعداد هالة قنديل للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)