مرت اولى جلسات محاكمة قادة جماعة الاخوان المسلمين في مصر بهدوء اليوم الاحد اثر قرار المحكمة تاجيلها الى 29 تشرين الاول/اكتوبر بعيد افتتاحها في دار القضاء العالي في القاهرة بسبب غياب المتهمين لاسباب امنية. في موازاة ذلك، استؤنفت في اكاديمية الشرطة في ضواحي القاهرة جلسات محاكمة الرئيس الاسبق حسني مبارك، الذي غادر السجن بعد قرار اخلاء سبيله الخميس، في قضية التواطؤ في قتل متظاهرين وذلك بحضوره، قبل ان يعلن عن تاجيلها ايضا الى 14 ايلول/سبتمبر. وجاءت جلسات المحاكمتين في اجواء من الفوضى السياسية في مصر حيث تقوم السلطة الجديدة التي عينها الجيش بعد ازاحته الرئيس الاسلامي محمد مرسي في الثالث من تموز/يوليو بقمع التظاهرات التي ينظمها الاخوان المسلمون. وقتل حوالى الف شخص معظمهم من مؤيدي مرسي واوقف كبار قياديي الجماعة الى جانب اكثر من الفين من انصار مرسي. وقتل حوالى مئة من رجال الشرطة والجيش في اسوأ اعمال عنف تشهدها مصر في تاريخها الحديث. وفي دار القضاء العالي اعلن القاضي عن تاجيل اولى جلسات المحاكمة المرتقبة لقادة جماعة الاخوان بعد دقائق من بدئها "لاحضار المتهمين من محبسهم"، مضيفا "نطالب وزارة الداخلية باحضار المتهمين"، بحسب ما افاد مراسل وكالة فرانس برس من قاعة المحكمة. ويحاكم المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين محمد بديع ونائباه خيرت الشاطر ورشاد البيومي بتهمة التحريض على قتل ثمانية متظاهرين سلميين مع سبق الاصرار امام مقر مكتب ارشاد جماعة الاخوان المسلمين في نهاية حزيران/يونيو الماضي. كما يحاكم ثلاثة اعضاء اخرون من الجماعة بتهمة الشروع في القتل، بينما يحاكم 29 ايضا من اعضاء الجماعة من بينهم 28 مسجونا وآخر هارب بتهمة "استعمال القوة والتهديد" في ضاحية المقطم أمام مقر مكتب الارشاد. وغاب قادة جماعة الاخوان المسلمين عن حضور الجلسة بسبب صعوبة تامين نقلهم الى مقر المحاكمة في دار القضاء العالي في وسط القاهرة، حسبما اكدت مصادر امنية وحكومية متعددة لفرانس برس. وقال مسؤول امني خارج المحكمة لفرانس برس ان "المتهمين لن يحضروا المحاكمة بسبب صعوبة تامينهم في الظروف الامنية الحالية"، وهو ما اكده مسؤولان امني وحكومي عبر الهاتف. ولم تتخذ السلطات الامنية اي اجراءات امنية مشددة في محيط قاعة المحكمة. وداخل قاعة المحكمة في دار القضاء العالي، وضعت مئات من مستندات القضية على منصة القاضي، واكتظت القاعة الضيقة والسيئة التهوية بعشرات الصحافيين والمصورين في حين غاب اهالي واسر المتهمين. وخلا قفص الاتهام من اي متهم، فيما وقف مجندون في قوات مكافحة الشغب امامه. وقال المحامي ابراهيم البسيوني محامي مرشد الاخوان محمد بديع لفرانس برس في قاعة المحكمة "الاتهامات لبديع ملفقة. المتهمون كانوا في حالة دفاع عن النفس امام هجوم لمسلحين على مقر الجماعة". ومنذ فض الاعتصامين المؤيدين لمرسي في القاهرة في 14 اب/اغسطس، في عملية قتل فيها المئات، تكثفت الملاحقة الامنية لقيادات الاخوان المسلمين من الصفين الاول والثاني خصوصا، والتي افضت الى اعتقال ابرز قادة الجماعة. وادت عملية فض الاعتصامين الى اعلان حالة الطوارىء لمدة شهر وفرض حظر التجول في 14 محافظة من الساعة 19,00 الى الساعة 6,00 بالتوقيت المحلي، قبل ان تقلصه السلطة امس السبت ساعتين ليصبح من الساعة 21,00 الى الساعة 06,00، باستثناء ايام الجمعة حيث يبدا الحظر عند الساعة 19,00. ووجهت التوقيفات ضربة قوية الى الجماعة التي باتت تواجه مشاكل تنظيمية تضعف قدرتها على حشد المتظاهرين في الشوارع. ولم يشارك الجمعة سوى بضعة الاف في التظاهرات ضد السلطة الموقتة، مقابل اعداد اكبر بكثير من المتظاهرين كانت الجماعة قادرة على تعبئتها بشكل شبه يومي قبل فض الاعتصامين. وقد دعا رغم ذلك "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد للاسلاميين امس السبت الى اسبوع جديد من التظاهر تحت عنوان "الشعب يقود ثورته". وفي اكاديمية الشرطة، جلس مبارك (85 عاما) وهو يضع نظارات سوداء داخل قفص الاتهام في المحكمة، الى جانب وزير داخليته حبيب العادلي ومتهمين اخرين ونجليه علاء وجمال، بحسب ما اظهرت لقطات من التلفزيون الرسمي الذي بث الجلسة بشكل مباشر. وحددت محكمة جنايات القاهرة بعد الاستماع الى محامي المتهمين يوم 14 ايلول/سبتمبر موعدا لاستئناف جلسات هذه القضية، معلنة عن تشكيل لجنة ثلاثية لدراسة ملف القضية، ولجنة خماسية لدراسة قضايا الفساد المتهم فيها مبارك، ولجنة خماسية ثالثة لدراسة ملف قضية تصدير الغاز الى اسرائيل. وكان الرئيس الاسبق (85 عاما) الذي اطاحت به ثورة شعبية في بداية 2011، غادر السجن الخميس على متن مروحية اقلته الى مستشفى عسكري في المعادي في القاهرة، حيث يخضع للاقامة الجبرية، اثر قرار اخلاء سبيله في آخر قضية كان موقوفا على ذمتها لانقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطيا (24 شهرا). وادت محاكمة اولى في حزيران/يونيو 2012 الى الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الاسبق في هذه القضية، لكن محكمة النقض امرت باعادة المحاكمة التي انطلقت مجددا في 11 ايار/مايو.