تصاعد الخلاف بين بريطانيا واسبانيا حول جبل طارق الاثنين مع اعلان لندن انها تعتزم ملاحقة اسبانيا قضائيا بسبب اجراءات التفتيش الحدودية "المفرطة تماما" التي فرضتها، فيما هددت مدريد باحالة القضية الى الاممالمتحدة. وفيما يطلق الجانبان التهديدات بشان المنطقة التي تسيطر عليها بريطانيا، بدأت السفن الحربية البريطانية في التوجه الى البحر المتوسط لاجراء مناورات بحرية سترسي فيها الفرقاطة "اتش ام اس وستمنستر" في جبل طارق. وغادرت حاملة المروحيات "اتش ام اس ايلوستريوس" مرفأ بورتسموث البريطاني، تتبعها الفرقاطة "اتش ام اس وستمنستر" من طراز 23 والتي من المقرر ان تصل الى جبل طارق خلال اسبوع. واكدت وزارة الدفاع ان نشر السفن هو تدريب "روتيني" و"مخطط له منذ فترة طويلة". ولكن بريطانيا شددت لهجتها حيث اعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ان الحكومة البريطانية تفكر في اتخاذ تحرك قضائي ضد عملية التفتيش التي يقوم به الحرس الاسباني على حدود جبل طارق الواقعة جنوباسبانيا. وقال المتحدث ان عمليات التفتيش هذه التي تتسبب بطوابير انتظار طويلة للاشخاص الذي يحاولون عبور الحدود "لها دوافع سياسية ومفرطة تماما". وتابع ان "رئيس الوزراء يشعر بخيبة امل من اخفاق اسبانيا في نهاية الاسبوع في ازالة اجراءات التفتيش الاضافية" التي تؤدي الى تشكل صفوف انتظار طويلة. واضاف المتحدث "ندرس الآن الطرق القانونية المتاحة"، موضحا ان هذه "ستكون خطوة لا سابق لها لذلك نريد دراستها بعناية قبل اتخاذ قرار بدء ملاحقات". الا ان وزارة الخارجية الاسبانية اكدت ان مدريد "لن تتخلى" عن اجراءات التفتيش. وقال ناطق باسم الخارجية الاسبانية ان "ما نقوله هو ان اجراءاتنا وعمليات المراقبة قانونية ومناسبة. نحن مضطرون لذلك من اجل شنغن" اذ ان جبل طارق تابعة لبريطانيا ولا يشملها مجال شنغن. واضاف "لن نتخلى عن ذلك". وجاءت التهديدات البريطانية بعد ان قالت اسبانيا انها تفكر في رفع مسالة الخلاف حول الاراضي المتنازع عليها الى منظمات دولية مثل الاممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي. وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية ان مدريد "تدرس احتمال التوجه الى منظمات مثل الاممالمتحدة ومحلس الامن ومحكمة لاهاي". الا انه قال انه "لم يتم اتخاذ اي قرار بعد" حول التحرك المحتمل. وفي تطور قد يزعج بريطانيا كذلك، تفكر اسبانيا في تشكيل جبهة موحدة مع الارجنتين، التي يدور بينها وبين بريطانيا خلاف حول جزر الفوكلاند. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية "توجد عوامل مشتركة في مسالة الفوكلاند وجبل طارق". واتهمت حكومة جبل طارق مدريد بالانتقام منها بعد ان قامت ببناء جرف صخري اصطناعي قالت انه يهدف الى زيادة مخزونات السمك، الا ان اسبانيا تقول انه يهدف الى لمنع الصيادين الاسبان من دخول المنطقة. وقال ديفيد ليدنغتون وزير بريطانيا للشؤون البريطانية في مقال نشرته صحيفة "الصن" البريطانية الاثنين ان "بريطانيا واسبانيا مهمتان لبعضهما البعض. فنحن دولتان حليفتان في الحلف الاطلسي، وشريكتان تجاريتان مهمتان، ويسافر ملايين البريطانيين الى اسبانيا كل عام". واضاف "ولكن صداقتنا الجيدة مع اسبانيا لا تعني اننا سنتغاضى عن الامر عندما يتعرض سكان جبل طارق للتهديد او الضغوط". وقالت وزارة الدفاع البريطانية ان السفن الحربية ستشارك في تدريبات "كوغار 13" في المتوسط والخليج. وقال وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند ان ارسال السفن يأتي في اطار "انتشار روتيني ومقرر منذ فترة طويلة" للمشاركة في هذه التدريبات التي تجرى للسنة الثالثة على التوالي. وقالت الوزارة ان السفن ستتوقف "لبعض الوقت في عدد من مرافىء المتوسط" قبل ان تشارك في تدريب مع الجيش الالباني في البحر الادرياتيكي. وبعد ذلك ستمر بالبحر الاحمر والمحيط الهندي والخليج حيث ستجري تدريبات مع دول شريكة في المنطقة. وكانت اسبانيا تنازلت لبريطانيا عن جبل طارق في 1713 الا انها تقول انها يجب ان تعود الى السيادة الاسبانية. وتقول لندن انها لن تفعل ذلك ضد رغبة سكان جبل طارق الموالين لبريطانيا بشدة. وتبلغ مساحة جبل طارق، الارض البريطانية ذات الحكم الذاتي، 6,8 كلم مربع، ويسكنها نحو 30 الف شخص وتحظى باهمية استراتيجية نظرا لانها تطل على المدخل الوحيد الى البحر المتوسط من المحيط الاطلسي.