داكا (رويترز) - اعتقل مسؤولان ومهندسان بمصنع للملابس في بنجلادش يوم السبت بعد 72 ساعة من انهيار مبنى كان يضم مصانع ملابس لماركات غربية بتكاليف منخفضة في الوقت الذي ارتفع فيه عدد القتلى إلى 352 شخصا على الأقل. ولا يزال ينتشل المزيد أحياء من بين أنقاض المبنى حيث قالت الشرطة إن ما يصل الى 900 شخص مازالوا مفقودين في أسوأ حادث صناعي تشهده بنجلادش. ولا يزال صاحب المبنى المنهار المؤلف من ثمانية طوابق والذي كان يعمل به أكثر من 3000 عامل غالبيتهم عاملات شابات هاربا. وقالت الشرطة إن عددا من أفراد عائلة صاحب المبنى المنهار اعتقلوا لاجباره على تسليم نفسه وتم اخطار سلطات المطار والحدود بمنعه من السفر حتي لايهرب من البلاد. وقال مسؤولون ان مبنى رنا بلازا الواقع على اطراف العاصمة داكا شيد بشكل غير قانوني دون الحصول على التراخيص السليمة وانه سمح للعمال بدخوله يوم الأربعاء على الرغم من تحذيرات في اليوم السابق من ان اساساته غير آمنة. وأدى الغضب من الإهمال إلى احتجاجات استمرت لأيام ووقعت اشتباكات يوم السبت. وقال حبيب الرحمن قائد شرطة منطقة داكا إنه تم أيضا اعتقال اثنين من المهندسين الذين شاركوا في بناء مبنى رنا بلازا من منزليهما صباح يوم السبت. وقال انهما اعتقلا لانهما هونا من شأن تحذير بعدم فتح المبنى بعد هزة أرضية وظهور تصدعات في اليوم السابق على انهياره. وسلم صاحب وعضو مجلس الإدارة المنتدب لمصنع نيو ويف ستايل وهو أكبر مصنع من المصانع الخمسة في المجمع نفسيهما لاتحاد صناعة المنسوجات في بنجلادش خلال الليل وسلما للشرطة. وسيتم التحفظ عليهما احتياطيا لمدة 12 يوما في خطوة أولى. وكان المصنع يشغل الطوابق العليا بالمبنى والتي قال المسؤولون انها أضيفت بشكل غير قانوني. وقال شمس الحق وزير الدولة للشؤون الداخلية للصحفيين "سيتم القبض على كل من كان له دور ومنهم مصمم المبنى والمهندس والبناة لإقامتهم هذا المبنى المعيب." وتزايد الغضب بشأن اوضاع العمل بين العاملين في صناعة النسيج في بنجلادش والبالغ عددهم 3.6 مليون شخص - ومعظمهم من النساء اللاتي يحصلن بالكاد على أجر قدره 38 دولارا في الشهر - منذ هذه الكارثة. ونزل المئات إلى الشوارع مرة أخرى صباح يوم السبت وقاموا بتحطيم وحرق سيارات ووقعت اشتباكات مع الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه والرصاص المطاطي للسيطرة على المتظاهرين. وقال شهود عيان إن العشرات أصيبوا في الاشتباكات. وقال تحالف لأحزاب يسارية تشكل جزءا من الائتلاف الحاكم إنه سيدعو إلى إضراب عام في الثاني من مايو أيار إذا لم يتم اعتقال جميع المسؤلين عن الكارثة بحلول يوم الأحد. وقال حبيب الرحمن قائد شرطة منطقة داكا ان صاحب مبنى رنا بلازا هو محمد سهيل رنا وهو من زعماء جبهة الشباب في حزب رابطة عوامي الحاكم. وقال اتش.تي.إمام وهو مستشار لرئيسة الوزراء "الناس يطالبون برأسه وهو امر طبيعي تماما. هذه المرة لن نترك احدا." والحادث الذي وقع يوم الأربعاء هو ثالث حادث صناعي كبير خلال خمسة أشهر في بنجلادش ثاني أكبر مصدر للملابس الجاهزة في العالم. ففي نوفمبر تشرين الثاني اندلع حريق في مصنع تاسرين للأزياء الذي يقع قرب مصنع رنا بلازا مما أسفر عن سقوط 112 قتيلا. وأثارت هذه الحوادث تساؤلات جادة بشأن إجراءات سلامة العمال وتدني الأجور وقد تلوث سمعة بنجلادش التي تشكل الملابس الجاهزة 80 بالمئة من صادراتها. وطلب اتحاد مصنعي ومصدري الملابس الجاهزة في بنجلادش اليوم السبت من أصحاب المصانع تقديم تصميمات المباني بحلول يوليو تموز في محاولة لتحسين إجراءات السلامة. والأمر المثير للدهشة انه مازال يتم اخراج اشخاص على قيد الحياة من أنقاض المبنى المنكوب بلغ عددهم بصفة إجمالية 29 شخصا منذ فجر يوم السبت. وروت مارينا بيجوم (22 عاما) محنتها تحت انقاض المبنى لمدة ثلاثة أيام. وقالت للصحفيين من سرير المستشفى الذي ترقد به "شعرت كأنني في الجحيم. كان الجو شديد الحرارة حتى انني كنت اتنفس بصعوبة ولم يكن هناك طعام أو ماء. عندما عاد الي الوعي وجدت نفسي في سرير بالمستشفى." وتبذل جهود مضنية لاخراج 15 شخصا محاصرين تحت كومة من الخرسانة المدمرة والذين يجري تزويدهم بطعام جاف وزجاجات ماء واوكسجين. وقال وزير الدولة للحكم المحلي جهانجير كبير ناناك إنه لن تستخدم آلات كبيرة لانتشال الجثث المتبقية والأنقاض إلا بعد إنقاذ الناجين. وتم انقاذ نحو 2500 شخص نصفهم على الاقل جرحى من انقاض المبنى في ضاحية سافار التجارية التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن العاصمة داكا. وقال عماد الله اسلام كبير المهندسين في هيئة تطوير العاصمة التابعة للدولة امس الجمعة ان صاحب المبنى لم يحصل على ترخيص البناء الملائم وحصل على اذن باقامة مبنى مؤلف من خمسة طوابق من المجلس المحلي الذي لا يملك سلطة منح هذا الترخيص. واضاف "لا يمكن لاحد اعطاء مثل هذه الموافقة الا هيئة تطوير العاصمة. "نحاول الحصول على التصميم الاصلي من المجلس المحلي ولكن لان المسؤولين المعنيين مختبئون لا نستطيع الحصول عليه بسرعة." وقال انه علاوة على ذلك اضيفت ثلاثة طوابق اخرى بشكل غير قانوني للمبنى. وقال اسلام لرويترز "سافار ليست منطقة صناعية ولهذا السبب كان ينبغي ألا توجد مصانع في رنا بلازا." وتابع قائلا ان المبنى اقيم في موقع بركة تمت تغطيتها بالرمال والتراب مما يعني ان الاساسات ضعيفة للغاية. وأضاف "كان يوجد ثلاثة مولدات كبيرة وثقيلة للغاية تهز المبنى كله عندما تعمل. وفي ذلك اليوم كان يجري استخدام المولدات وخلال ثوان انهار المبنى." (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير احمد حسن)