بيروت (رويترز) - تعرض أربعة من علماء الدين السنة لهجومين منفصلين في بيروت مساء الاحد في اختبار للسلام الهش بين الطوائف والفصائل السياسية اللبنانية التي تقاتلت على مدى 15 عاما في حرب أهلية انتهت في عام 1990. وقالت مصادر أمنية يوم الاثنين ان مازن الحريري واحمد فخران وهما من علماء دار الفتوى السنية تعرضا للهجوم على أيدي مجموعة رجال في منطقة الخندق الغميق التي تقطنها غالبية شيعية بعد ان غادر الرجلان مسجد محمد الامين في وسط بيروت. وفي منطقة الشياح الشيعية في جنوببيروت بالقرب من كنيسة مار مخايل وقع حادث مماثل حيث اعتدى مجهولون على كل من الشيخ عمر امامة والشيخ حسن عبد الرحمن من علماء الدين السنة. وسارع حزب الله وحركة أمل الشيعيان الى إدانة الهجمات وتسليم خمسة أشخاص مشتبه بهم إلى قوى الامن. وقالت المصادر ان الرجال الخمسة كانوا تحت تأثير المخدرات. وفي وقت لاحق قال وزير الداخلية اللبناني مروان شربل انه تم اعتقال عشرة اشخاص. ولم يتضح حجم الاصابات التي لحقت بعلماء الدين السنة لكن صورا لاثنين منهم نشرت في موقع فيسبوك أظهرت احدهما يضع طوقا داعما لعنقه والاخر مصابا برضوض في وجهه. وقال مفتى الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني يوم الاثنين إن هذه الهجمات جاءت نتيجة "الحرب السياسية" من قبل زعماء السنة والشيعة. ووصف الادانات لمرتكبي الاعتداء بانها غير كافية وطالب بتحرك سريع. وأكد مفتي الجمهورية في كلمة ألقاها خلال زيارته مستشفى المقاصد لزيارة الشيخين مازن الحريري واحمد فخران "ان لبنان مستهدف ومراد ادخاله في الحريق الذي دخل الى المنطقة." وأضاف "نحن في بداية الحريق ولا يظنن احد انه لن يصل الى لبنان. لبنان سوف يشتعل بأيدي الداخل والخارج انها مؤامرة وعلينا النأي بهذه الفتنة فهي في بدايتها." ومضى يقول "اقول للقيادات الشيعية السياسية والعسكرية إنها مسؤولة عما حصل والقيادات السنية ايضا مسؤولة عما حصل وكذلك القيادات اللبنانية كلها لان ما حصل هو نتيجة الحرب السياسية والخطاب المتوتر". وقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وهو سني في حسابه على موقع تويتر "حمى الله لبنان من هذه الفتن وسيحاسب المعتدون من أي طرف كان." وبعد ظهر الاثنين تجمع نحو الف رجل في منطقة الطريق الجديدة ذات الغالبية السنية في بيروت للاحتجاج على الهجمات. وقال عالم الدين المتشدد داعي الاسلام الشهال امام الحشد ان الدولة اللبنانية وقادة الشيعة لم يبذلوا جهودا لمنع الهجمات. وصرخ الشهال وهو يلوح باصبعه ان من يريد ان يعتدي على الأبرياء "سنقاتله" رافضا أن "تحكم الأقلية" أكثرية من الطائفة السنية كما قال. وقال الشهال خلال اعتصام للعلماء المسلمين من طريق الجديدة "إن الأمن الأعرج الذي نشاهده يطبق ظلما في كثير من الأحيان في مناطقنا بينما يترك كثير من الظلمة والقتلة يسرحون ويمرحون بل ويتبجحون" وتابع قائلا "من يريد أن يعتدي على الأبرياء والنساء سنقاتله". وكان العديد من المتظاهرين ممن أطالوا لحاهم بالأسلوب الذي يتبعه كثير من السنة وارتفعت صيحات منددة كلما نطق المتحدث كلمة "الشيعة". وانتهت الحرب الاهلية في لبنان في عام 1990 لكن نظامه السياسي لا يزال يعتمد على الولاء الطائفي ولا تزال البلاد تعاني من اشتباكات متقطعة بين الجماعات المسلحة بسبب الخطاب اللاذع من قبل السياسيين. وعمقت الأزمة التي بدأت قبل عامين في سوريا بين المعارضة التي تحظى بتأييد كبير بين الأغلبية السنية وبين الرئيس بشار الاسد الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية الانقسامات في لبنان بين بعض السنة والشيعة. وقال هلال خشان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت "كان هناك هجومان منسقان. والحقيقة ان حزب الله وحركة امل سارعا الى إدانة الهجمات مما يعني انهما يريدان النأي بنفسيهما." وقال "هناك دول في المنطقة ترغب في زعزعة استقرار البلاد مثل النظام السوري" ولم يتسن الحصول على تعليق من دمشق. من اوليفر هولمز