قصف الطيران التركي بكثافة الثلاثاء معاقل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وسط مفاوضات للسلام بين انقرة والحركة المسلحة التي اغتيلت ثلاث من ناشطاتها في فرنسا ومن المقرر دفنهن الخميس في منطقة كردية في تركيا. واكدت مصادر عسكرية تركية الاربعاء ان الطائرات التركية قصفت الثلاثاء اكثر من 50 موقعا للمتمردين الاكراد في شمال العراق، من دون الاشارة الى وقوع ضحايا. والعملية العسكرية التي بدأت الاثنين هي احدى اكبر العمليات في السنوات الاخيرة ضد اهداف للحزب الكردي في العراق. وتؤكد انقرة وجود حوالى الفي متمرد كردي على الاراضي العراقية على بعد اقل من 100 كلم من الحدود التركية التي يعبرونها بانتظام لشن عملياتهم. واكد نائب محلي كردي اتصلت به فرانس برس ان الغارات دمرت خمسة منازل في قرية من دون سقوط ضحايا. وتأتي هذه الهجمات بعد استئناف السلطات التركية حوارا مع الحزب فشل في عدة جولات سابقة في السنوات الاخيرة، في محاولة لحل نزاع ادى الى مقتل اكثر من 45 الف شخص منذ 1984. وقد بدأت الاستخبارات التركية في كانون الاول/ديسمبر محادثات مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله اوجلان في مبادرة احيت الامال واثارت الانتقادات في آن في تركيا. ولم يلحظ رسميا اي اختراق منذ استئناف الحوار، لكن وسائل الاعلام التركية اشارت الى اتفاق الطرفين على مبدأ وقف اعمال العنف على مراحل الى جانب مبادرات سياسية لصالح الاكراد في تركيا. وفي تاكيد لما اظهرته الضربات الجوية هذا الاسبوع، صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان القوات التركية ستواصل، سواء جرى حوار ام لا، حملتها على المتمردين. وكرر مؤخرا ان "العمليات العسكرية على حزب العمال الكردستاني ستتواصل طالما لم يلق الارهابيون السلاح". وتابع "ان التراجع ليس واردا". وفيما وسع الجيش التركي حجم ضرباته للحزب، استعد الاكراد في تركيا لتوجيه تحية اخيرة لثلاث ناشطات كرديات على علاقة بحركة التمرد تعرضن للاغتيال برصاصة في الرأس في باريس ليل 9 الى 10 كانون الاول/ديسمبر. ووصلت نعوش الضحايا الثلاث وبينهن ساكنة جانسز (55 عاما) وهي احدى مؤسسي حزب العمال الكردستاني العام 1978 ومقربة من اوجلان، الى ديار بكر، كبرى مدن جنوب شرق تركيا حيث الاكثرية من الاكراد. وافاد مراسل لوكالة فرانس برس ان حشدا من الاف الاشخحاص يرفعون صور الناشطات الثلاث استقبل الجثامين لدى الخروج من مطار المدينة وسط هتافات "الشهيدات لا تمتن" او "انتقم حزب العمال الكردستاني". ونشرت اعداد كثيفة من قالشرطيين في محيط المطار لتجنب وقوع اي حادث. وسينتشر الشرطيون ايضا اثناء مراسم التشييع الخميس. وحث اردوغان الاكراد على تجنب اي تجاوز بعد ان اعتبر اغتيال الناشطات بمثابة "تصفية حسابات" داخل حزب العمال الكردستاني او محاولة "لتخريب" عملية السلام. والاربعاء اكد رئيس بلدية البلدة عثمان بايدمير لفرانس برس ان التجمع سيكون سلميا. وقال ان "موقف سكان ديار بكر سيتمثل في حماية اجواء السلام وعملية الحوار (...) ان الشعب (الكردي) يعلم تماما كيف يعبر عن الحداد". على المستوى الدبلوماسي اكدت انقرة الاربعاء ان علاقاتها مع فرنسا التي انتقدها اردوغان لما اعتبره تساهلا مع الحزب الكردي الذي يعتبره عدد من الدول منظمة ارهابية، لن تتأثر بهذه الاغتيالات. وصرح المتحدث باسم الخارجية التركية سلجوق اونال "سنواصل علاقاتنا مع فرنسا عبر جميع القنوات. هناك ارادة متبادلة لتطويرها مع وصول الادارة الفرنسية الجديدة" الى الحكم برئاسة فرنسوا هولاند. واضاف ان مبدأ زيارة هولاند الى تركيا العام 2013 لم يتغير. والسبت دعا اردوغان هولاند الذي اكد انه كان يعرف احدى القتيلات الثلاث، الى توضيح ماهية هذه العلاقات والسلطات الفرنسية الى الكشف سريعا عن ظروف هذه الاغتيالات.