أم الفحم (اسرائيل) (رويترز) - تعزف أعداد متزايدة من عرب إسرائيل عن الإدلاء بأصواتها في انتخابات الأسبوع المقبل وسط انقسام وإحباط من أنه لن يكون لها رأي في كيفية إدارة البلاد. وبغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 22 يناير كانون الثاني فمن شبه المؤكد ألا تكون أحزاب عرب إسرائيل ضمن الحكومة الائتلافية المقبلة مما يفتح الباب أمام أربع سنوات أخرى من المعارضة العقيمة. وقالت حنين زعبي وهي نائبة عربية في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) وتخوض الانتخابات عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي وهو أحد أحزاب عربية ثلاثة يرجح فوزها بعدد قليل من المقاعد إن العرب لم يعدوا يثقون في الأدوات الديمقراطية المتاحة لهم. ويمثل العرب واحدة من أفقر الأقليات في إسرائيل وأقلها مشاركة في السياسة ويكافحون لايجاد مكان لهم في الدولة ويراود كثيرون الشك في أن مشاركتهم في الانتخابات ستغير الأمر. وأفاد استطلاع للرأي أجرته جامعة حيفا الشهر الماضي بأن نحو نصف ناخبي عرب إسرائيل سيصوتون في الانتخابات أي أقل من النسبة التي شاركت في انتخابات عام 1999 وهي 75 في المئة. ويشتكي العرب من تمييز متفش حتى في الخدمات البلدية البسيطة ومن توزيع جائر لأموال التعليم والصحة والإسكان وفرض قيود على تصاريح البناء مما يؤدي إلى بناء غير مشروع وما يليه من عمليات هدم. كما يشيرون إلى حرمانهم من حق لم الشمل الأسري إذا كانوا متزوجين من فلسطينيين أو فلسطينيات من الضفة الغربية أو غزة. ويقول سياسيون يهود إن أموال عرب إسرائيل والخدمات المتاحة لهم زادت بشكل كبير منذ قيام دولة إسرائيل لكنهم يقرون بأنهم يتعرضون للتهميش وبأنه يجب فعل المزيد لإدماجهم في اقتصاد البلاد. وهم يتهمون الأحزاب العربية بأنها أكثر انشغالا بقضايا "خارجية" مثل عملية السلام بينما لا تفعل ما يكفي لتلبية احتياجات دوائرها الانتخابية. وبغض النظر عن سبب مشاكل عرب إسرائيل فإن النتيجة يمكن رؤيتها في الشوارع الممتلئة بالقمامة في بلدات مثل أم الفحم حيث يعيش 48 ألف عربي والقريبة من حدود الضفة الغربيةالمحتلة التي يريدها الفلسطينيون جزءا من دولتهم المنشودة. وعرب إسرائيل الذين يمثلون خمس العدد الاجمالي لسكان إسرائيل هم أبناء وأحفاد من بقوا على الأرض بعد حرب 1948. ويعيش أكثر من نصف عرب إسرائيل تحت خط الفقر بينما تبلغ نسبة من يعيشون تحت خط الفقر في إسرائيل بوجه عام 20 في المئة في المتوسط وفقا للأرقام الرسمية. وتشير دراسة أجرتها جامعة تل أبيب إلى أن نسبة العاطلين من عرب إسرائيل وصلت إلى نحو 30 في المئة أي خمسة أمثال النسبة في إسرائيل بوجه عام. وقالت أمل جمال المحاضرة بجامعة تل أبيب لرويترز إن العرب متشككون في جدوى مشاركتهم السياسية نظرا للحقائق الحالية. وفي أم الفحم أقيمت في الشارع الرئيسي نصب تذكارية لشبان قتلتهم الشرطة الإسرائيلية في عام 2000 مما يعيد إلى الأذهان التوتر القائم بين المواطنين العرب والدولة اليهودية. وتكرم النصب 13 عربيا قتلوا بالرصاص أثناء تظاهرهم تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية في أحداث لم يوجه فيها أي اتهام لأي ضابط. وقال ماجد كمال (37 عاما) وهو من سكان البلدة "من الأسهل توصيفنا بشيء لا يمت لنا. لسنا بالنسبة لمعظم الناس فلسطينيين بالكامل ولا إسرائيليين بالكامل." لكن معظم الناخبين من عرب إسرائيل يهتمون بكسب العيش لا بالحرب والسلام. وقال نحو 57 في المئة من عرب إسرائيل استطلعت جامعة حيفا آراءهم في ديسمبر كانون الأول إن قضايا البطالة والاسكان والصحة والتعليم هي مثار اهتمامهم الرئيسي. وتحدث ثمانية في المئة فقط عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وانهارت المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين قبل عامين بسبب التوسع الاستيطاني بالاراضي المحتلة ويشك عرب إسرائيل في إمكانية استئنافها قريبا. وقال شاب يعمل في مقهى بمدينة الناصرة "عملية السلام لا صلة لها بالأمر حاليا. فلم القلق بشأنها؟" ويعيش نحو 1.6 مليون عربي مسلم ومسيحي بشكل أساسي في مدن وقرى بشمال إسرائيل ويديرون شؤونهم البلدية الخاصة ومدارسهم. والاهتمام بالشؤون المحلية يتجاوز بكثير الاهتمام بالسياسة الوطنية. وصوت نحو 80 في المئة من العرب في الانتخابات المحلية في عام 2008 مقارنة بنسبة 53 في المئة منهم شاركوا في الانتخابات البرلمانية بعد ذلك بعام أي أقل بواقع 12 نقطة مئوية عن المتوسط العام. ويقول خبراء إنه في ظل نظام التمثيل النسبي المعمول به في إسرائيل فإن الأحزاب العربية يمكن أن تحصل على ما يصل إلى 20 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 120 مقعدا إذا كانت نسبة الإقبال أعلى وإذا تمكن السياسيون العرب من تقديم جبهة أكثر اتحادا. وفازت ثلاثة أحزاب يقودها العرب وهي القائمة العربية الموحدة وحزب التجمع الوطني الديمقراطي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بعدد 11 مقعدا في عام 2009. وذهبت بعض اصوات عرب إسرائيل إلى أحزاب يهودية مثل حزب شاس اليميني المتطرف الذي يقوم بجولات انتخابية في بلدات لعرب إسرائيل ويعد بخدمات اجتماعية أكبر. وعلى الطرف الاخر تحث الحركة الإسلامية في إسرائيل التابعة لجماعة الاخوان المسلمين أنصارها على مقاطعة الانتخابات المقررة يوم الثلاثاء. وتجتذب هذه الحركة المحافظة الأصوات من خلال شبكة من الخدمات الاجتماعية. وأظهر استطلاع الرأي الذي أجرته جامعة حيفا أن أقل من 50 في المئة من عرب إسرائيل قد يصوتون في الانتخابات المقبلة مما سيؤدي إلى تحييد أكبر لصوتهم على مستوى إسرائيل. وقالت حنان زعبي "نحن أمام خيارين اثنين: إما أن نقبل أن نكون أقلية مهمشة وإما أن نناضل." وكانت حنان زعبي قد أثارت غضب نواب يهود في الكنيست عام 2010 عندما انضمت إلى سفينة احتجاج تركية حاولت خرق الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. وفي خطوة غير معتادة نشرت صحيفة هاآرتس الليبرالية مقالا افتتاحيا باللغة العربية أمس الثلاثاء يحث عرب إسرائيل على الإقبال على الانتخابات ويقول إن الإحباط والامتناع لن يجلبا شيئا جيدا. وأضاف المقال إن الإقبال العربي الكبير في هذه الانتخابات سيخدم كل من يتطلع للديمقراطية في إسرائيل سواء كانوا يهودا أو عربا وأنه يجب على المواطنين العرب في إسرائيل النزول والتصويت من أجل السلام والمساواة والديمقراطية. (إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)