يشكل فوز دعاة الاستقلال الفلامنك في الانتخابات البلدية التي جرت الاحد ودعوة زعيمهم بارت دي فيفير الى التفاوض على كونفدرالية، ناقوس انذار لبلجيكا في سياق تصاعد المطالبات الانفصالية في اقليم كاتالونيا الاسباني في اسكتلندا. فقد نجح بارت دي فيفير زعيم التحالف الفلامنكي الجديد الذي يتمتع بجاذبية شديدة، في رهانه على الفوز ببلدية انفرس، اكبر مدن الفلاندر، وانتزاعها من يد الاشتراكيين الذين يسيطرون عليها منذ 60 عاما. في الوقت نفسه نجح دعاة الاستقلال في ترسيخ اقدامهم في اقليم الفلاندر كله محققين نتائج تزيد عامة عن نسبة ال25% وان كانت التحالفات بين الاحزاب التقليدية (الليبرالي، المسيحي الديموقراطي، والبيئي) ستبقي التحالف الفلامنكي الجديد بعيدا عن السلطة في العديد من البلديات. وعلى الفور سعى دي فيفير الى اعطاء بعد وطني "لموجة الاصفر والاسود"، لوني علم الحزب والفلاندر، التي غمرت منطقة شمال بلجيكا الناطقة بالهولندية. وتحدى دي فيفير رئيس الوزراء البلجيكي، الاشتراكي الفرنكوفوني اليو دي روبو، التفاوض على الفور معه على "اصلاح كونفدرالي" يتجاوز بكثير نقل الصلاحيات الى المناطق المدرج في برنامج السلطة التنفيذية الحالية. وقال ان "هذه الحكومة لا تفعل سوى فرض الضرائب وهي غير مدعومة من غالبية الفلامنك، وهو امر غير مقبول ويجب وقفه". ويرى المحللون ان نجاح بارت دي فيفير يرجع الى قدرته على المزج بين الشعور بالانتماء الى الهوية الفلامنكية، وهو ثمرة تقليد قديم نشأ في القرن التاسع عشر عندما كانت بلجيكا خاضعة لسيطرة الفرنكوفونيين، وبين القناعات اليمينية لقسم كبير من القاعدة الانتخابية البلجيكية الناطقة بالهولندية. واشار بيار فركوتيران استاذ العلوم السياسية في جامعة مونس الى ان "الفلاندر ينتظر ليبرالية اقتصادية اكبر من التي تتيحها سياسة الحكومة الحالية مع الحد على سبيل المثال من اعانات البطالة من حيث المدة الزمنية او انهاء التعديل التلقائي للرواتب مع نسبة التضخم". واشارت اماندين كريسبي الباحثة في معهد الدراسات الاوروبية بجامعة بروكسل الحرة ان "حالة الفلاندر مرتبطة بوضوح بالسياق البلجيكي". وفي الوقت الذي وافق فيه رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون الاثنين على تنظيم استفتاء على استقلال اسكتلندا العام 2014 ويشهد فيه اقليم كاتالونيا الاسباني صعودا قويا للمطالب الانفصالية، اشارت كريسبي الى وجود اوجه تشابه بين الحركات الاستقلالية في اوروبا. فمن شمال ايطاليا الى كاتالونيا تستند هذه المطالب غالبا على نوع من "الانانية الثقافية" المرتبطة ب"انانية مادية" كما ترى هذه الباحثة معتبرة مع ذلك انه لا يوجد مثل هذا التقارب في القوى بين المجموعتين المكونتين له سوى في الفلاندر. وقد رفض اليو دي روبو الذي يراس منذ نهاية 2011 ائتلافا من ستة احزاب (ثلاثة فلامنكية وثلاثة فرنكوفونية) يشمل الليبراليين والاشتراكيين والوسطيين، مساء الاحد دعوة بارت دي فيفير الى التفاوض على كونفدرالية. واصر على العامين المتبقيين له لاصلاح البلاد سواء على الصعيد الاقتصادي او لاقامة حكم ذاتي اقليمي اوسع. واعتبر فركوتيران ان "الاجندة السياسية لن تعدل في الوقت الحالي"، مشيرا مع ذلك الى ان بارت دي فيفير سيمارس ضغوطا قوية على الاحزاب الفلامنكية الثلاثة في الائتلاف منذ الان وحتى موعد الانتخابات التشريعية المقررة في حزيران/يونيو 2014 والتي يعتبرها الكثيرون "ساعة الحقيقة" بالنسبة لبلجيكا.